عدم الفوز بمنصب النقيب من موانع الترشح

حق الترشح لانتخابات عضوية مجلس هيأة المحامين حق من الحقوق المدنية المخولة للمحامي عمل مجلس هيأة المحامين بالبيضاء على تعديل المادة 145 من النظام الداخلي للهيأة، حيث تبعا للتعديل المذكور فإن من ترشح لمنصب النقيب ولم يحالفه الحظ ليس من حقه الترشح لعضوية المجلس، هذا التعديل في نظري في حاجة إلى تحليل وقبل ذاك إلى تقعيد وتأصيل لنحاول أن نرى هل هذا التعديل يتماشى مع القانون أم الأمر عكس ذلك، وهل بعدم طعن النيابة العامة في التعديل المذكور بعد تبليغها أصبح التعديل نافذا حتى وإن كان مشوبا – جدلا – بالعوار؟ أولا: شروط الترشيح لعضوية المجلس بالرجوع إلى قانون مهنة المحاماة فإن المشرع اشترط شروطا في المرشح لعضوية، وتبعا للمادة 88 من قانون مهنة المحاماة فإن المترشح لعضوية مجلس الهيأة يشترط فيه ألا يكون قد صدرت في حقه عقوبة تأديبية، وألا يكون محكوما عليه أو متابعا في قضية تمس بالشرف أو المروءة. ثانيا: شروط الترشيح علاوة على الشروط المذكورة أعلاه وتبعا للتعديل الذي طال النظام الداخلي خاصة في مادته 145، فإنها اشترطت زيادة على باقي الشروط المذكورة في من يريد الترشح لعضوية المجلس ألا يكون قد ترشح لمنصب النقيب، وهو ما يثار معه تساؤل نعتبره مشروعا، أيهما أولى بالتطبيق قانون مهنة المحاماة أم النظام الداخلي للهيأة؟ ثالثا: تراتبية القوانين كما هو غير خافٍ على المهتمين بالحقل القانوني مبدأ هرمية التشريع حيث يكون الدستور (أو التشريع الأساسي) في قمة الهرم متبوعا بالقوانين التنظيمية متلواً بالتشريع العادي – وهو القانون الصادر عن البرلمان - ثم التشريع الفرعي، والفيصل الناظم لمبدأ تراتبية أو هرمية القوانين هو عدم جواز مخالفة التشريع الأدنى لتشريع أسمى منه وهو ما يثار معه التساؤل الآتي هل تعديل المادة 145 من النظام الداخلي للهيأة يتماشى مع قانون المهنة أم يخالف قانون المهنة؟ رابعا: التقييم القانوني لتعديل المادة 145 كما أسلفنا أن النظام الداخلي يأتي في رتبة دنيا بعد قانون المهنة، ومن ثم كان لزاما أن يكون أي مقتضى من مقتضيات النظام الداخلي غير مخالف لقانون المهنة لا نصا ولا روحا، فضلا على أن اشتراط النظام الداخلي لشرط عدم الترشح لمنصب النقيب يكون من باب لزوميات ما لا يلزم، فلو أراد المشرع اشتراط ذلك لوقع التنصيص عليه صراحة، وبالتالي أمام غياب التنصيص التشريعي على ذلك الشرط صراحة يبقى مضمون المادة 145 من النظام الداخلي مشوبا بالعوار المستمد من مخالفة النظام الداخلي لقانون أسمى منه. خامسا: لوائح المرشحين على ضوء القانون المنظم للمهنة بناء على المادة 89 من قانون مهنة المحاماة فإن مجلس الهيأة يصدر خلال النصف الأول من أكتوبر من السنة التي تجري فيها الانتخابات مقررا بتحديد أسماء المحامين الذين لهم حق الترشح لمنصب النقيب ولعضوية المجلس، مع مراعاة شروط الأهلية للترشح المنصوص عليها أعلاه – أي المادة 88 – وهي الشروط التي ذكرناها سلفا. وعليه فإن كل من ذكر اسمه في ذلك المقرر – مبدئيا – يبقى من حقه الترشح، لكن إذا ما ربطنا هذه المادة بما وقع تعديله في المادة 145 من النظام الداخلي فإن ذلك يتعذر من منطق قانوني ومنطق زمني كذلك مترابطين بعضهما ببعض. أما عن التعذر القانوني فإذا سايرنا ما جاءت به المادة145 من النظام الداخلي في تعديلها وأردنا تطبيقه على أرض الواقع فإنه يتعين إسقاط أسماء المحامين الذين سيترشحون لمنصب النقيب والذين لن يفوزوا من مقرر المجلس بتحديد تلك الأسماء، ذلك أنه إذا ما نشر الاسم – مبدئيا – فإنه يبقى من حق صاحبه الترشح. وأما عن التعذر الزمني فنشر مقرر المجلس المحدد لأسماء المحامين الذين لهم حق الترشح يكون سابقا عن إيداع طلبات الترشيح، أي أنه زمنيا لا يمكن إسقاط أسماء محامين بعينهم، ذلك أنه لا يمكن معرفة هل سيترشحون أم لا ثم هل سيفوزون أم لا. سادسا: تأصيل التعديل إن حق الترشح لانتخابات عضوية المجلس هو حق من الحقوق المدنية المخولة للمحامي، وإذا أضفنا كما سبق أن اشتراط ذلك الشرط هو من باب لزوميات ما لا يلزم، فإن الفصل 109 من (ق ل ع) قد يشكل لنا ملاذا مدعما لأطروحتنا ووجهة نظرنا، حيث جاء في الفصل المذكور "كل شرط من شأنه أن يمنع أو يحد من مباشرة الحقوق والرخص الثابتة لكل إنسان كحق الإنسان في أن يتزوج، وحقه في أن يباشر حقوقه المدنية، يكون باطلا ويؤدي إلى بطلان الالتزام الذي يعلق عليه. أي وبإسقاط الفصل المذكور على مقتضى المادة 145 من النظام الداخلي، فإن ما وقع اشتراطه يبقى باطلا، ذلك أنه يمنع ويحد في الوقت نفسه من الترشح للعضوية، إذا ما لم يفز من كان مرشحا قبلها لمنصب النقيب، والجزاء يبقى هو كون شرط عدم الفوز مانعا من الترشح يبقى باطلا، وكون الالتزام بعدم الترشح الملقى على من لم يفز بمنصب النقيب التزاما باطلا كذلك. سابعا: عمومية وتجريد القاعدة القانونية لا يخفى أن القاعدة القانونية عامة ومجردة، فإذا ما تماشينا مع هذا التعديل اختلت العمومية والتجريد، فالمرشح الذي لم يحالفه الحظ في الفوز بمنصب النقيب بالدار البيضاء ممنوع من الترشح لعضوية المجلس، والمرشح الذي لم يفز بمنصب النقيب في هيأة أخرى مسموح له الترشح لعضوية المجلس وهو ما تأباه القاعدة القانونية العامة والمجردة. ثامنا: هل يتحصن المعدوم؟ من وجهة نظر قانونية صرفة أعتقد أن التعديل الذي جاءت به المادة 145 من النظام الداخلي، كما أسلفنا، يبقى باطلا بطلانا مطلقا أو إن شئنا و من غير مغالاة قلنا إنه معدوم، و على افتراض أنه وقع تبليغ النيابة العامة بالتعديل ولم تطعن في إبانه تبعا لسلطتها التقديرية أو تراءى لناظريها أن ذلك التعديل قانوني فإن المقرر المعدوم هو كالميت لا يرتب أي آثر و لا يتقيد ميعاد الطعن فيه بأجل ذلك أن عرض الأمر على القضاء وتأكده من معدومية ذلك التعديل فإن المقرر القضائي الذي سيصدر سيكون فقط كاشفا لتلك المعدومية وليس منشئا لها. وإذا ثبتت المعدومية السابقة المتحدث عنها، وإذا كانت المصلحة هي مناط الدعوى فإنه يبقى ذا صفة ومصلحة كل مرشح لم يحالفه الحظ للظفر بمنصب النقيب في أن يطعن في القرار القاضي بحرمانه من الترشح ولإعادة الحالة إلى ما كانت عليه واستعادة أهليته في الترشح. * محام بهيأة البيضاء

عدم الفوز بمنصب النقيب من موانع الترشح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

محام: موكلي لم يتعمد القتل

الإطاحة بمروج مخدرات بعين تاوجطات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات