النقيب أقديم… “القاعدي بالفطرة”

ابن سوس حلم بالوظيفة العمومية بعد الخدمة المدنية والتحق بالمحاماة وكان رفيقا لبنسعيد آيت يدر قضى النقيب محمد أقديم، 42 سنة من مسار مهنة المحاماة بالرباط. ولج إليها في 1982، وبعد ثلاث سنوات حصل على الأهلية بعد اجتيازه فترة تمرين ليكون محاميا مرسما ضمن الهيأة. ويفتخر النقيب أقديم بولادته باشتوكة آيت باها وبالضبط بقبيلة "آيت أصواب" بقيادة تنالت في 24 مارس 1956. لا مشكلة للنقيب في التذكير بأن والده كان راعيا للغنم بالقبيلة، وعاش وهو يتيم الأبوين، قبل أن ينتقل إلى الرباط في 1934 وعمره لا يتجاوز سبع سنوات. ظل الوالد مرتبطا بقبيلة تنالت، ليزداد بها ابنه النقيب في 24 مارس 1956 حينما كانا في عطلة فصل الربيع بمسقط الرأس، "أنا ابن هذه القبيلة التي أنجبت العلامة الحاج لحبيب بوشواري» والذي كان فقيها وعالم دين، وذاع صيته داخل أرض الوطن وخارجه. من حالم بالوظيفة إلى نقيب التحق النقيب محمد أقديم في 1979 بالخدمة المدنية، وبعدما انتهى منها، كان يحلم بوظيفة، قبل أن يفتح المجال للراغبين في الالتحاق بمهنة المحاماة. يقول أقديم أنه بعد انتهاء مدة هذه الخدمة لم يجد منفذا للعمل، ففكر في مهنة المحاماة. و يبقى النقيب أقديم من الشخصيات التي ترد على الهاتف ولو في ساعة متأخرة من الليل. لا مشكلة لديه في الرد على المكالمات والتفاعل مع أصحابها وتقديم النصيحة لهم بطريقة تجعل المتوصل من الموكلين وطالبي الاستشارة القانونية يطمئنون على رد فعل النقيب. ورغم تدرجه في المهنة وتوليه منصب نقيب لهيأة المحامين بالرباط لولايتين، ولاية 2003/2005، وأيضا 2009/2001، وأيضا منصب رئيس لجمعية هيآت المحامين بالمغرب ولاية 2025/2017، تجد ابن سوس يتحرك في الأسواق الشعبية، ويمارس رياضة المشي ويوزع الابتسامة، ويمكن أن يتحدث حتى ساعة مع بائع "النعناع" ويسدي خدمات نصح له. شخصية قوية رغم انتمائه إلى سوس المعروفة على أبنائها مبادئ التوافق، يظهر النقيب أقديم في بعض الأحيان شخصية قوية غير معتادة، لا يعرفها الكثير. ذات مرة طلب منه شرطي عدم توقف سيارته أمام مكتبه المقابل لباب السفراء المؤدي إلى المشور السعيد ومسجد أهل فاس، بحجة أن والي أمن المدينة لا يحبذ بقاء السيارة، أحس النقيب بالإهانة ليخرج بعضا من حقائق شخصيته في الصراخ بصوت مرتفع، تخللته عبارات خشنة، حتى أن الشرطي الذي تكلف بإيصال المهمة صدم في هذه الشخصية. وكلما أحس النقيب في حالات مشابهة داخل المحاكم وخارجها باجتياز حدود اللباقة، يظهر شخصية لا تأبه بأحد، وأسمع عددا من مسؤولي القضاء "ما لم يقله مالك في الخمر". لا يتحسر النقيب أقديم على وضعية المحاماة في السابق، بل يعتبر أن الممارسة اليوم تشبه سابقتها، لكن لا يخفي حلمه في تحقيق التجربة الأنكلوساكوسونية في المغرب، "يجب أن تتطور هذه التجربة في المغرب نحو هذا النظام، والذي يمنح فرقا كبيرا بينهم وبيننا فمثلا ولاية كاليفورينا الأمريكية كان بها في 1992 180 ألف محام، ونحن لم نتجاوز 20 ألف محام". ويشير المتحدث نفسه أن الممارسة السابقة للمحاماة ظلت شبيهة بوقتنا الحالي، مضيفا أن ما يتذكره منذ ولوجه المهنة قبل 42 سنة، أن لكل محام دهشته الخاصة أثناء التحاقه بالمهنة. مدافع عن المعتقلين السياسيين يتذكر النقيب أقديم الأحداث التي شهدها المغرب ما بين 1984 و1994، واعتقال عدد من المناضلين سيما بالأحزاب اليسارية. كان أقديم في الموعد بعدما آزر عددا كبيرا منهم سيما في أحداث فاس وأيضا بحي يعقوب المنصور بالرباط، مشددا أن تلك الاعتقالات بوشرت من قبل الأجهزة الأمنية بالشارع العام. لكن ما يذكره ابن سوس أن مجمل الأحكام التي صدرت بخصوص تلك الاعتقالات كانت مخففة. قاعدي بمنظمة العمل الديموقراطي طبع مسار هذه الشخصية انتماؤها إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في 1976، وكان من الداعمين له في الانتخابات البلدية والبرلمانية في تلك السنة بالرباط، التي حاز فيها حزب المهدي بنبركة على 35 مقعدا من أصل 39، ليكون أقديم من الأذرع اليمنى لرئيس مجلسه البلدي عبدالوهاب ملين. لكن بعد 16 سنة من النضال في صفوف الاتحاد، غادره نحو منظمة العمل الديمقراطي الشعبي بقيادة محمد بنسعيد آيت يدر، ليكون أقديم قاعديا بالفطرة، وكان رافضا للوصول إلى مراكز القيادة، مفضلا البقاء إلى جانبي مناضلي الميدان. وفي 1993 منعت السلطة ترشح أقديم، لكن بحكم تجربته في المحاماة نال حكما قضائيا وترشح لا منتميا رغم أن أحد رفاقه لا مه على ذلك الترشيح بصفة لامنتم، مؤكدا "قال لي لقد أجهزت على مسارك السياسي". حينما يتهم البعض النقيب بانتمائه إلى حزب الأصالة والمعاصرة عن بعد "يطلق ضحكته الشهيرة"، وأكد في حديثنا معه بأنه لم يسبق له الانتماء إلى هذا الحزب، وأن الحكم عليه من هذا المنطق سببه علاقته ببعض الشخصيات اليسارية التي التحقت ب"التراكتور» ولم يقطع صلته بها. عبد الحليم لعريبي

النقيب أقديم… “القاعدي بالفطرة”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

زلزال إعفاءات بوزارة السكوري

آش خاصك تدير؟ ... استرجاع نقط "البيرمي"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات