“بيدوفيليا” المسنين… قنابل جنسية

شيوخ اغتصبوا أطفالا في عمر الأحفاد والظاهرة مقلقة وفي تزايد يوم الثلاثاء الماضي، قال محمد أنيس الوكيل العام للملك باستئنافية الجديدة في كلمة له لمناسبة افتتاح السنة القضائية الجديدة، إن خفض جرائم الاعتداء على الأطفال يعتبر من رهانات هذه المحكمة، وفي ذلك إحالة ضمنية على توالي الجرائم ضدهم خاصة تلك التي تتم بلمسة الاغتصاب بانتهاك حرمة أجسادهم البريئة. ولعل الوكيل العام بكلمته تلك كان يستشعر حجم القلق الكبير الذي أضحى يسيطر على بلادنا جراء اتساع دائرة المتحرشين بالصغار، وخاصة من قبل شيوخ جللهم الوقار أضحوا يترددون على الجلسات الأسبوعية بالغرف الجنائية عبر ربوع الوطن في إطار "محاكمات العار" التي تميط اللثام عن ظواهر مرضية تتربص بأطفال في إطار " بيدوفيليا مسنين"، لم يستطيعوا بأي حال من الأحوال التغلب على اضطراباتهم الجنسية ، التي أضحت تحيل على منحى تصاعدي في جرائم " البيدوفيليا" التي تضع بلادنا اليوم في الرتبة الثانية عربيا، وذلك يفرض بالضرورة استقطاع لحظة تأمل من قبل كل الذين يهتمون بشأن هذه الفئة العمرية ، على خلفية أن اغتصاب الأطفال ببلدنا أضحى " ظاهرة مجتمعية" عندما قفزت بين 2012 و2018 من 1814 حالة اعتداء إلى 5069 حالة وهي آخذة في التزايد. لكن المخيف فيها طبعا أن نسبة كبيرة من المغتصبين ليسوا دائما في عز فورتهم الجنسية، بل هم شيوخ تجاوزوا الستين سنة لكنهم في الأول والآخر " قنابل جنسية موقوتة" تحصد بين الحين والآخر ضحايا أبرياء. إنجاز: عبدالله غيتومي (الجديدة ) كانت جلسات المحاكم ببلادنا وخاصة بغرف الجنايات، تستقبل مغتصبين شبابا قادتهم لحظات طيش وفورة جنسية عارمة إلى السقوط في المحظور بهتك أعراض أطفال تسجل إحصائيات أنهم 61 في المائة إناثا و39 ذكورا، إلا أنه خلال العشرية الأخيرة لا تخلو تلك الجلسات من محاكمة مغتصبين تجاوزوا الستين سنة ، نالوا عقوبات سالبة للحرية وأضحوا اليوم بالكثرة في العديد من الأحياء السجنية يقضون مددا سجنية في الغالب تثير ردة فعل صاخبة من المجتمع المدني ، لأنها مخففة ولا ترقى إلى مستوى كفيل بردع " مشتهي الاطفال" وقطع دابر " البيدوفيليا ببلادنا التي لم تعد قضايا محصورة ومعزولة، بالقدر التي ترسخت سلوكا يستغل الشعور بالأمن الزائد لدى العديد من الأسر المغربية، وخاصة لدى أسر لا تعتني بأطفالها نتيجة الهشاشة أو تفكك عرى العلاقات الزوجية بفعل تزايد نسبة الطلاق. شيوخ في ضيافة المحاكم منذ 2004 وبأكادير تفجرت قضية عبدالعالي حاضي ذلك الستيني الذي تعرض في صغره إلى الاغتصاب وتحول في كبره إلى مغتصب الأطفال ، بل أكثر من ذلك إلى متهم بقتل تسعة أطفال عن طريق تكميم أفواههم وخنق أنفاسهم ، وفي الوقت الذي اعتقد البعض أن عقوبة الإعدام قد تكون عاملا لتحقيق ردع في صفوف " مشتهي الأطفال" ، عرفت محاكم عديدة ببلادنا فصول جرائم اغتصاب جديدة ومنها تلك التي راح ضحيتها الطفل عدنان بطنجة البالغ من العمر 11سنة، الذي استدرجه شخص رصدته كاميرا مراقبة ، إلى مكان منزو بشقة حيث مارس عليه شذوذه ولما أشبع وطره قتله وقام بدفنه ، وهو ما فجر ردة فعل عارمة في مواقع التواصل الاجتماعي تطالب بإخصاء المعتدي وإنزال عقوبة الإعدام به . وفي الجديدة تكرر الاغتصاب نفسه في شريط تدوول على نطاق واسع، فيما ما بات يعرف ببيدوفيل الجديدة الذي كان يستدرج مجموعة من الأطفال تحت غطاء تخييم صيفي، ليستفرد بهم لتفريغ نزواته الجنسية، قبل أن يصدم الجميع أمام المحكمة " أنا مثلي " وأنجذب إلى الأطفال الصغار، ولأول مرة كيفت المحكمة جريمته إلى اتجار في البشر وعاقبته بعشرين سنة حبسا نافذا. وبقرية نائية بجماعة خميس متوح فجر شريط مدته 10 دقائق ، عملية اعتداء بقال الدوار على طفلة صغيرة عمرها لا يتجاوز الخمس سنوات، ظهر يحضنها ويقبلها ، وأدى انتشار الشريط على نطاق واسع إلى توقيف " الشيخ المسن" وتقديمه إلى المحاكمة التي حضرها مسنودا على أمنيين ، في صورة مقززة تشهد على محاكمة طاعن في السن ، لم يستطع تملك نفسه، فأتى فاحشة في حق طفلة في عمر أصغر حفيداته ، وبعد المداولة حوكم بثلاث سنوات حبسا نافذا ، وبعده شيخ آخر من سيدي بنور توبع بضلوعه في اغتصاب طفلتين شقيقتين ، وحوكم بثماني سنوات حبسا نافذا . ظاهرة تتنامى أمام قانون متساهل كانت قضية اغتصاب طفلة عمرها ست سنوات، وقرار قاضي التحقيق متابعة خمسيني في حالة سراح، بمثابة عود ثقاب أشعل فتيل ردود فعل من أطياف متعددة بالمجتمع، نددت بتساهل القانون المغربي مع المغتصبين ما دفع إلى إلغاء قرار السراح المؤقت الذي منح للجاني، بعد تنازل مكتوب من طرف والد الضحية وكان ذلك بداية لفتح باب الحديث على مصراعيه أمام الثغرة القانونية، التي يثيرها تنازل الآباء للمغتصبين، ما يمكنهم من الإفلات من العقاب، ويجعل الضحايا عرضة للظلم والإساءة. وعلى خلفية ذلك جهر عبد اللطيف وهبي وزير العدل، بضرورة إلغاء ظروف التخفيف في القانون الجنائي المغربي في قضايا اغتصاب الأطفال، مع عدم الاعتداد بتنازل الآباء عن المتابعة. وذهب متتبعون إلى ضرورة تمنيع الأطفال، بنشر الثقافة الجنسية بالمناهج المدرسية، وعدم إرغام الأطفال على التلامس الجسدي بمصافحة غرباء عنهم. كما أن نجاة أنور دعت من خلال جمعية " ما تقيش ولدي" إلى تبني " آلية إنذار بيدوفيل" لتتبع مسار "بيدوفيليين" عادوا إلى المجتمع بعد أن قضوا عقوبات حبسية، مع ضرورة رعاية نفسية واجتماعية للأطفال المغتصبين. في وقت شدد آخرون على الرعاية نفسها لأشخاص تبدو عليهم ميولات جنسية غير طبيعية، ولا يستطيعون إقامة علاقات جنسية مع أشخاص من أعمارهم. للطب رأي آخر يرى عبداللطيف ركادي، اختصاصي الأمراض النفسية والعقلية، أن المقاربة القانونية تبقى ضرورية في التصدي لاعتداءات المسنين على أطفال صغار، مادام الجاني، حسبه، ورغم تقدم سنه يحافظ على قدراته التمييزية والعقلية ، وبالتالي فهو يظل مسؤولا عما يأتيه من أفعال، وزاد بأنه في حالات " الخرف" فإن الشخص يصبح لدى عرضه على خبرة طبية تؤكد ذلك، في عداد فاقدي التمييز، وبالتالي ما يقوم به ومن ذلك اغتصاب قاصرين ، يجعله من ذوي القدرات العقلية الناقصة ، وأنه لما سعى إلى هتك عرض قاصر فإنه لم يكن راغبا في تلبية شهوة جنسية ، واستطرد ركادي أنه على العموم ورغم تقدم السن فإن ذلك لا يضعف دائما القدرات الجنسية ، وبالتالي فإن القانون واضح في هذا الصدد، أن من تأكدت سلامة قواه العقلية لحظة إتيانه الاغتصاب، فإن معاقبته واجبة لصون المجتمع من كل أشكال "البيدوفيليا" التي تعتبر انتهاكا لبراءة أطفال لا يميزون في الغالب، الأفعال الخطيرة التي يتعرضون لها وتكون لها انعكاسات نفسية خطيرة عليهم تلازمهم حتى في الكبر. الطفولة خط أحمر يرى بوشعيب الصوفي، المحامي بهيأة الرباط، أن جرائم الاعتداءات الجنسية على الأطفال تثير ردود أفعال واستهجانh من قبل جميع مكونات المجتمع المغربي، لأنها تستهدف جسم الطفولة الذي هو خط أحمر يمثل الكرامة والعرض، وزاد بأنه مع المقاربة الأمنية والردع لأن جرائم "البيدوفيليا" منتشرة في كل مكان، وأنه لا يجب التساهل مع كل من يحمل جينة هذا المرض الخطير، الذي بالضرورة يتعين استئصاله بأحكام القانون، وأنه في ذلك لا هوادة مع "البيدوفيليين" حتى ولو كانت أعمارهم متقدمة، ومن كان مريضا منهم فليعالج في السجون. واعتبر بوشعيب الصوفي أنه لا بد من تدخل المشرع لتعديل النصوص المتعلقة بالاعتداءات الجنسية والاتجار في البشر، باستغلال الأوضاع الاجتماعية المتردية لإتيان هذه الأفعال المذمومة، خاصة في الفضاءات المغلقة، كالبيوت ودورات المياه وبالتالي ذلك حسبه يطرح إشكالية إثبات جرائم الاعتداءات الجنسية، التي تتخذ تلك الفضاءات المغلقة سندا للبراءة ولأحكام مخففة. وأظهر المحامي ذاته الذي رافع في قضية بيدوفيل الجديدة، أن أحكاما متناقضة ومتباينة تصدر عن المحاكم ببلادنا، ما تترتب عنه في الغالب أحكام مخففة تساعد البيدوفيليين على التمادي، وتكون لها تأثيرات نفسية سلبية على الضحايا ولا تحقق الردعين الخاص والعام، ومن هنا ترتفع الدعوة إلى توحيد الاجتهاد القضائي، حتى تأتي الأحكام محققة للأمن القضائي، المنصوص عليه في المادة 117 من الدستور المغربي، التي تحيل فعلا على الشعور بالاطمئنان في صفوف أطفالنا. وختم الصوفي بأن الحكم الصادر في حق بيدوفيل الجديدة القادم من أناسي، بعشرين سنة سجنا نافذا موضوعي ويشجع على القطع مع عهد الأحكام المخففة، التي كانت من بين أسباب نشر البيدوفيليا ببلادنا، وأن من شأن هذا الحكم جعل كل البيدوفيليين يتراجعون إلى جحورهم . تفاعل أمني سريع مع مواقع التواصل عند الاطلاع على وسائل التواصل الاجتماعي بخصوص جرائم اعتداءات جنسية على أطفال من قبل بالغين، يظل القاسم المشترك في ردود أفعال عموم المغاربة، هو استهجان تلك الجرائم والدعوة إلى إنزال أقصى العقوبات بالبيدوفيليين، دون شفقة ولا رحمة بل إن وسائل التواصل الاجتماعي تحولت في بلادنا إلى وسيلة للكشف عن الذين ينتهكون كرامة هذه الشريحة، التي في الغالب تفتقر إلى تمييز الأفعال الممارسة عليها، والمثال على ذلك أن فيديو بيدوفيل الجديدة وهو يحضن طفلا عمره تسع سنوات بالشاطئ ويقبله في فمه التقطته امرأتان كانتا لحظتها بالقرب من مسرح هذا الانتهاك، وسلمتاه للأمن السياحي الذي باشر تحقيقا مع البيدوفيل انتهى بمحاكمته بعشرين سنة، وأيضا الشيخ البالغ من العمر 88 سنة بقال دوار خميس متوح ، كشفه شريط فيديو وهو يقبل طفلة صغيرة. وفي جميع الآراء المعبر عنها إزاء هذه الاعتداءات، فإنها تلتقي كلها في الدعوة إلى عدم التساهل مع الجناة وإنزال أقصى العقوبات بهم ، بينما اتفق الكثيرون بأن بلادنا تفتقر إلى مصاحبة نفسية ضرورية للأطفال الضحايا حتى يتجاوزوا صدمة هتك أعراضهم. ولم تظهر على جدران مواقع التواصل الاجتماعي أي دعوات متعاطفة مع من ينتهكون أجساد الطفولة ، عندما كتبت إحداهن " لا رأفة بالمغتصبين ولو كانوا في سن 100 سنة ، لأن الندوب التي تخلفها أفعالهم الخبيثة لا دواء لها على نفسية الضحايا". وكتب آخر" لا يتعين التساهل مع هاتكي أعراض أطفال صغار، لأن ذلك ليس إضرارا بأعضاء حميمية، لهم ولكن هي وصمة عار تلازم الضحايا في مجتمع لا يرحم"، وذكر بما قاله ضحية بيدوفيل الجديدة وهو طفل عمره 9 سنوات، " لا تحكموا على مغتصبي حتى بالإعدام اتركوه طليقا وعندما أكبر سأقتله".

“بيدوفيليا” المسنين… قنابل جنسية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصخيرات... الدرك في مواجهة الجريمة

حصاد العاصفة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات