تهريب اختصاصات الجماعات

حيكر قال إن الهرولة في اتجاه الشركات الجهوية تخفي انتزاع صلاحيات دستورية للمنتخبين وصف عبد الصمد حيكر، نائب رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب، ورئيس فريق الحزب بجماعة البيضاء، السرعة في منح مرفق توزيع الماء والكهرباء والتطهير السائل للقطاع الخاص بأنها تضييق من اختصاصات المجالس المنتخبة، ومغامرة غير محسوبة في قطاعات إستراتيجية وحيوية وشديدة الحساسية . في ما يلي نص الحوار: أجرى الحوار : ياسين قُطيب ما هي أسباب تصويتكم بالرفض على قانون إحداث الشركات الجهوية ؟ > صوت حزب العدالة والتنمية بالرفض على القانون رقم 83.21 المتعلق بالشركات الجهوية المتعددة الخدمات، ليس لأنه يخلو من الإيجابيات ولكن لأن سلبياته أكثر، ولأننا نعتبر أن توزيع الماء والكهرباء اختصاص ذاتي للجماعات المحلية وهي التي يجب أن تختار نمط تسيير هذه المرافق، وأنماط التدبير المتاحة أمام الجماعات محددة حصرا بواسطة قانون تنظيمي ليس من بينها الآلية التي جاء بها القانون المذكور، فالأنماط الواردة في القانون المنظم للجماعات المحلية رقم 113. 14 تتوزع بين التسيير المباشر أو التدبير عن طريق الوكالة أو شركات التنمية المحلية، أو التدبير المفوض، أو بواسطة الشراكة مع القطاع الخاص، لذلك اعتبرنا أن في الأمر تهريبا لاختصاصات الجماعات المحلية. كما أن المشروع يواجه إشكالية قانونية لأنه تعارض مع قانون أسمى من درجة قانون تنظيمي، فقد كان الأولى البدء بتعديل القانون الأسمى لكي يسمح بهذه الآلية وتضاف الى لائحة أنماط تدبير المرافق العمومية من قبل الجماعات الترابية. إن تأسيس هذه الشركات سينتزع اختصاصا ذاتيا للجماعات المحلية كفله لها الدستور والقوانين التنظيمية، لذلك لم نكن متفقين مع هذا التحول وبهذه الصيغة، لكننا تفاعلنا إيجابا مع المبادرة وقدمنا عددا من التعديلات التحسينية، لكنها رفضت ما اضطرنا الى التصويت على القانون بالرفض. كيف تردون على الرأي القائل بأن مردودية الشركات ستكون أكبر؟ > ينتظر من هذه الشركات أن تدبر مرافق اجتماعية ترتبط ارتباطا عضويا بالأمن القومي للبلاد، لأنها تنتمي الى قطاعات إستراتيجية وحيوية وشديدة الحساسية في ما يتعلق بالسلم الاجتماعي، ونحن في لغتنا العامية نرمز إلى الموت اختناقا بمقولة "قطع عليك الما والضو"، لأن هذا الاختصاص يرتبط لدى المغاربة بالمرفق العمومي، الذي يعني أن الجهة التي تتحمل مسؤولية تدبيره لا تبحث عن الربح، في حين أن فلسفة الشركات تذهب دائما في اتجاه البحث عن الحد الأقصى من الأرباح، فباستثناء ضمانة سقف الثمن، الذي يحدد بمرسوم فإن باقي الخدمات ستخضع للمنطق التجاري، لذلك نبهنا إلى منطق الشركات على مستوى مطلب العدالة المجالية، فهذه الشركات قيل إنها ستحدث لاستقطاب القطاع الخاص وتوفير الموارد المالية اللازمة لتغطية حجم الاستثمارات المطلوبة في هذا المجال، لكن رأس المال الخاص جبان ولا يسير إلا في اتجاه مصالح أصحابه وفي المجالات التي يكون الربح فيها مضمونا. لماذا كل هذا التخوف من الشركات الجهوية، مع أن القطاع الخاص يتحمل مسؤولية مرافق عمومية منذ مدة؟ > باستثناء الجهات الترابية ذات المدن الكبرى مثل البيضاء والرباط وفاس ومراكش وطنجة، فإن تلك الشركات لن تغامر بالدخول في استثمارات كبيرة بمناطق قد لا تتوفر فيها الجاذبية الموجود في المدن الكبرى، وبكل تأكيد فإن الشركات الكبرى ربما العالمية ستتهافت على المدن المذكورة، التي لن تتطلب حاجيات كبيرة، في حين أن الخصاص الأكبر يوجد في جهات أخرى من قبيل درعة تافيلالت وجهات أخرى. وحتى داخل الجهة الواحدة سيطرح مشكل العدالة المجالية، فلنأخذ على سبيل المثال جهة البيضاء-سطات، فإن هناك خصاصا يزداد حجمه كلما ابتعدنا عن البيضاء، ولن نتكلم فقط عن الضواحي كما هو الحال في إقليمي مديونة والنواصر، بل يجب أن نستحضر جماعات نائية في إقليمي برشيد وسطات، وبكل تأكيد لن تعطى الأولوية في أجندات تلك الشركات لتغطية الخصاص المسجل في تراب جماعات قد تصنف من قبلها في خانة قليلة المردودية. ألا ترون أن كلامكم تقليل من صلاحيات سلطات الوصاية والتتبع؟ > لا توجد أي ضمانات من أجل فرض استمرار خدمة المرفق العام، فعندما نعود للقانون التنظيمي المتعلق بالجماعات المحلية في شقه الخاص بشركات التنمية المحلية، فإننا نجده يشترط ألا تكون لها الأغلبية في مجلس الإدارة، إضافة إلى منح الجماعات حق " الفيتو"، أي أنها تلغي أي قرار، في إطار إعمال مبدأ التدبير الحر، وهي الضمانات التي لا يوجد أي أثر لها في قانون الشركات الجهوية المتعددة الخدمات. كما أن واضعي المشروع الجديد أصدروا حكما بالفشل على تجارب التدبير المباشر والتدبير بالوكالة والتدبير المفوض دون إجراء أي تقييم لتلك التجارب، وقيل بأن دراسات أجريت بهذا الخصوص لكن دون أن يطلع عليها البرلمان وعلى مخرجاتها ودون تقديم سيناريوهات أخرى غير الشركات الجهوية التي تم فرضها على أنها الحل الوحيد. كانت لنا تخوفات على وضعية العاملين في الوكالات المستقلة والمكتب الوطني للماء والكهرباء والقادمين من روافد أخرى، وفعلا تم الاتفاق على أن تستمر الحقوق المكتسبة لكافة العاملين وألا تنزل عن المستوى الذي كانت فيه ساعة تأسيس الشركات، على اعتبار أن هناك اختلافا في هذه المكتسبات حتى بين المكاتب الوطنية. كما أن الشركات المؤهلة موضوعيا، سواء من حيث الخبرة المكتسبة أو المقدرات المالية، هي تلك التي تسير المدن الكبرى حاليا، ما سيجعل كفتها الأكثر ترجيحا للعودة، بالنطر الى حجم التذمر الذي يبديه سكان ومقاولو المدن الكبرى من أسعار خدماتها، ورغم ذلك سيفتح الباب أمامها للعودة بصيغة المتحكم في رقاب البلاد والعباد لأنها هذه المرة، ستكون مالكة لحصة الأسد في الشركات الجهوية المتعددة الخدمات. كيف تتوقعون طبيعة العلاقة بين الشركات والجماعات الترابية؟ > لقد توصل رؤساء جماعات جهة البيضاء – سطات، أخيرا، بمراسلات من العمال تطالبهم في إطار تفعيل دورية لوزارة الداخلية، بعقد دورات استثنائية لنقل اختصاصات تدبير توزيع الماء والكهرباء إلى مجموعات تعاون جماعية لتسهيل مأمورية التعاقد مع الشركات الجهوية، عوض تعدد المخاطبين ومواجهة عدد كبير من الجماعات المحلية المشكلة للجهة، دون استرجاع هذه الصلاحية من المجموعة الحالية التي تضم 18 جماعة من البيضاء والمحمدية ومديونة والنواصر. كما تطرح إشكالية أخرى تتعلق بتضخم عدد أعضاء المجموعات المتوقع إحداثها، مقارنة بالمردودية، كما كان الحال بالنسبة إلى مجموعات "التعاون البيضاء" المشكلة من أكثر من 70 عضوا نصفهم من جماعة البيضاء، والتي يمكن وصفها بالتجربة المتعثرة لأن اجتماعات كانت تعقد في الغالب "بمن حضر" في الدعوة الثالثة، فما بالك بالنسبة إلى التجربة الجديدة التي لن يقل عدد أعضاء مجموعة التعاون فيها بالنسبة إلى الجهة المذكورة عن 161 عضوا بعضهم يجب أن يحضر من جماعات بعيدة من سيدي بنور، أو بن احمد، أو اولاد بوزيري. لماذا تصرون على اعتبار المشروع تهريبا للاختصاصات الذاتية للجماعات؟ > في حال كنا أكثر تفاؤلا بخصوص إحداث لجان تتبع متساوية التمثيلية، يجب التساؤل عن كيفية ضمان مبدأ العدالة الاجتماعية في برمجة الاستثمارات وتوجيهها نحو مجالات الخصاص، في ظل شتات تمثيلية الجماعات المحلية، إضافة إلى وجود بند خطير يتعلق بعدم تحديد مدة التفويض للشركات الجهوية، عكس ماكان عليه الحال لشركات التنمية المحلية، ما يجعلنا نقول بأن هذه الهرولة في إحداث الآلية ستجعل من مجموعات التعاون الجماعي مجرد غرف تسجيل بدون صلاحية، إضافة إلى الارتباك الحاصل بسبب التداخل مع اختصاصات شركات التنمية المحلية المحدثة أخيرا كما هو الحال بالنسبة الى مشروع شركة البيضاء للأشغال. في سطور - من مواليد 4 يوليوز 1967 بالبيضاء - متزوج وأب لثلاثة أطفال - حاصل على الإجازة في العلوم شعبة الكيمياء، والآداب شعبة الدراسات الإسلامية، و الماستر في القانون العام شعبة القانون الدستوري والعلوم السياسية - باحث في سلك الدكتوراه شعبة القانون الدستوري والعلوم السياسية - رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس جماعة البيضاء - نائب رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية بمجلس النواب - عضو بالبرلمان الإفريقي - عضو المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية

تهريب اختصاصات الجماعات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وهبي: لن أشتغل "ساعي بريد"

الشركات الدولية... نهاية حقبة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات