قاتل زوجته: شتمتني فخنقتها

الأبناء أصيبوا بصدمة قوية منعتهم من حضور أطوار جلسة محاكمة أبيهم في جلسة مارثونية مثيرة استمرت إلى ساعة متأخرة من الليل، بتت، أخيرا، غرفة الجنايات الابتدائية بطنجة، في واحدة من أبشع الجرائم التي شهدتها عاصمة البوغاز، بطلها زوج ستيني استدرج شريكة حياته إلى غابة بضواحي المدينة، وأجهز عليها بوحشية ودفنها بحفرة عميقة، قبل أن يتوجه نحو شاطئ قريب من مسرح الجريمة للاسترخاء والاستجمام، وكأنه تخلص من كيس "قمامة متعفن". وحظيت هذه القضية باهتمام كبير من لدن جمعيات حقوقية وجمهور غفير من المواطنين، الذين ملؤوا القاعة المخصصة للبت ابتدائيا في الملفات الجنائية، وتابعوا أطوار محاكمة زوج تجرد من إنسانيته وتنكر لامرأة أنقذته من موت محقق، بعدما نهش جسمه السرطان، وقادت حملة تبرعات مكنتها من جمع مبلغ مالي أجرت به عملية جراحية معقدة له لاستئصال جذور المرض الخبيث. لحظات عصيبة عاشها أبناء الضحية "عائشة"، وهم يترقبون قرار المحكمة في حق قاتل والدتهم، الذي لم يكن سوى رب أسرتهم، الذي قرر وضع نهاية مؤلمة لرفيقة حياته، التي قضت معه أزيد من ربع قرن وأنجبت له خمسة أبناء، لم يخطر ببال أحد منهم أن يتحول والدهم الهادئ إلى وحش آدمي ويقوم بقتل أقرب الناس إليه بدم بارد لأسباب لا يتقبلها العقل ولا الإنسانية. صدمة قوية أصيب بها أبناء الهالكة، منعتهم من حضور أطوار جلسة محاكمة أبيهم، الذي رفض هو الآخر المثول أمام هيأة الحكم، والتمس، عن طريق وكيله، استنطاقه عن طريق تقنية التناظر المرئي (عن بعد)، وهو ملتمس حظي بالقبول. انطلقت الجلسة حوالي الساعة الواحدة والنصف زوالا، حين ظهر المتهم (عبد الله.ل) على شاشة مقابلة لهيأة الحكم، وهو جالس على مقعد داخل غرفة معدة للبث المباشر بسجن طنجة، حيث بدا عليه الارتباك ولسان حاله يقول بأنه قاب قوسين من حكم قاس لما اقترفه من جرم في حق زوجته، إذ بعد أن تأكد رئيس الهيأة من هويته، التي جاءت مطابقة لما هو مضمن بمحضر الضابطة القضائية، وتذكيره بالمنسوب إليه وفصول المتابعة، قررت الهيأة مناقشة ملف القضية، وأتاحت الفرصة لهيأة الدفاع قصد التطرق للحيثيات التي تحتاج للتوضيح، سواء من حيث الشكل أو المضمون، قبل أن تنتقل إلى استنطاق المتهم، الذي سرد بكل عفوية تفاصيل جريمته البشعة. وحش آدمي ساد هدوء تام كافة أرجاء قاعة الحكم بعدما شرع القاضي في استنطاق المتهم، حيث وجه له مجموعة من الأسئلة كان أولها لماذا قتلت زوجتك؟، ليجيبه "عبد الله"، دون أن تظهر معالم الندم في لهجته وحديثه، "قتلتها حين كنا معا نقوم بجولة وسط غابة مجاورة للمستشفى الجامعي محمد السادس بجماعة أكزناية، وعاتبتها على صرفها مبلغا ماليا في أشياء تافهة، إلا أنها لم تتقبل عتابي وشرعت في سبي وشتمي بطريقة مستفزة، ما أفقدني السيطرة على أعصابي، فخنقتها بقوة دون أن تكون لي نية قتلها، إلا أنها فارقت الحياة، فقمت بدفنها في حفرة عميقة داخل الغابة لإخفاء معالم الجريمة. وهل قمت بالترصد لها واستدراجها إلى مسرح الجريمة؟ يسأل رئيس الجلسة المتهم، الذي نفى ذلك نفيا قاطعا وأكد أنه اتصل بالهالكة هاتفيا واتفق معها على القيام بجولة داخل الغابة المجاورة للمستشفى الذي تشتغل فيه ابنتهما، من أجل الترويح عن النفس، ولم تكن له نية القتل أبدا، وهو ما فنده ممثل النيابة العامة في تدخله، حين أكد أن المتهم قام بترصد زوجته عندما أوصلت ابنتها للمستشفى الجامعي الذي تشتغل به، واستدرجها نحو غابة هوارة، وهو عاقد العزم على إنهاء حياتها بتلك الطريقة البشعة، مبرزا أنه قام بإسقاطها وربط يديها ورجليها، ثم وضع لصاقا على فمها وأخرج حبلا مرره على رقبتها وخنقها إلى حد الموت. ندم واستعطاف في ختام الأسئلة المحرجة التي وجهت للمتهم، سأل القاضي: هل تشعر بالندم؟ فصمت "عبد الله" قليلا قبل أن يتابع " إني أشعر بالعذاب داخل السجن، لاسيما عندما أرى السجناء يأكلون ويضحكون وينامون، بينما أنا أظل طيلة الليل دون أن يغمض لي جفن، حيث أصبحت الآن أطلب من الله أن يعجل بموتي حتى أستريح من هذا العذاب". وأمام هذه الاعترافات، لم يجد دفاع المتهم وسيلة لإقناع هيأة الحكم ببراءة موكله، واكتفى بتقديم ملتمس بإعادة تكييف التهمة وتفعيل المادة 103 من القانون الجنائي المتعلق بالضرب والجرح المفضيين إلى الموت دون نية إحداثه، معللا ملتمسه بأن المتهم ارتكب هذا الفعل الجرمي تحت تأثير ضغوطات نفسية واجتماعية صعبة، إلا أن ممثل النيابة العامة عارض الملتمس وأكد على ضرورة إنزال أشد العقوبات على المتهم وحرمانه من ظروف التخفيف، ومحاكمته وفقا للفصول 393 و392 و393 و581 و584 من القانون الجنائي، التي تصل عقوبتها إلى الإعدام. منطوق الحكم بعد أن كان المتهم آخر من تكلم ولم يضف شيئا جديدا في القضية، أعلن رئيس الهيأة رفع الجلسة وحجز الملف للمداولة والنطق بالحكم في آخر الجلسة، لتقرر الهيأة بعد ذلك إدانة المتهم وفقا لفصول المتابعة، وحكمت عليه بالسجن المؤبد بدون صائر، بعد أن واجهته بجناية "القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والجرائم المتعلقة بالمقابر وحرمة الموتى". واعتمدت الهيأة في حكمها على اعترافات المتهم (عبد الله)، التي أدلى بها أمام النيابة العامة وقاضي التحقيق، وكذا أثناء استنطاقه من قبل هيأة الحكم بواسطة تقنية التناظر المرئي، معتبرة أن أقوى ما يؤخذ به المتهم هو اعترافه على نفسه، خاصة إن جاء هذا الاعتراف أمام هيأة قضائية دون أي ضغط أو إكراه، ليخرج المتهم من قاعة البث إلى محبسه مطأطأ الرأس لتنفيذ الحكم، دون أن يبدي أي اعتراض أو ردود أفعال تجاه القرار المتخذ ضده. المختار الرمشي (طنجة)

قاتل زوجته: شتمتني فخنقتها

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إحباط محاولة اقتحام السياج الحدودي لسبتة

ورطة متعهدي حفلات التضامن مع غزة

مقالات ذات صلة