فدوى الزايدي… ثلاثية الألم

شابة فقدت ساقيها وتعاني مع المؤشر من أجل العلاج وتتشبث بغد أفضل اليتم وضيق الحال والإعاقة، ثلاثية تصاحب فدوى الزايدي، منذ سنوات، ورغم ذلك تصر على التشبث بأي بصيص من الأمل للتداوي من الألم، مزودة بعزة نفسها وكبريائها. فتاة في ريعان شبابها ابتليت باليتم في سن الثالثة عشرة لتخرج وهي مازالت طفلة للعمل في البيوت خادمة لسد رمق الجوع، إذ لا معيل لها بعد وفاة والدتها في 2004، واستطاعت إلى حد ما أن تعتمد على نفسها رغم صعوبة الأشغال التي تقوم بها، عوض أن يكون لها مقعد في الدراسة. مباشرة بعد وفاة والدتها، تأكدت فدوى أنها لم تعد طفلة ولم يعد لها الحق في أن تعيش سنوات الطفولة والمراهقة، رغم صعوبة الأمر إلا أنها استطاعت التكيف معه مع مرور الوقت، واستمر الأمر سنوات، كانت خلالها تبحث دائما عن الأفضل لها وتصارع مرارة الأيام. تحكي فدوى التي أصيبت بمرض أفقدها ساقيها، أنها خلال العمل بالمنازل كانت "تخدم" في بيت أجنبي تساعد زوجته في الأعمال المنزلية، وكما يقال رب صدفة خير من ألف ميعاد، في أحد الأيام تشاجر الأجنبي مع شخص عهد له بصباغة ركن من منزله، بعدما لم ينه الأشغال فطرده، وبدون تردد أو تفكير طرحت فدوى على صاحب المنزل أن تعمل على صباغته، بعد أن تنهي عملها المنزلي، وبعد أخذ موافقة الزوجة منحها ذلك العمل، الذي لم تكن تظن أنه سيكون طريقها إلى اكتشاف موهبة دفينة داخلها وهي موهبة الرسم. بعد ما كانت فدوى تنتهي من العمل تحمل معها ما بقي من الصباغة وتشرع في الرسم على جدران الغرفة، التي تؤويها بمنطقة "بلاج دافييد" بسكن عشوائي، ومع توالي الأيام حولت تلك الجدران إلى لوحة فنية، بإمكانات بسيطة. الأيام الجميلة في حياة فدوى تكاد تعد على رؤوس الأصابع، إذ في 2014، تمكن الألم من ساقيها وأضحت تشعر بألم غريب لا يمكن تحمله، ونظرا لضيق اليد، لم يكن أمامها سوى الطب العام، الذي كانت تلجأ له للحصول على مسكنات لم تعد تفي مع مرور الأيام بدورها، وازداد الألم الذي أقعدها في المنزل، وبعد معاناة طويلة توجهت إلى المستشفى الجامعي ابن رشد، ليتم اكتشاف أن المرض والالتهاب قد تمكنا من ساقيها، ولم يعد هناك أي حل سوى البتر. لا يمكن لأي إنسان أن يتحمل ذلك الخبر، فالأمر يتعلق بالساقين معا، ولإيمانها بقضاء الله وقدره اقتنعت بضرورة إجراء العمليتين، ورغم ذلك استمرت المعاناة، على اعتبار أن الأدوية التي تتناولها تسبب لها هشاشة في العظام، إذ يتطلب الأمر أدوية باهظة الثمن كانت تستفيد منها في السابق من خلال بطاقة "راميد"، غير أنه بعد إلغائها والعمل بنظام الحماية الاجتماعية، انضاف مشكل جديد لفدوى وهو المؤشر، الذي منعها من الاستفادة من العلاج، لأنها وحيدة وأرقام المؤشر بالنسبة إليها مرتفعة، مشكل أضحى يرهق فدوى، التي رغم كل متاعبها فهي متشبثة بالأمل للتغلب على الألم، لكن الوضع الحالي بدأ منسوبه ينخفض لديها، فلا يعقل أن عيشها بمفردها يكون عائقا أمام الاستفادة، فهي لا تطلب سوى الاحتفاظ بحقها في العلاج، خاصة أن المرض الذي تعانيه يمكن أن تكون له مضاعفات خطيرة على ما بقي من أجزاء في جسمها إذا توقفت عن العلاج. فدوى المبتسمة دائما تعيش برفقة قططها ولوحاتها، التي تمكنت من رسمها بأدوات بسيطة، تطمح في غد مشرق تستطيع من خلاله تنظيم معرض تشكيلي، وحق في العلاج وهي أبسط حقوق يمكن للمجتمع أن يوفرها لها. كريمة مصلي

فدوى الزايدي… ثلاثية الألم

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

ضربة موجعة للجيش بسبب الشغب

زياش يواصل التألق بتركيا

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات