عاشت المصالح الأمنية بطنجة، خلال السنة الماضية (2014)، تحت ضغط قوي نتيجة تواتر المعلومات الاستخباراتية، التي تحدثت عن وجود تهديدات إرهابية جدية وحقيقية، خاصة بعد عودة "داعشيين مغاربة" من سوريا والعراق، ما دفعها إلى الرفع من حالة التأهب إلى مستويات قياسية، واعتماد أسلوب "الحملات الاستباقية" ضد المنابع المحتملة للإرهاب، لتجنب أي ضربات إرهابية مفاجئة. وأمام هذه التهديدات، التي أفصح عنها محمد حصاد وزير الداخلية، أعطيت كل الأهمية للعمل الاستخباراتي والتنسيق بين المصالح المتداخلة في الميدان، محليا وإقليميا ومركزيا، وذلك بموازاة مع الإجراءات المتخذة لتشديد المراقبة بالنقط الحدودية، بما فيها البرية والبحرية وكذا المطارات، حيث مكنت هذه الإستراتيجية من وضع اليد على عدد من الخلايا التي كانت قد دخلت مرحلة العد العكسي لتنفيذ مخططاتها الإرهابية بالمدينة.وبتضافر جهود جميع مكونات الأجهزة الأمنية، فقد تمكنت، خلال الأشهر الأخيرة، عناصر المخابرات والفرقة الوطنية للشرطة القضائية بتنسيق مع المصالح الأمنية المحلية، من تفكيك عدد من الشبكات "الإرهابية" الخطيرة، التي كانت تعمل إما في مجال تجنيد واستقطاب النساء والرجال المغاربة قصد إلحاقهم بتنظيم "داعش"، أو تلك التي تنتمي إلى ما يسمى جماعة "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر".ويمكن اعتبار عمليتي شتنبر ودجنبر الماضيين، التي شاركت في تنفيذهما فرق أمنية مختلفة بمقاطعة بني مكادة، من أهم العمليات المنجزة خلال السنة الماضية (2014) بطنجة، بالنظر إلى خطورة العناصر الموقوفة والأفعال الإرهابية المرتكبة في حق المواطنين بذريعة "الاستحلال والفيء".فالعملية الأولى، التي نفذت ليلة الجمعة/السبت (20 شتنبر)، وتم خلالها إيقاف عصابة إجرامية "متطرفة" تتكون من ثمانية أشخاص، يعملون باعة متجولين في مدينة البوغاز، وكانوا يرفعون شعار "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، للاعتداء على المواطنين باستعمال الأسلحة البيضاء والعصي والأقنعة. وفي تفاصيل العملية، أوضح مصدر أمني، أن شخصين من الموقوفين الثمانية، تم اعتقالهما ليلا بحي "بئر الشفا" بتراب المقاطعة الحضرية لبني مكادة، إثر شكاية تقدم بها شاب قال إنه تعرض للتعذيب جلدا على يديهما، بعد أن ضبطاه وهو في حالة سكر علني، بينما جرى إيقاف الستة الآخرين خلال حملة شنتها أجهزة الأمن بعد ذلك بالحي ذاته.وأوضح المصدر، أن عناصر هذه الشبكة، تتراوح أعمارهم بين 30 و35 سنة، وينتمون إلى تيارات متشددة، وقال إنهم يتبنون الفكر الجهادي المتطرف، كما أن لهم ارتباطا بعمليات "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، وقد حجزت لديهم كتب دينية تحمل أفكار "السلفية الجهادية".وتبعا للمصدر ذاته، فإن الموقوفين المذكورين اعترفا خلال التحقيق معهما، بمشاركتهما في تطبيق حد شرب الخمر على الشاب الذي تم ضبطه في حالة سكر، إذ ظل التخوف قائما من أن تقوم عناصر هذه الجماعة، الذين لم يسبق لهم التورط في أي أنشطة إرهابية من قبل، القيام بجرائم ترتبط بإقامة الحد، من قطع يد السارق، ورجم الزناة المتزوجين، وجلد غير المتزوجين.أما بخصوص العملية الثانية، التي نفذت ليلة الاثنين/ الثلاثاء (23 دجنبر)، فتم خلالها إيقاف خمسة عناصر متطرفة ينشطون ضمن شبكة إجرامية، تعمل على الاعتداء على المواطنين بواسطة العصي والأسلحة البيضاء في عدة أحياء من المدينة، بعد أن نصبوا أنفسهم"شرطة دينية" تعمل على "فرض احترام" الشريعة الإسلامية.وحسب بلاغ أصدرته وزارة الداخلية في الموضوع، فإن المشتبه فيهم، الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و30 سنة، قاموا بالسطو على ممتلكات المواطنين من أموال وحلي تطبيقا لما اعتبروه "الامر بالمعروف والنهي عن المنكر"، إذ أحيلوا جميعا على الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بالرباط، الذي أحالهم بدوره على قاضي التحقيق المكلف بقضايا الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بسلا للاستماع إليهم في إطار الاستنطاق التمهيدي، بعد أن وجهت لهم النيابة العامة تهما تتعلق بـ "تكوين عصابة إجرامية لإعداد وارتكاب أفعال إرهابية في إطار مشروع جماعي يهدف الى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والترهيب والعنف، والانتماء إلى جماعة دينية محظورة، واعتراض سبيل الغير واستعمال السلاح الأبيض".المختار الرمشي (طنجة)