الحاج التباع … المحقق الخطير

تتلمذ على يده خيرة المسؤولين الحاليين في فك ألغاز جرائم مستعصية العميد الإقليمي إدريس التباع أو "الحاج" كما ظل يلقبه المنتسبون لجهاز الشرطة، ترك بصمات لا تنسى وسط مصالح الشرطة القضائية بالرباط وتمارة ومراكش، أو مصالح الهيآت الحضرية. وظل يعتبر مدرسة تقليدية في فك ألغاز جرائم، وأغلب من اشتغل بجانبه سيما بالرباط، تقلد مسؤوليات كبرى في جهاز الشرطة، بعدما كسب معارف في تدبير الأبحاث الجنائية. الحاج إدريس التباع هو مسؤول أمني غير عاد، مر بمجموعة من المصالح، فكل من اشتغل إلى جانبه كسب أسرار العمل في جهاز الشرطة القضائية بحلوها ومرها، وكان إدريس البصري وزير الداخلية السابق معجبا بعمل ابن بلدته. تخرج هذا المسؤول برتبة عميد شرطة من المعهد الملكي للشرطة، ليتدرج في مجموعة من الرتب آخرها عميد إقليمي وهو رئيس لأمن سلا، واشتغل قبلها رئيسا للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن الرباط، كما اشتغل رئيسا للشرطة القضائية بتمارة ومراكش. المحقق الخطير كل من سألته عن ابن سطات، يرد عليك بأنه كان أخطر محقق مر على صعيد عاصمة المملكة، وكان يتميز بذكاء خارق للعادة، إلى درجة أن مسؤولين دفعوا بأبنائهم وأقربائهم وأصهارهم إلى العمل إلى جانب الحاج التباع، ضمنهم حفيظ بنهاشم المدير العام للأمن الوطني السابق، الذي كلف ابن عاصمة الشاوية للإشراف على صهره الملقب ب"بتي أحمد" بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية بالرباط، ليكون منه عنصرا ذا كفاءة عالية. المسؤول الذكي رغم أن الحاج إدريس التباع اشتغل في زمن لم يكن ينتظر فيه المسؤولون، نتائج الخبرات التقنية وتحليل الآثار الرقمية، لتكوين قناعتهم، بل كان يفضل البحث الميداني بامتياز، ويبحث في الجريمة بطرق تقليدية، تنجح تكهناته في الوصول إلى مرتكبي الجرائم. يحكي مسؤول تتلمذ على يده في حديث مع "الصباح" أن منزلا تعرض للسرقة وسط الرباط في تسعينيات القرن الماضي، وحضر الحاج التباع إلى مسرح الجريمة، وبعد قيام عناصره بإجراء معاينات أولية وعدم وجود ما يفيد في ترك الجاني لوسائل الإثبات، أثار المسؤول الأمني غائط، ليأمر فورا بإحضار مشتبه فيه. عمل أفراد الشرطة على استقدام المشتبه فيه، وفور إدخاله لمكتب رئيس الشرطة القضائية رد عليه "عاود درتيها ثاني"، ليظهر البحث اعتراف اللص بارتكابه السرقة، إذ كلما ارتكب سرقة وإلا قضى حاجته داخل مسرح الجريمة. كما حل لغز جريمة ذبح بحي المسيرة بيعقوب المنصور، جرت المناداة على الحاج التباع الذي كان في عطلة، بعدما حيرت الجريمة مختلف فرقه، وبعدما وصل إلى منطقة السور الأحمر، أمرهم باستقدام شخص تبين أنه الفاعل في الجريمة، ولم يكن فيه لا استعمال الهاتف ولا "واتساب" ولا خبرات أخرى، بل الذكاء الذي ظل يتميز به ابن عاصمة الشاوية وراء كشفه مرتكب الجريمة الخطيرة. تخرج مسؤولين على يد التباع أغلب من اشتغل إلى جانب الحاج التباع بجهاز الشرطة القضائية تحمل مهام كبرى، على رأسهم والي الأمن السابق مولود أخويا الذي ترأس المصلحة الولائية للشرطة القضائية بالرباط، وبعدها رئاسة أمن سلا، ليتم تعيينه واليا على أمن طنجة، وبعدها نائبا لوالي أمن القنيطرة. كما ساعدت الخبرة التي تلقاها والي الأمن عبدالرحمان عفيفي على يد الحاج التباع، في وضع الثقة فيه على رأس المصلحة الولائية للشرطة القضائية بالقنيطرة، ثم رئيسا لأمن سيدي سليمان وسلا وقلعة السراغنة. ووصل "تلاميذ" آخرون إلى مناصب بمصالح الشرطة القضائية، بل أصبحوا مراجع في حل ألغاز جرائم مستعصية، أهمهم العميد "اصويبرات" الذي توفي قبل أشهر، وأيضا العميد الفوالي والعاقل...، واللائحة طويلة، فكلما طلبت مناصب لتقلدها بالشرطة القضائية، تلجأ مديرية الشرطة القضائية إلى البحث عن سير ذاتية اشتغلت إلى جانب الحاج التباع. عدم الإنصاف توفي العميد الإقليمي الحاج التباع في أكتوبر 2019، لكن بعد حصوله على التقاعد، كان يشتكي من عدم إنصافه، وكان يمني النفس بالمناداة عليه لتدريس تجربته في الأبحاث التقليدية بمعاهد ومدارس تكوين الشرطة. ولم يكن يخفي تواصله مع تلاميذه السابقين في حال وقوع جرائم مستعصية لإعطائهم توجيهات ونصائح رغم نيله التقاعد، علما أن ذلك لم يصل إلى الدوائر المركزية للأمن، وكان يعتبر تدخلاته دافعها الأول الغيرة الوطنية وحماية البلد من الإجرام. المدافع عن صغار الأمن كل من استسفرته "الصباح" من الذين اشتغلوا إلى جانب الحاج التباع، إلا وأثنى على سلوكه الجيد في التعامل مع أفراد الشرطة سيما صغار الأمن، وكان لا يبعث بالتقارير إلى المديرية المركزية إلا في الحالات التي تدخل على خطها النيابة العامة. وكان صاحب النكثة البدوية القادمة من عاصمة الشاوية، وأثناء تشييع جنازته سرق بعض رجال الأمن دقائق معدودات لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة عليه، كما حضر مسؤولون أمنيون مركزيون إلى بيته لتقديم واجب العزاء. عبد الحليم لعريبي

الحاج التباع … المحقق الخطير

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جثة تستنفر أمن مكناس

آش خاصك تدير؟ ... حفر بئر

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات