إطلاق الرصاص… الشرطة أمام الخيار الأصعب

أعاد حادث استعمال شرطي ينتمي إلى منطقة مولاي رشيد بالبيضاء، سلاحه الوظيفي، في الأسبوع الماضي، وإطلاق رصاصتين لإيقاف "مشرملين" هاجموه باستعمال سكينين، محاولين الاعتداء عليه. (أعاد) الحديث عن حسم تدخلات عناصر القوة العمومية لمواجهة الجانحين بواسطة السلاح الناري. وتكررت حالات إطلاق النار من قبل موظفي الأمن، إما لإيقاف أفراد عصابة خطيرة حاولت الفرار، أو لدرء اعتداء وشيك بالسلاح الأبيض، سيما أن التدخلات التي تجري في الأحياء، غالبا ما يكون مصدرها جانحين في حالة هيجان، لا يستسلمون بسهولة ويمارسون العنف والعصيان في حق موظفي الأمن.وحالة حي مولاي رشيد انتهت بإطلاق رصاصتين، الأولى أصابت مشتبها فيه في ساقه الأيسر، والثانية أصابته في الفخذ الأيمن. بعد تسببه وشركائه في فوضى وأضرار كبيرة عندما هاجموا شقة شخص يقطن بإقامة البيضاء، للقصاص من ابنته التي كانت على علاقة بالمتهم المصاب بالرصاصتين، واضطرت إلى قطع علاقتها به مباشرة بعد دخوله السجن، ولما أنهى العقوبة، حاول الاتصال بها دون جدوى، ما أشعل في دواخله الرغبة في الانتقام.حالات أخرى يتم فيها إطلاق الرصاص على الهواء لإجبار الجانحين على الاستسلام، أو إطلاقه لقتل كلب شرس استعملته عصابة أو مجرم للاعتداء على رجال الشرطة أو الفرار.حالات كثيرة متنوعة وبمختلف المدن اضطر فيها موظف الأمن إلى استعمال السلاح الناري، لحسم المواجهة وإبعاد الخطر، بعضها لا يجنب الشرطي من المساءلة، في حال عدم تناسب استعمال السلاح مع الخطر القائم.المصطفى صفر الحماية القانونية لرجال الأمن أثناء الخدمة أحاط المشرع رجال الأمن بضمانات قانونية، في حال تعرضهم لأي اعتداء، وأقر في الفصل 263 من القانون الجنائي أنه يعاقب بالحبس من شهر إلى سنة وغرامة من مائتين وخمسين إلى خمسة آلاف درهم، من أهان أحدا من رجال القضاء أو من الموظفين العموميين أو من رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها، بأقوال أو إشارات أو تهديدات أو إرسال أشياء أو وضعها أو بكتابة أو رسوم غير علنية وذلك بقصد المساس بشرفهم أو بشعورهم أو الاحترام الواجب لسلطتهم. وفي الفصل 267 من القانون نفسه، عاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنتين من ارتكب عنفا أو إيذاء ضد أحد من رجال القضاء أو الموظفين العموميين أو رؤساء أو رجال القوة العامة أثناء قيامهم بوظائفهم أو بسبب قيامهم بها، وإذا ترتبت عن العنف إراقة دم أو جرح أو مرض أو إذا ارتكب مع سبق الإصرار أو الترصد، أو ارتكب ضد أحد من رجال القضاء أو الأعضاء المحلفين بالمحكمة أثناء الجلسة، فإن الحبس يكون من سنتين إلى خمس سنوات، فإذا ترتب عن العنف قلع أو بتر أو حرمان من استعمال عضو أو عمى أو عور أو أي عاهة مستديمة، فإن العقوبة تكون السجن من عشر إلى عشرين سنة، وإذا ترتب عن العنف موت، دون نية إحداثه، فإن العقوبة تكون السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة، وإذا ترتب عن العنف موت مع توفر نية إحداثه، تكون العقوبة الإعدام. ويرى الطاهر جلال محام بهيأة البيضاء وعضو المكتب الجهوي للمجلس الوطني لحقوق الإنسان أن المجرمين، صعدوا من وتيرة مقاومة رجال الشرطة، من المواجهة بالأيدي، إلى استعمال بعض أنواع السلاح، من الأبيض إلى الناري، كما أن عملية المقاومة لم تعد تقتصر على الشخص المراد إلقاء القبض عليه، بل إن الأمر يشمل حتى تدخل أنصاره من أفراد عصابته، الذين يهاجمون الشرطة بجرأة وجسارة ، كأنهم أصحاب حق يفرض " الواجب " الدفاع عليه. وأضاف المحامي أنه في العديد من المواجهات، أن رجال الشرطة، ينتاب سلوكهم نوع من التردد، في استعمال كل ما لديهم من إمكانيات مشروعة، وبالجرأة والحسم الضروري، وبالسرعة اللازمة لشل حركة المقاومة، والهجوم من طرف الجناة ، خاصة عند استعمال هؤلاء الأسلحة البيضاء أو النارية. فهذه الوضعية لا تحتمل التردد، لأن ذلك قد يولد وهماً لدى الجناة، بأن المواجهة الحاسمة والسريعة وبنفس الأسلحة من طرف الشرطة، إمكانية مقيدة، أو حتى ممنوعة على رجال الشرطة، وكأن ما لديهم من سلاح، هو فقط " للتظاهر والزينة " ! ، حسب اعتقاد البعض. ويعزز هذا الوهم، ما تعرض له بعض رجال الشرطة، من مساءلة عندما استعملوا سلاحهم، ولو أنهم كانوا في مواجهة خطر حال ، لا يمكن صده إلا باستعمال السلاح، إذ يكون هو وسيلتهم الوحيدة، لرد الهجوم الذي يستهدف أرواحهم أولاً ، ثم لشل حركة المهاجم ثانيا، ولعل رجال الشرطة، وتحسباً لكل هذه العواقب والتبعات، التي يستحضرونها وهم في بعض حالات الخطر الحال من طرف عتاة المجرمين، لا يقومون حتى بما يفرضه عليهم الواجب الشخصي، وهو الدفاع عن النفس. واعتبر المحامي أن الشرطة لا تحمل السلاح إلا لاستعماله عند الضرورة، وخاصة عندما تصبح في حالة دفاع عن النفس، أو عن الغير، والشرطة - والحالة هذه - يكون لجوؤها لاستعمال السلاح مشروعاً، ولا يرتب أي مساءلة ، طبقاً لمقتضيات القانون الجنائي، وخصوصاً الفصل 124 منه، التي أوردت بعض فقراته أنه لا جناية ولا جنحة ولا مخالفة في الأحوال الآتية، إذا كان الفعل قد أوجبه القانون وأمرت به السلطة الشرعية، وإذا اضطر الفاعل ماديا إلى ارتكاب الجريمة، أو كان في حالة استحال عليه معها، استحالة مادية، اجتنابها، وذلك لسبب خارجي لم يستطع مقاومته؛ وإذا كانت الجريمة قد استلزمتها ضرورة حالة للدفاع الشرعي عن الفاعل نفسه أو غيره أو عن ماله أو مال غيره، بشرط أن يكون الدفاع متناسباً مع خطورة الاعتداء. كريمة مصلي الحل الأخير ضد جانحين مسلحين "حط السيف وسلم راسك" كلمات رددها شرطي بالبيضاء العديد من المرات على مسامع شخص، كان رفقة آخرين، يحمل سيفا ويهدد بقتل كل من اقترب منه، غير أن الأخير رفض ذلك، بل الأكثر من هذا حاول مهاجمة رجال الأمن الملتفين حوله.أحس رجال الأمن أن المتهمين الثلاثة مصرون على المقاومة، أخرج أحدهم مسدسا وعاود مطالبة المتهم ورفاقه بالتوقف عن مهاجمته، غير أنه رفض ليطلق رصاصة تحذيرية في الهواء، غير أن المتهمين الثلاثة حاولوا الفرار، فتعقبهم رجال الأمن وفي لحظة محاولة القبض عليهم حاول أحدهم طعن رجل الأمن بسيف.أطلق شرطي رصاصة أصابت أحد المتهمين الثلاثة في رجله، كانوا ساعتها قد اقتربوا من دراجة نارية سريعة تخصهم، حملوا زميلهم على متنها ولاذوا بالفرار.هذه حالة من العديد من الحالات الأخرى التي يجد فيها رجال الأمن أنفسهم أمام مسلحين، بعضهم يكون في حالة تخدير، ويرفض جميع أشكال الحوار مع رجال الأمن، بل ولا يتوانى في توجيه ضربات بسيوف إليهم. بعض رجال الأمن يكتفي بإطلاق رصاصة وآخرون العديد من الرصاصات، مثلما حدث أخيرا بالبيضاء بعد أن اضطر رجل أمن إلى إطلاق ست رصاصات من مسدسه صوب أحد "المشرملين" بعد أن هاجمه بسيف وهدد بطعنه خلال عملية مطاردة له بدرب غلف بالبيضاء.الشرطي أطلق رصاصتين تحذيريتين في البداية، غير أن المتهم لم يمتثل للأوامر وواصل هربه إلى أن دخل إلى أحد المنازل بالحي سالف الذكر، و قفز من سطحه إلى آخر، واصل رجل الأمن تعقبه غير أن المتهم توقف فجأة وأشهر في وجهه سيفا، أطلق بعدها المتهم رصاصتين، أخريتين تحذيريتين لم يتراجع إثرهما المتهم، بل هاجم رجال الشرطة ليطلق أحدهم رصاصتين أصابتا المتهم في الفخذ والساق، قبل أن ينقل إلى المستشفى من أجل تلقي العلاج. تنضاف هذه الحالة إلى حالة أخرى، اضطرت خلالها عناصر الشرطة القضائية بأمن عين الشق إلى إطلاق الرصاص على شخص كان قد أشهر رفقة آخرين السلاح في وجه عناصر الأمن، ليصاب أحدهم غير أنه تمكن من الفرار كذلك، قبل أن ينتهى مسلسل مهاجمة رجال الأمن ليلة السبت الماضي بهجوم على فرقة أمنية من قبل منحرفين عاثوا في الأرض فسادا، لتضطر بعدها عناصر الأمن إلى إطلاق الرصاص ويتم القبض على اثنين منهم.حالات تكشف بالملموس أن المقاربة الأمنية المعتمدة في مثل هذه الحالات يجب أن يعاد النظر فيها، فبعث رجل أو فرقة أمنية من أجل التدخل لإيقاف جانحين، بمعدات ضعيفة، خاصة اللباس، مسألة لم تعد مقبولة على اعتبار أن الطرف الآخر غالبا ما يكون مجهزا بسيف لا يتردد في استعماله في أي لحظة ما يعرض حياة الشرطي للخطر، ويدفعه أحيانا إلى الهرب مخافة أن يلحقه أذى، وحتى ما إذا فكر في استعمال سلاحه، فإن حالة خوف شديدة تتملكه مخافة أن يتسبب إطلاق الرصاص في دخوله متاهات في حال ما إذا ترتب عنه وفاة المتهم. الصديق بوكزول

إطلاق الرصاص… الشرطة أمام الخيار الأصعب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رصاصات في القدم تنقذ شرطيا بالبيضاء

استقبال 34 ألف طلب تعويض عن فقدان الشغل

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات