وثائق سرية ترصد 40 سنة من الحرب الدبلوماسية

جرت عادة وزارة الخارجية الأمريكية، أن تفرج بين الفينة والأخرى، عن وثائق تخص متابعتها للعلاقات الدولية، والصراع الدائر بين الدول. وفي الحالة المغربية، يتعلق الأمر بمعلومات جمعتها سفارة واشنطن، في الرباط حول قضية الصحراء، الوثائق تتضمن عددا من البرقيات تحمل توقيع سفارة الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب. الحسن الثاني يفشل أول مؤامرة في صيف 1978 بعث سايروس فونس، كاتب الدولة الأمريكي في الخارجية إلى رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حينها، جيمي كارتر، برقية يكشف فيها أن أمورا كثيرة تجري في قضية الصحراء، وقال كاتب الدولة الأمريكي في برقيته إن مقر الرئيس الفرنسي فاليري جيسكار ديستانغ احتضن أطرافا في نزاع الصحراء، يتعلق الأمر بالمغرب والجزائر، وذلك كل على حدة، مضيفة أن الطرفين توصلا إلى اتفاق يقضي بأن يتم تقسيم الصحراء بين المغرب، الذي كان يفترض أن يحتفظ بالساقية الحمراء، وجبهة بوليساريو التي كانت ستُمنحها منطقة وادي الذهب. الحدث تزامن مع الانقلاب الذي قاده الرئيس الموريتاني السابق "ولد هيدالا"، الذي أبدى رغبته في مغادرة وادي الذهب والابتعاد عن مشكل الصحراء الذي أنهك الاقتصاد الموريتاني الهش ووضع نواكشوط في قلب الصراع مع بوليساريو.البرقية التي كشفتها الخارجية الأمريكية، ومؤرخة في 1978، تقول إن اجتماعا سريا جرى في غشت 1979 واحتضنته الجزائر، تم خلاله التآمر بين جزائر بومدين وموريتانيا "ولد هيدالا" وبوليساريو، اتفقوا في سرية تامة أن تتخلى نواكشوط عن منطقة وادي الذهب للجبهة، ليبقى المغرب وحده أمام ما تبقى من تسوية النزاع في الصحراء، غير أن الحسن الثاني استبق تنفيذ العملية بأن استقدم أعيان المنطقة المذكورة لتقديم البيعة.لقد كانت الخطة، تقول برقية سايروس فونس، كاتب الدولة الأمريكي في الخارجية حينها، تستند إلى إحداث كيان سياسي في قطعة من الصحراء التي تتخلى عنه موريتانيا، وادي الذهب، غير أن خرجة الملك الراحل الحسن الثاني أربكت الجميع. حرب الحدود تتحول إلى صراع وجودوثيقة ثانية، تكشف طبيعة الصراع الدبلوماسي المحتدم بين الرباط والجزائر، من "وليام كاندت" مساعد المستشار "زوبينيو برزيسينسكي" المكلف بالأمن الأمن القومي في عهد الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، حول الصحراء. تتحدث الوثيقة عن استياء المغرب من استمرار استنزاف قدراته في حرب عصابات تشنها جبهة بوليساريو بالمراوغة والاختباء. وتضيف البرقية (رقم 6040 بتاريخ 15 شتنبر 1977)، أن "النزاع بين المغرب والجزائر حول الصحراء ليس ذا أولوية بالنسبة إلى السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، ولكن ليس لنا أي مصلحة في أن نرى التوترات تستمر". تقول البرقية الأمريكية "دون شك ظل المغرب يطالب بموريتانيا إلى حدود 1970، وبأجزاء من الجزائر إلى 1972.البرقية كشفت أن الحرب الدبلوماسية ضد المغرب، وصلت إلى حد فرض توصية داخل منظمة الوحدة الإفريقية، تقضي بعدم تغيير الحدود الموروثة عن الحقبة الاستعمارية، وهو القرار الذي رفضه المغرب. باعتبار أن فرنسا منحت جزءا من الأراضي المغربية، إبان استعمارها بالمنطقة إلى النفوذ الجزائري، السبب الذي دفع الجارة الشرقية للمغرب إلى القبول بمبدأ عدم تغيير الحدود الموروثة عن الاستعمار لأنها تدرك اقتطاعها لجزء من الأراضي المغربية. الوثيقة ربطت بين الحرب الدبلوماسية ضد الرباط وموقف الجزائر الداعم لتأسيس وتمويل جبهة بوليساريو. وتشير الوثيقة ذاتها، تعليقا على هذا الدعم الجزائري، إلى أن "دوافع الأخيرة كثيرة ومتعددة ومختلطة، ولكن يبدو جليا أن الرئيس هواري بومدين لم تعجبه الطريقة التي عامله بها الحسن الثاني وجعله خارج السياق. حينها قرر بومدين خلخلة توازن المغرب عن طريق بوليساريو". الجزائر تنقلب على الحكم الذاتيعلى مدار الصراع المغربي الجزائري بشأن قضية الصحراء، ظلت الاستخبارات الأمريكية متابعة لما يجري خلف الصراع. وثيقة أخرى في الموضوع تكشف كيف أن الرئيس الجزائري السابق، الشاذلي بنجديد، طلب سنة 1988، من السلطات المغربية في عهد الملك الراحل الحسن الثاني تمتيع الصحراء بحكم ذاتي محدود في الصحراء لحل النزاع الدائر بين الجزائر والرباط حول القضية، مضيفة أن العرض أملته قناعة المؤسسة العسكرية الجزائرية بأن جبهة بوليساريو لم تحقق بواسطة حمل السلاح، آخر خيار في مواجهتها مع الرباط، استقلال الصحراء عن التراب المغربي، وهو الأمر، تضيف الوثيقة السرية لوكالة الاستخبارات الأمريكية، الذي كان يروم من خلاله الرئيس الجزائري إقناع الملك الراحل الحسن الثاني لحضور القمة الاستثنائية التي انعقدت بالجزائر العاصمة آنذاك.الاقتراح الجزائري بشأن منح المغرب نظام الحكم الذاتي في الصحراء، تقول الوثيقة الاستخباراتية، أن مستشاري الرئيس الجزائري هم من أملوه عليه في سياق حل الأزمة السياسية التي كانت تعرفها البلاد في ذلك الوقت، وذلك بعد تزايد حركات الاحتجاج والأصوات الرافضة لاحتضان جبهة بوليساريو في مخيمات تندوف جنوب غربي الجزائر، ودعوات وقف اقتسام جزء من الثروة وعائدات "سوناطراك"، بعد أن انكشف أن الأمر يحمل خزينة الدولة الجزائرية ملايير الدولارات واستنزاف خيرات الشعب الجزائري في دعم قضية تدر أموالا طائلة على الأرصدة البنكية الخارجية لجنرالات في المؤسسة العسكرية الجزائرية، وهو الضغط الشعبي الذي انفجر حين هاجم محتجون مقر بوليساريو نهاية الثمانينات.إحسان الحافظي

وثائق سرية ترصد 40 سنة من الحرب الدبلوماسية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نزاع الصحراء ساحة حرب مؤجلة

الجزائر تسخن الحرب الباردة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات