الجنس الرضائي… الواقع المرفوض

اتخذ المطالبون بالحريات الجنسية الرضائية بين البالغين، من مواقع التواصل الاجتماعي، ساحة لمعركة يقودونها افتراضيا، إلا أن ذلك لم يمنع بعضهم من تأسيس حركات لها الناطقون الرسميون باسمها، يخرجون بين الفينة والأخرى بمطلب إسقاط القوانين التي تعاقب البالغين الذين يمارسون علاقات جنسية رضائية. وجود قوانين تجرم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، لا يلغي الظاهرة، التي ضربت جذورها في أعماق تربة المجتمع المغربي، وأخرجت سيقانها وأورقت في زوايا الحدائق العمومية والأماكن المظلمة والشقق المفروشة و»البرتوشات»، وغيرها من الفضاءات السرية التي يلجأ إليها الراغبون في ممارسة علاقات جنسية رضائية. «الصباح» قاربت الموضوع من جهتيه المتقابلتين، واستمعت إلى مؤيدي المطلب ضمن الحريات الجنسية الرضائية بين البالغين، كما أنصتت إلى مبررات الرافضين. حقوقيون يدافعون عن الحرية الجنسية ذكر لحبيب حجي، رئيس جمعية الدفاع عن حقوق الإنسان، أن جمعيته طالبت في آخر مؤتمر لها برفع التجريم عن العلاقات الجنسية الرضائية لأنها تدخل في إطار الحريات العامة وغير مضرة بأي شخص، ولأنها، يضيف حجي، كما يدل عليها اسمها تتم بالتراضي بين شخصين، "بل إنها بالعكس مفيدة للسلامة الصحية للإنسان خاصة من الناحية النفسية، فالجنس ضرورة في حياة أي إنسان، والحياة الجنسية السوية من معايير التوفر على صحة سليمة وفق معايير عالمية، تدل أيضا على ما مدى كون هذا المجتمع أو ذاك مجتمعا سويا".ونبه الفاعل الحقوقي، في اتصال أجرته معه "الصباح"، إلى أن العلاقات الجنسية الرضائية تحمي من الانحرافات المثلية وتساهم في خلق نوع من الاستقرار داخل المجتمع. "كل هذه الأمور جعلتنا منذ انعقاد آخر مؤتمر نطالب برفع التجريم عن العلاقات الجنسية الرضائية وجميع الإجراءات المصاحبة من قبيل إجبارية الإدلاء بعقد الزواج قبل طلب غرفة للمبيت لأي زوج، فيما لا يطلب من فتاتين أو شابين مثلا أرادا الإقامة في الغرفة ذاتها ما يثبت صلة القرابة بينهما، فيما الحال أنه يمكن أنهما ولجا إلى غرفة الفندق بغرض ممارسة الجنس".ورغم أن مطالب الجمعية رفعت منذ قرابة السنتين، إلا أن رئيسها أكد أن كل ما حصلت عليه الجمعية كانت بعض ردود الأفعال الصادرة عن نشطاء إسلاميين، "علما أنه حتى الدين متشدد في إثبات العلاقات الجنسية المحرمة ووضع شروطا دقيقة لإثبات الزنا"، معتبرا أن مثل هذه الردود تعكس "وجود عقد جنسية، مع العلم أن الجنس السليم هو المتعة الأولى في حياة أي إنسان تليه باقي المتع الأخرى من مأكل ونوم وغيرهما".وفيما شدد حجي، أن مطالب منع التجريم تخص فقط العلاقات الجنسية الرضائية بين البالغين، وليس القاصرين أو الخيانة الزوجية، وإن "كانت ما تزال هناك علامات استفهام في الأخيرة، إذ بعيدا عن الالتزام والارتباط المعنويين، لا توجد إشارة في عقد الزواج إلى منع الزوج من ممارسة الجنس مع غير زوجته"، ذكر برسالة كان وجهها إلى وزير العدل طالبه فيها بمنع التجريم وترك هامش عن وعي للحرية الجنسية، لأنه لا يمكن محاربة الفساد بهذه الطريقة، فكم من ممارسة جنسية تتم خارج إطار الزواج في اليوم، بالفنادق وغيرها؟ من جهتها، نبهت خديجة الرويسي، رئيسة جمعية بيت الحكمة إلى المفارقة التي وصفتها ب"الخطيرة"، وقالت إنها تعكس الخلط الكبير الذي صار يطبع العديد من الأمور، ففي الوقت الذي يجب فيه تجريم ممارسات من قبيل الاعتداء الجنسي والاغتصاب والبيدوفيليا، التي تجسد انتهاكا صريحا لحقوق الإنسان، يجب أن تكون للمشرع الكلمة القوية فيها، نجد إما أن القوانين ضعيفة أو لا يتم تطبيقها، "علما أن ملينون و100 ألف امرأة تعرضن لاعتداء جنسي، 2 في المائة منهن فقط يصلن إلى القضاء، وتصدر أحكام لصالح 1,7 في المائة منهن فقط، وتوجد 27 ألف حالة اغتصاب لطفل أو طفلة سنويا، أي بمعدل 71 طفلا وطفلة يتم اغتصابهم يوميا، لنفاجأ بأن بعض الأحكام تقتصر على سنة حبسا لمن ثبت تورطهم".في المقابل، تضيف الرويسي، في تصريح ل"الصباح"، عندما يمارس البالغون علاقات جنسية، بطريقة رضائية وباتفاق، يتدخل المشرع، مؤكدة "هذا لا يعني القانون في شيء لأنه يتم برضى الطرفين، ويدخل في إطار الحرية الفردية، وحتى من الناحية الدينية، هذا لا يعني إلا الممارسين، لأنه لا توجد لدينا في ديننا الكهنوتية".هجر المغلي

الجنس الرضائي… الواقع المرفوض

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الزمزمي: الجنس كان على مر التاريخ بالتراضي

أجـور نصـف الموظفيـن تقـل عـن 6 آلاف درهـم

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات