“كريس كولمان 24” صنيعة جزائرية

أكدت الباحثة المختصة في مجال التواصل، ياسمين الحسناوي، أنه عكس الانطباع السائد بأن التسريبات التي استهدفت الدبلوماسية المغربية أخيرا ليست إلا مبادرة فردية لشخص يريد إسماع صوته عن طريق "التويتر"، فإن العمل يحمل بصمات جهاز متمرس يعمل بأحدث التقنيات المتاحة في المجال. ولأن كل الإشارات المتأتية من التسريبات تسير في اتجاه المواقف المعادية للوحدة الترابية، اعتبرت الحسناوي أن الأمر لن يحتاج إلى مجهود كبير للقول بأن المخابرات الجزائرية هي الفاعل الأصلي في هذه الحرب الإلكترونية على المغرب. اتهمت الوزيرة المنتدبة لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون امباركة بوعيدة الجزائر بالوقوف وراء الحرب الإلكترونية ضد المغرب، هل تتفقون مع هذا الطرح؟ من خلال تتبعي لمسلسل التسريبات التي استهدفت، في الأشهر الأخيرة الدبلوماسية المغربية، يمكنني الجزم بأن العملية، عكس الانطباع السائد بأنها مبادرة فردية لشخص يريد إسماع صوته عن طريق التويتر، من إنجاز جهاز متمرس يعمل بأحدث التقنيات المتاحة في المجال. ولأن كل الإشارات المتأتية من التسريبات تسير في اتجاه المواقف المعادية للوحدة الترابية، فإن الأمر لن يحتاج إلى مجهود كبير للقول بأن المخابرات الجزائرية هي الفاعل الأصلي في هذه الحرب الإلكترونية وتريد أن توحي بأن ذلك يتم بمبادرة من شخص يتبني أطروحة بوليساريو الانفصالية.وبغض النظر عن صحة تلك الوثائق أو راهنيتها، فإن طريقة الحصول عليها وتسريبها تعد انتهاكا خطيرا لسيادة الدولة المغربية، خاصة أن قرصنة العناوين الإلكترونية لبعض الدبلوماسيين المغاربة تزامنت مع التقرير الذي قدمه المبعوث الشخصي للأمين عام الأمم المتحدة إلى الصحراء، كريستوفر روس، أمام أعضاء مجلس الأمن، لذلك فإن هذه الوقائع تجعلنا نتساءل عن الإجراءات التي تتخذها الدولة لتحصين دبلوماسيتها من كل اختراق، خاصة في ما يتعلق بمجال المراسلات الإلكترونية، على اعتبار أن العناوين الرسمية على الشبكة العنكبوتية تخضع في العادة لمعايير مشدد في الحماية من كل انتهاك محتمل، تماما كما هو الحال بالنسبة إلى الحقائب الدبلوماسية. هل يعني ذلك أن المغرب متأخر في هذا المجال؟ هنا تجدر الإشارة إلى مسألة مهمة في موضوع حماية المعطيات الإلكترونية بالمغرب، ذلك أن أكثر من نصف الحسابات والعناوين المغربية غير متطابقة مع معايير ومقتضيات القانون رقم 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، وهو ما يسهل عملية اختراق المواقع والحسابات، على اعتبار أن هناك طرقا كثيرة لقرصنتها وسرقة المعطيات المضمنة فيها، بل وتغيير محتوياتها. لكن يلاحظ أن العملية تتم بطريقة غير احترافية؟ التسريبات المذكورة تتم بواسطة حساب على التويتر اسمه "كريس كولمان 24"، يريد القائمون عليه إعطاء الانطباع بأن الأمر يتعلق بحساب شخصي لصحـــــــــــــــــــــــــــراوي انفصالي، لكن طريقة الاستهداف، ونوعية الوثائق توضح بما لا يدع مجالا للشك بأن العملية من إنجاز فريق عمل متمرس يعمل وفق أجندة معينة تهدف ضرب الدبلوماسية المغربية وبالتالي خدمة الأطماع التوسعية للنظام الجزائري بمحاولة إضعاف المغرب دوليا وعزله إقليميا. كما أن الواقفين وراء تسريبات حساب "كريس كولمان 24" بالموقع الاجتماعي "تويتر" على مستوى عال من الاحترافية، رغم التمويه المستعمل بهدف إظهار العملية في صورة عمل هاو بدافع فضح بعض الأسرار سواء كانت ضد المغرب أو لمصلحته، وذلك من خلال الحرص على نشر وثائق في صالح المغرب، لكن ذلك ليس إلا ذرا للرماد في العيون، حتى لا يتأكد للعالم بأن الأمر يتعلق بعملية منظمة ومخطط لها بشكل احترافي وباستعمال برامج معلوماتية دقيقة لا يمكن فك شفراتها إلا من قبل أناس يخبرون جيدا تقنيات التجسس الإلكتروني.لكن الخطير في هذا العمل المخابراتي المدروس أن أصحابه لا ينشرون إلا الوثائق القديمة التي لا يمكن استعمالها في الحرب الدبلوماسية على المغرب، وهو ما يتطلب من الأجهزة الأمنية المغربية عدم استبعاد فرضية وصولهم إلى وثائق أخرى غير تلك المسربة والعمل على مواجهة كل اختراق في المستقبل بتحصين العناوين والحسابات الالكترونية الرسمية وحتى الشخصية للمسؤولين عن الدبلوماسية المغربية، كما هو معمول به في باقي دول العالم، إذ لا يمكنه استعمال الطرق العادية في تبادل الوثائق ونقل المعلومات الرسمية. هذا يعني أن الحساب المذكور ينخرط في مخطط أكبر يمكن الربط بين الجبهة الجديدة للحرب الجزائرية على المغرب بالميزانية التي خصصتها الجارة الشرقية أخيرا لهذا الغرض، إذ كشف المركز الوطني للبحث العلمي في باريس، منتصف غشت الماضي أن الجزائر تخصص جزءا كبيرا من ميزانيتها ومداخليها من النفط لمعاكسة المغرب، وذلك ضمن ميزانية تسلح تقدر بأزيد من 250 مليار دولار هي الأعلى إفريقيا.وعكس ما يتم ترويجه من خلال بعض الوثائق المسربة عن قصد فإن الدعم الجزائري لبوليساريو لا يتم عن طريق تخصيص ميزانية معلومة للدولة الوهمية، أكثر من ذلك فإن الجارة الشرقية تفتح جبهات باسم الانفصاليين وتأخذ أجهزتها المخابراتية والدبلوماسية حربا بالوكالة مدفوعة الثمن من جيوب دافعي الضرائب الجزائريين. أجرى الحوار: ياسين قُطيب

“كريس كولمان 24” صنيعة جزائرية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحرب الاقتصادية بسلاح إغلاق الحدود

المغرب يخصص 40 مليار درهم للجيش ولتسلح متنوع

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات