عائلات”ثلاثة في واحد”

أسر تصارع من أجل 500 درهم بعد أن سد في وجهها باب الاستفادة مفارقة غريبة بين ما روج له من أجل الدعم المباشر للفئات الفقيرة والهشة، وما يجري على أرض الواقع، فالبرنامج الذي وجه للفقراء للاستفادة منه، أضحى هو العائق، أمام الشروط التعجيزية التي وضعت أمامهم والتي تتحكم في المؤشر، الذي بناء عليه يمكنهم الاستفادة من ذلك الدعم. وجدت أسر نفسها مرغمة على البحث عن شركاء لضمهم إلى استمارة الدعم حتى يتسنى لها الاستفادة منه، يحكي عبد الرحمان متزوج بدون أبناء ويبلغ من العمر وزوجته عتيا، أنه عندما وضع طلب الاستفادة من الدعم المباشر، كان مؤشر النقط مرتفعا بالنسبة إليه ليطلب منه البحث عن أسرة ثانية لضمها لطلب الاستفادة.استغرب الأمر في البداية، لكنه وجد جاريه في الحي الصفيحي الذي يقطنه، يعانيان الأمر نفسه، فما كان منهم إلا أن يتوحدوا في طلب واحد لكي يستفيدوا من دعم 500 درهم، التي اقتسمت بينهم بالتساوي، لكن تلك الفرحة بذلك المبلغ الهزيل الذي لا يتجاوز 166 درهما لكل عائلة لم تدم كثيرا، فسرعان ما أضحوا مطالبين بدفع مبلغ مالي يقاربه للتأمين الإجباري، الذي كانوا يستفيدون من مجانيته في إطار نظام "راميد"، مما حرمهم من حق العلاج الذي يضمنه الدستور لجميع المغاربة. يحكي عبد الرحمان أنه لا يستطيع العمل بسبب سنه وما يعانيه من أمراض، وأنه في الوقت الذي يفترض أن تحميه الدولة، أضحت تطلب منه ثمن العلاج، فهو لا يستطيع حتى سد رمقه إلا بما يجود عليه بعض المحسنين، فكيف له أن يلتزم بدفع مبلغ التأمين الإجباري، "واش البركة لي تجي من عندهم نردوها ليهم". الوضع الذي عليه عبد الرحمان وجيرانه لا يختلف كثيرا عن أوضاع مشابهة لعائلات كانت تمني النفس بمبلغ 500 درهم لإعالتها، غير أن ما يعرف بالمؤشر جعلها في خانة الأغنياء بسبب امتلاكها لاشتراك في هاتف، أو خط انترنيت، أو حتى عداد الماء والكهرباء، في الوقت الذي توجد عائلات متوسطة الدخل غير أنها تستفيد من ذلك الدعم، ما يؤكد أن ما يصطلح عليه بالمؤشر لا يفعل في جميع الحالات، على اعتبار أن مظاهر الغنى التي منعت عائلات من الحصول على الدعم هي نفسها التي كانت سببا في استفادة آخرين منه. الغموض الذي يسود طريقة الاستفادة من الدعم، تجسدها حالة خدوج وهي امرأة مسنة اقتربت من السبعين ولا معيل لها، بعد وفاة والديها وأختها، وأضحت وحيدة وعندما رغبت في الاستفادة من الدعم، رفض طلبها لأنها وحيدة، وهو الأمر الذي أثار استغرابا من قبلها، متسائلة هل الوضع الذي هي عليه بمحض إرادتها، وما مصيرها خاصة أنها تعاني داء عضالا يتطلب مصاريف كبيرة لا تقوى على تدبيرها إذ لم تعد تقوى على العمل. تعسف برنامج الدعم المباشر أريدت منه حماية الفئات الهشة من الفاقة ومنحها دعما يساعدها ولو بقليل على تحسين ظروف عيشها، لكن الواقع يؤكد أن الارتباك الذي شهده البرنامج منذ انطلاقه لم يحقق الغاية منه، ما يعني ضرورة الوقوف على المعيقات والعمل على تداركها، لأن الغاية منه الحماية ولا التعسف. كريمة مصلي

عائلات”ثلاثة في واحد”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

شبهة تزوير محضر تلاحق قائدا

من "راميد" إلى "أمو"... معاناة لاتنتهي

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات