شباب من الجنسين يتصدون للأفكار «المستوردة» حول الأسرة والعلاقات الزوجية يشارك شباب مغاربة في الوقت الذي أطلقت فيه مؤسسات عمومية مشاريع إصلاح مدونة الأسرة، ومن المرتقب أن تليها نقاشات حول بعض المضامين في القانون الجنائي، بشكل مواز في هذا النقاش، في مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي. وإذا كان التيار المحافظ في المغرب يرفض بعض التعديلات المقترحة، من باب أن هناك نصوصا مقدسة لا يجب المساس بها، فإن جزءا كبيرا من نشطاء مجموعات "الحبة الحمراء" يتطرقون للموضوع من زاوية براغماتية ومالية، داعين إلى تحقيق نوع من المساواة بين الرجل والمرأة. وتعتبر حركة "الحبة الحمراء" جوابا عن الحركة النسوية، وهما حركتان تحملان أفكارا عابرة للقارات والثقافات، لأن النساء عبر العالم يعانين مشاكل مشتركة، والأمر نفسه بالنسبة إلى الرجال، وهو ما منح هذه الأفكار بعدا دوليا، وأصبحت شائعة في المغرب، خاصة بعد انطلاق المشاورات بشأن تعديل مقتضيات مدونة الأسرة والقانون الجنائي. وكانت الساحة في المغرب لسنوات محتكرة من قبل الأفكار النسوية، التي تدعو إلى المساواة في كل شيء والمناصفة وغيرها من الحقوق المشروعة للمرأة، وبالمقابل كان الرجال متوارين إلى الخلف، لكن هذه الحركة أتاحت للكثيرين التعبير عن آرائهم في الموضوع، خاصة في ما يتعلق بالإنفاق، إذ يفرض القانون والثقافة على الرجل الإنفاق على المرأة والزوجة، حتى وإن كان لها مدخول مالي، الأمر الذي أصبح يقابل بالرفض، من قبل فئة عريضة من الشباب. ويوجد متطرفون من الجانبين داخل المجموعات النسوية و"الحبة الحمراء"، وأحيانا يعبر بعضهم عن مواقف عنصرية وغير عقلانية، إلا أن ذلك، لا يلغي باقي الآراء الرصينة، خاصة أن هناك رجالا يحملون أفكارا نسوية ويعبرون عنها، وهناك نساء يحملن أفكار "الحبة الحمراء". ومن العوامل التي ساعدت على ظهور هذه الحركة في المغرب، غرق الجمعيات النسائية والشخصيات المدافعة عن المرأة، في خطابات خاصة بالمرأة وإغفال المشاكل التي يعانيها الرجل في العلاقة الزوجية، بل إن البعض جعل منه سببا في ما تعانيه المرأة، وأنه يجب سحب الامتيازات من الرجل ومنحها للمرأة. وهناك من النساء من تماهين مع خطابات "الحبة الحمراء"، خاصة في ما يتعلق بالاستقلال الاقتصادي، إذ هناك بعض النساء اللائي يرغبن في تأسيس أسرة بالطريقة التقليدية، لكنهن لا يجدن مساحات للتعبير عن آرائهن، خوفا من اتهامهن بالذل والتبعية للرجل، بسبب طغيان الأفكار الداعية إلى الاستقلالية المالية، وضرورة عمل المرأة، رغم أن البعض مقتنع بالطريقة التقليدية في بناء الأسرة. عصام الناصيري