الأختام المزورة… الجريمة المتطورة

استغلتها شبكات في تزوير شهادات وعقود عدلية للسطو على عقارات أعاد إيقاف شبكات الأختام المزورة بتارودانت وورزازات بحر هذا الأسبوع، إلى الواجهة ملف التزوير والاتجار في الأختام الإدارية التابعة للدولة للراغبين في النصب والاحتيال، بعد الحجز على عدد كبير من أختام إدارات عمومية ومؤسسات خاصة وأخرى شبه عمومية، والعثور على عدة وثائق مزورة من قبيل دبلومات وشهادات مهنية وأختام تابعة لمؤسسات قضائية ومؤسسات جهوية وعدة إدارات حيوية. عبد الجليل شاهي (أكادير) تعتبر جريمة التزوير في الأختام، من جرائم الإخلال بالثقة العامة، وهي جرائم تحدث بشكل فوري وتقوم على العمد الناتج عنه إضرار بالغير، كما أنها تعتبر من الجرائم الحديثة لأنها نشأت وتطورت مع نشوء وتطور الكتابة التقليدية والإلكترونية. ورغم تفكيك العديد من العصابات التي تنشط في الأختام المزورة، ومجهودات مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، إلا أن إحداث نظام معلوماتي متطور، أصبح ضرورة ملحة لوضع حد لهذه الجريمة المتطورة. موظفون في قفص الاتهام تمكنت عصابات التزوير في الأختام من فرض نفسها داخل المجتمع المغربي، ووجدت لها مكانا لدى الباحثين عن تزوير وثائق، ومحررات رسمية وعرفية، وانتحال صفات ينظمها القانون لتسهيل ارتكاب أعمال النصب على الراغبين في الهجرة، وكذا تقديم وعود وهمية بتوفير تأشيرات وعقود للعمل بالخارج لفائدتهم، كما حدث مع العصابة المتخصصة في التزوير بتزنيت، التي تستغل أختاما مزورة للاستيلاء على عقارات خاصة وأخرى في ملك الدولة. واستطاعت هذه العصابة أن تنفذ عمليات ببني ملال وورزازات وأزرو وتنغير وعين تاوجطات وإيموزار، خلال أكتوبر الماضي، بشكل متواطئ وعمدي، في تزوير وثائق ملكيات عدلية، بغرض الاستيلاء على عقارات تدخل في إطار الملك العمومي أو تعود ملكيتها للخواص، خصوصا من الأجانب. ونجحت عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، بناء على معطيات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من تفكيك هذه العصابة التي كانت تضم أزيد من 21 شخصا، من بينهم عدول ومستشار جماعي وموظفون عموميون ومستخدمون جماعيون، كما تم حجز مجموعة من وثائق الملكية وعقود العمل والتأشيرات المزورة، فضلا عن حجز وسائل ودعامات تخزين ومعدات معلوماتية تستعمل في أعمال التزوير، علاوة على ضبط إيصالات لتحويلات مالية يشتبه في أنها من عائدات هذه الأنشطة الإجرامية. وفي عملية أخرى، فككت عناصر الأمن الوطني بورزازات بناء على معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، الاثنين الماضي، عصابة متخصصة في توفير وثائق تتضمن معطيات تدليسية للحصول على تأشيرات السفر للدول الأوروبية، كما أوقفت خمسة أشخاص من بينهم ثلاثة موظفين عموميين وصاحب مكتبة، وذلك للاشتباه في تورطهم في تزوير الوثائق التي تدخل في إعداد ملفات طلب التأشيرة وتنظيم الهجرة غير الشرعية. وأسفرت عملية التفتيش المنجزة بداخل المكتبة الموجودة بالمنطقة القروية ايكيوين بضواحي تينغير، عن حجز جهازي حاسوب يحتويان على آثار رقمية لمجموعة من جوازات السفر وعقود العمل ومختلف الوثائق والمحررات المسجلة في اسم الغير. التهرب الضريبي تنشط بداية كل سنة، الشبكات الإجرامية في التزوير واستعمال خواتم مزورة في تسهيل التهرب الضريبي، أمام إقبال الشركات على البحث عن فواتير وهمية من أجل تضخيم المصاريف، أو تقديم فواتير بأختام مزورة من أجل تخفيض قيمة الرسوم والضريبة على القيمة المضافة، للاستفادة من تخفيضات مهمة في أداء الضرائب. وسجل فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، أن الإجراءات الضريبة الجديدة التي حملها مشروع قانون المالية لسنة 2024، تعمل على التصدي لإشكالية التهرب الضريبي وتضع حدا لـ"سوق الفواتير الوهمية"، مع تنزيل القانون الإطار المتعلق بالإصلاح الجبائي في ما يرتبط بتكريس الحياد الضريبي، وتحقيق العدالة الضريبية. وكشف لقجع أن المغرب يتكبد خسارة سنوية تفوق 52 مليار سنتيم، جراء التملص الضريبي عامة، فيما تخسر خزينة الدولة 45 مليار سنتيم جراء التحايل الضريبي لبعض الشركات المغربية، وتهربها من أداء الضريبة على الأرباح غير المصرح بها . ووفق تقرير دولي حول العدالة الضريبية، فإن المبلغ الذي يخسره المغرب بسبب التهرب الضريبي يعادل الأجر السنوي لحوالي 130 ألفا و186 ممرضا، أو يوازي 20 بالمائة من الميزانية السنوية المخصصة لقطاع الصحة العمومية بالمغرب. وعبر العديد من الفاعلين المهنيين في قطاع المحاسبة عن استيائهم من انتشار فواتير تحمل أختاما مزورة وأسماء شركات تجارية، كما تعرض للبيع بمبالغ مهمة بين المحاسبين، و توجه للاستعمال في عمليات تزوير ملفات الخضوع للضرائب. التزوير الإلكتروني تطورت جريمة الأختام المزورة، مع ظهور وسائل التكنولوجيا، والتطبيقات المرتبطة بالتصاميم الإلكترونية، خاصة برنامج "الفوطوشوب"، الذي سهل على المجرمين عملية تزوير الأختام والوثائق المعلوماتية. وكشفت عناصر الأمن الوطني بإنزكان، أخيرا، عن إيقاف عصابة تتكون من شخصين، بناء على معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، لتورطهما في تزوير شهادات ودبلومات دراسية ومهنية وتضمينها أختاما وطوابع تخص مؤسسات عمومية وخاصة، وترويجها مقابل مبالغ مالية مهمة، كما أسفرت عمليات التفتيش المنجزة داخل نادي الأنترنت الذي يسيره أحد الموقوفين عن حجز عدد من الأختام، والوثائق المزورة، من بينها دبلومات وشهادات نجاح وكشوفات للنقط صادرة عن مؤسسات للتعليم العالي ووثائق تعريف باسم الغير، فضلا عن حجز دعامة تخزين وجهازي حاسوب أظهرت الخبرة التقنية الأولية أنها تتضمن آثارا رقمية لعمليات التزوير. جريمة التزوير المتعلقة بالكمبيوتر وبوثائق المعلوماتية، دفعت المغرب إلى التوقيع على اتفاقية "بودابست"، التي تجرم في مادتها السابعة فعل التزوير المتعلق بالكومبيوتر، إذ أوجبت على كل دولة طرف بأن تعتمد ما قد يلزم من تدابير تشريعية و تدابير أخرى لتجريم الأفعال التالية في قانونها الوطني، إذا ما ارتكبت عمدا، وبغير حق، و تسببت في إلحاق خسارة بملكية شخص آخر عن طريق أي إدخال أو تبديل أو محو، أو تدمير لبيانات كومبيوتر، أي تدخل في وظيفة كومبيوتر ، بقصد احتيالي للحصول و بدون وجه حق على منفعة اقتصادية لصالح الشخص ذاته أو لصالح الغير، كما أقرت بأن جريمة التزوير من الجرائم العمدية. وتمكنت عناصر الدرك الملكي ببيوكرى خلال الشهر الماضي، من إيقاف شاب يعرض دبلومات للبيع على وسائل التواصل الاجتماعي، مقابل مبالغ مالية، وتم العثور بحوزته على مجموعة من الشهادات المزورة تحمل أسماء مجموعة من المستفيدين على أساس أنها صادرة عن إحدى المؤسسات التعليمية، كما كشفت الأبحاث عن تعمد الشاب إلى استعمال أختام مزورة باسم المؤسسة المرغوبة، ويقوم بتزوير الأختام وأسماء الأشخاص المضمنة بها، لتقديم شهادات ودبلومات دون تلقى تكوين للراغبين في ملء السيرة الذاتية. قضايا عديدة تروج العديد من القضايا المرتبطة بالتزوير هذه الأيام أمام المحاكم، بين من يبحث عن تزوير الأختام والوثائق للحصول على تأشيرة السفر للهجرة خارج المغرب، وبين من يبحث عن دبلومات وشهادات مزورة للدخول إلى سوق الشغل، فيجد نفسه أمام شبكات وعصابات متخصصة في التزوير، فيصبح حلم الهجرة أو العمل مجرد وهم، بعدما يجد نفسه في ردهات المحاكم، وفي غياهب السجون يقضي عقوبة حبسية، لم يفكر فيها يوما ما. كما سبق أن أدانت المحكمة الابتدائية بتزنيت، 5 أشخاص بست سنوات حبسا نافذا وغرامات مالية قردها 9 آلاف درهم، على خلفية تورطهم في شبكة تنشط في تزوير تأشيرة السفر إلى فرنسا “فيزا شينغن” بعدما أدانتهم من أجل تزوير وثائق تصدرها الإدارات العامة واستعمالها والمشاركة في ذلك. كما أدانت الهيأة نفسها، شخصين آخرين من ضحايا الشبكة بـ6 أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 1000 درهم لكل واحد منهما، من أجل المشاركة في عملية التزوير، مع تحميل الأظناء الصائر تضامنا وتحديد مدة الإجبار في الأدنى باستثناء متهم واحد دون إجبار، مع مصادرة المبلغ المالي المحجوز لفائدة الخزينة العامة وبإتلاف الوثائق المحجوزة. تحديث النصوص القانونية اعتبر رشيد أمسكين، محام بهيأة أكادير، أن جرائم تزييف أختام الدولة والطـوابع والعلامات، تعتبر من الجرائم الخطيرة و المنـتشرة، وأضاف أن التزوير في أختام الإدارات وسيلة يستعملها البعض لتحقيق مآربهم الشخصية بصفة غير قانونية، لهذا حرص المشرع المغربي إسوة بباقي التشريعات، على تنظيم هذه الجريمة وتنزيل عقوبات على مرتكبها و ذلك في الفصول 342 إلى غاية 367 من القانون الجنائي. وأوضح امسكين لـ"الصباح"، أن المشرع المغربي ميز في عقوبة مرتكب الجرائم المذكورة أعلاه وفقا لمحل الجريمة، إذ شدد في عقوبة تزوير أختام الدولة في الفصل 342 من القانون الجنائي، وجعل العقوبة هي السجن المؤبد، في حين خفف عقوبة تزوير أختام المصالح الإدارية وفي المحررات العرفية فاعتبرها جنحة و ذلك في الفصل357، وما يليه من القانون الجنائي. وحتى تتحقق جريمة التزوير في أختام الدولة أو الأوراق الرسمية أو العمومية، لابد أن يتم باستعـمال إحدى الوسائل المنصوص عليها في الفصل 354 من القانون الجنائي، والمتمثلة أساسا في التزييف أو التحريف في الكتابة أو التوقيـع وخلق أشخاص، وهميين أو استبدال أشخاص آخرين، وغيرها من الوسائل المذكورة في الفصل المشار إليه أعلاه. وكشف أمسكين أن المشرع المغربي ميز في جرائم التزوير، بين فعل التزوير واستعمال الوثيقة المزورة، وجعلهما جريمتين مستقلتين عن بعضهما، على اعتبار أن المشـرع المغربي عاقب أيضا مستعمل الورقة المزورة، مع علمه بتزويرها بالعقوبات المقررة للتزوير، وفق ما نص عليه الفصل 359 و356 من القانون الجنائي. وشدد أمسكين على ضرورة تطوير وتحديث النصوص القانونية، وجعلها تتلاءم مع خطورة الجريمة من جهة، وخصوصيتها من جهة أخرى، حتى تستطيع تحقيق غايتها في محاربة الجريمة والحد منها وتعزيز الثقة بين المواطن والإدارة . اعتماد التوقيع الرقمي تفاعل العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مع أخبار اعتقال شبكة الأختام المزورة بتارودانت وورزازات، وكانت تعليقات رواد الفضاء الأزرق تطالب بحل جذري لهذا المشكل، الذي يؤثر على الفرد والمجتمع والاقتصاد المغربي، مؤكدين في تدوينات مختلفة أن هناك مجهودات تبذل من قبل مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، التي توفر معلومات دقيقة حول قضايا الأختام المزورة، وتفكيك عصابات وشبكات التزوير في الدبلومات والشهادات والوثائق الإدارية. وعلق عمر في تدوينة على اعتقال عصابة تارودانت، وحجز المئات من الأختام المزورة لمختلف الإدارات العمومية والمؤسسات الحيوية،" هذه جريمة خطيرة، تستدعي الجهات المعنية للتدخل بشكل عاجل وصارم، من أجل اتخاذ الإجراءات التي من شأنها حماية المجتمع من هذه الآفة، بتطوير الإجراءات التقنية والفنية ووسائل ضمان وحماية الوثائق والمستندات الإدارية، كالاستعانة بأوراق تحمل مواصفات خاصة كالعلامات المائية وسلك الضمان". وعبر علي قائلا" إن وسائل التكنولوجيا تستعمل بشكل مخيف في التزوير، ومع تطور التطبيقات والمنصات الرقمية الخاصة بالتصميم والتصوير، أصبح التزوير في الأختام والوثائق متاحا بشكل كبير"، وطالب الجهات الوصية بضرورة التدخل لدى الجمعيات والأشخاص الطبيعيين ومراكز التكوين غير المرخص لها، من قبل قطاع التكوين المهني، الذين يستغلون الشباب والراغبين في دخول سوق الشغل، ويمنحونهم دبلومات التمريض والحلاقة والتجميل وشهادات تخصص معلوميات وغيرها من التخصصات غير المعتمدة، بمبالغ مالية مهمة كل شهر لمدة سنتين أو ثلاث. وأكدت حبيبة على ضرورة إحداث نظام معلوماتي متطور يعتمد على التوقيع الرقمي، واستخدام التكنولوجيات الرقمية، من منصات وتطبيقات للحد من ظاهرة التزوير، مع تبسيط المساطر الإدارية، والانتقال إلى العالم الرقمي للتصدي لجميع لحالات التزوير، التي تطول الشهادات والدبلومات والوثائق الإدارية.

الأختام المزورة… الجريمة المتطورة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حجز مخدرات بأمسكروض

آش خاصك تدير ... مسطرة التعرض على الأحكام

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات