التأمين بـ”ثمن الصحراء”… السراب

شبكات استغلته لتحقيق أرباح بالتزوير وتسببت في إفلاس وسطاء بالجنوب أعاد تفكيك عصابة لتزوير وثائق التأمين، باشتوكة آيت باها، إلى الواجهة، الفوضى التي يعيشها قطاع التأمين بالمغرب، ومعضلة تنامي ظاهرة التأمين بـ»ثمن الصحراء»، أي الأسعار التفضيلية المعمول بها في الأقاليم الجنوبية، وكذا مشكل المنافسة غير المشروعة لشركات التأمين بهذه الأقاليم، وانتشار شبكات مختصة في تزوير وثائق التأمين الخاصة بالدراجات النارية والسيارات، التي تؤرق بال المهنيين، في ظل الإخلال بالمنافسة الشريفة. ملفات وشكايات أمام العدالة من أجل الإضرار المادي بالغير وتزوير المعطيات الشخصية من أجل الحصول على امتيازات ينظمها القانون. عبد الجليل شاهي (أكادير) رغم اعتماد مدونة جديدة للتأمينات، وإنشاء هيأة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي، إلا أن وضع قطاع التأمين بالمغرب يعيش العديد من المشاكل، التي تستغلها الشبكات في تزوير الوثائق الخاصة بالمركبات والدراجات، ونبهت جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب إلى ضرورة مواكبة هيأة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي للشركات التي تحقق أرباحا هامة من التلاعب في العقود. وطالبت الجمعية الهيأة بلعب أدوارها التي حددها المشرع، أبرزها دور الرقابة على شركات التأمين، واتخاذ قرار زجري في حقها، بسبب الخروقات التي تمارس في السوق عبر منح تخفيض يصل إلى 40 في المائة من تعرفة المسؤولية المدنية لغير مستحقيه قانونيا. كما كشفت الجمعية أن هناك تواطؤا بين شركات التأمين وسوق التأمينات بالمغرب، فظاهرة تأمين السيارات بثمن الصحراء، تعتبر تجارة مربحة على حساب الدولة والوسطاء في التأمين، وإفلاس العديد من الوسطاء عن طريق مكاتبهم المباشرة المنتشرة في أغلب مدن الجنوب. وأوضحت الجمعية أن تخفيض قيمة التأمين بالنسبة إلى المناطق الجنوبية له شروط محددة قانونا للاستفادة منه، ويهم تخفيض 40 في المائة، لتعرفة المسؤولية المدنية الإجبارية، كما يمكن محاربة شبكات التزوير بسهولة، عن طريق مراجعة المعطيات المسجلة بعقود التأمين وتلك المسجلة ببطاقاتهم الوطنية، وعند المراجعة سيتم اكتشاف التزوير أو الغش في معطيات عقود الزبناء. وكشفت جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب، أن أبرز تداعيات التزوير والغش، وظاهرة "ثمن الصحراء"، هي إفلاس العديد من مكاتب الوساطة في التأمين خصوصا بالجنوب بسبب المنافسة غير المشروعة، كما أن حقوق المؤمن تكون مهضومة بطبيعة الحال، فعند وقوع حادثة، تبحث شركات التأمين عن أي ذريعة للتهرب من أداء التعويضات وتجد في المؤمن لهم بتعرفة المواطنين القاطنين بالصحراء وغير مستحقين لها فرصة مواتية لعدم أداء قيمة التعويضات المستحقة للحادث، بدعوى أن الزبون لم يؤد القسط كاملا عند كتابة العقد وتحمله كامل المسؤولية في ذلك، وبالتالي فشركة التأمين ستطبق ما يسمى بقاعدة التناسبية، والتي يمكنها من خلالها تخفيض نسبة التعويضات المستحقة جراء أي حادث بنسبة انخفاض القسط ذاتها، أو ربما رفض التعويض كليا بدعوى الغش،وهنا يصبح الزبون بين كماشة شركات التأمين، وبذلك تكون شركة التأمين هي الرابحة بطبيعة الحال من كل هذا العبث. شكايات للنيابة العامة أشعرت جمعية وسطاء ومستثمري التأمين بالمغرب مصالح رئاسة النيابة العامة بالرباط من أجل التدخل وفتح تحقيق في الموضوع، وعرض المخالفين للقانون على العدالة، لوضع حد لهاته الممارسات الشنيعة التي تسيئ إلى الاستثمار ببلادنا. كما تقدمت الجمعية بشكاية إلى الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بأكادير، من أجل الإضرار المادي بالغير وتزوير المعطيات الشخصية من أجل الحصول على امتيازات ينظمها القانون، بناء على شكاية وسطاء مدينة كلميم، الذين أعلنوا عن إصابة نشاطهم بالشلل شبه التام جراء الإنزال غير المسبوق للمكاتب المباشرة التابعة لشركات التأمين وإعادة التأمين، وكذا بعض الوكلاء الموجودين بمدن طانطان وطرفاية والعيون والسمارة وبوجدور والداخلة، حيث تعمل المكاتب والوكالات السالفة الذكر على تزوير المعطيات الشخصية للمكتتبين لعقود التأمين على السيارات بمكاتب تجارية موجودة بكلميم، لتمكين غير المستحقين من التخفيض المخصص لمناطق الصحراء المغربية والبالغ 40 في المائة، وأضاف الوسطاء في كلميم في الشكاية أن أغلبهم أصبحوا غير قادرين على تحصيل المصاريف الإجبارية لمكاتبهم، ومهددين بالإفلاس. إدانة المزورين سبق أن أدانت ابتدائية أكادير جنديين برتبة رقيب، وتاجرا بمركز سبت الكردان إقليم تارودانت ومستخدما بوكالة للتأمين بإنزكان بسنة حبسا نافذا وغرامة نافذة قيمتها 500 درهم، لكل واحد منهم على خلفية النصب والتزوير في محرر عرفي وفي وثائق تصدرها الإدارة واستعمالها وصنع وثائق تتضمن وقائع غير صحيحة والمشاركة في ذلك والتوصل بغير حق إلى شهادة تتضمن بيانات غير صحيحة واستعمالها. وكانت هذه العصابة تنشط في مجال الوساطة في التأمين، إذ يتعامل أفرادها مع وكالات تأمين متعددة في مدن أكادير، وإنزكان، وتارودانت، وأولاد تايمة، ويقصدهم بالخصوص الراغبون في الاستفادة من التخفيض الممنوح لسكان الصحراء، كما اعترف أحد اعضاء العصابة بالتزوير في نسخ الوثائق التي يضمها لملفات بعض الزبناء بتغيير صور الأشخاص الأكبر سنا بصور أشخاص أصغر منهم، حتى توحي هذه الصور أنها لأشخاص صغار السن عاملين في سلك الجندية. كما عثر بعد تفتيش سيارة أحد أعضاء العصابة، على 69 شهادة سكنى فارغة، تحمل طابع المقاطعة الحضرية السابعة بالعيون، وطابعا باسم مسؤول بتلك المقاطعة لا توقيع عليها، وصرح أنه كان يقتني تلك الشهادات من مستخدم إحدى وكالات التأمين الكائنة بشارع الحسن الثاني بأكادير بمبلغ 10 دراهم للواحدة، وهو ما لم ينفه المستخدم، الذي صرح أن أحد الأشخاص كان معروفا بأكادير، يقوم بتزويد الراغبين في شهادة السكنى الخاصة بالأقاليم الصحراوية، اتصل به وطلب منه أن يتولى تزويده بتلك الشهادات فوافق، وكان يبعث له كل شهر أو شهرين ب100 شهادة مقابل 50 درهما للواحدة، ويبعثها بواسطة وسائل النقل العمومية، كما أن المستخدم كان يبعث له النقود بالوسيلة نفسها، بعد أن يلفها في ورق مقوى.كما تم تفكيك عصابة وصفت بالإجرامية تنشط على مستوى ولاية أكادير وتارودانت، بعد حملة أمنية استهدفت الدراجات النارية، ثبت من خلال معاينة بعض الوثائق المدلى بها أن أحد الأشخاص يتوفر على وثائق تأمين مزورة، حينها تقرر فتح تحقيق، لتكتشف المصالح الأمنية بعد تعميق البحث مع المعني بالأمر الأول في النازلة، وجود شبكة مختصة في تزوير وثائق الدراجات النارية وكذا السيارات. وبعد تحديد هوية أحدهم، تقرر وتحت إشراف النيابة العامة بأكادير، الانتقال إلى بيت المشتبه فيه الثاني والذي ورد اسمه بحضور المستمع إليه، حينها أسفرت عملية تفتيش دقيق، خضع له منزل الظنين، عن العثور على المعدات التي يعتمد عليها في عملية تزوير الوثائق، ويتعلق الأمر بحاسوب وأقراص مدمجة وبعض الوثائق. وثائق مزيفة قرر وكيل الملك متابعة شخصين في حالة اعتقال بعد أن نصب لهما كمينا لاستدراجهما وإيقافهما، لتورطهما في أنشطة استصدار وثائق تأمين مزيفة، وكشفت المعلومات الأولية للبحث، أن الموقوفين يتكلفون بإنجاز كل ما يتعلق باستصدار وثائق التأمين الخاصة بالدراجات النارية والسيارات، وتسليمها للراغبين في الحصول عليها دون الحاجة للأداء القانوني، مقابل عمولات مالية. وبعد إيقاف سائق دراجة ارتكب حادثة سير، ومعاينة وثيقة التامين، انتبهت عناصر الدرك الملكي، إلى أنها مزورة، وهو ما جعلها تتصل بوكالة التأمين المدلى بهويتها ليتبين أن الوثيقة مزورة. وباشرت مصالح الدرك الملكي بالمركز الترابي بأيت عميرة إقليم اشتوكة أيت باها، أبحاثا قضائية تحت إشراف النيابة العامة مع الموقوفين لمعرفة امتدادات الشبكة الإجرامية، للوصول إلى الأشخاص الذين تتم الاستعانة بهم في عملية التزوير، لإيقاف كافة المتورطين. كما اهتدت المصالح الدركية بأيت اعميرة، التي تحقق في القضية، إلى العنصر الرئيسي ضمن الشبكة، فانتقلت إلى أولاد تايمة، حيث قامت بمداهمة منزله، بتنسيق مع مصالح درك المنطقة، لكنه ما زال في حالة فرار، وتمكنت من حجز معدات تستعمل في إنجاز وثائق التأمين المزورة، ضمنها أختام وآلات طباعة. تغيير الحقيقة قال رشيد امسكين، محام بهيأة أكادير، إن إصـدار شهادات التأمين مـزورة يدخـل في زمرة تـزوير الأوراق من خلال تغيير الحقيقة فيها بسوء نية، تغييرا من شأنه أن يسبب ضررا للغيـر وفق ما نص عليه الفصل 351 من القانون الجنائي، وحتى تتحقـق جريمة التـزوير في شهادات التأمين لابـد أن تتم باستعمال أحد الوسائل المنصوص عليها في الفصل 354 من القانون الجنائي والمتمثلة أساسا في التزييف أو التحريف في الكتابة أو التوقيـع، واعتماد أشخاص وهميين أو استبدال أشخاص آخرين، وغيرها من الوسائل المـذكورة في الفصل المشار إليه أعلاه. وأضاف أن المشرع المغربي عـاقب مرتكب فعل الـتزوير في شهادات التأمين باعتبارها محــررا تجاريا بالحبـس من سنة إلى خمس سنوات وغـرامة من مائتين و خمسين إلى عشرين ألف درهم وذلك في الفصل 357 من القانون الجنائي، كما يجوز عـلاوة على ذلك الحكم على مرتكـب الجريمة المذكورة بالحرمان من واحد أو أكثر من الحقوق المشار إليها في الفصل 40 و بالمنع من الإقامة لمدة لا تزيد على خمس سنوات. وكشف أن المشرع المغربي عاقب أيضا مستعمل الورقة المزورة في الأحوال المشار إليها أعلاه مع علمه بتزويرها بالعقوبات المقررة للتزوير وفق ما نص عليه الفصل 359 من القانون الجنائي. هيأة مستقلة للمراقبة تفاعل العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع خبر اعتقال شبكة تزوير وثائق التأمين، وكانت تعليقات رواد الفضاء الأزرق تطالب بحل جذري لهذا المشكل الذي يؤثر على قطاع التأمين بالمغرب، مؤكدين في تدوينات مختلفة أن هناك مجهودات تبذل من قبل الدولة لتطوير قطاع التأمين، بمساهمة مجموعة من الحكومات السابقة، وتوجت باعتماد مدونة جديدة للتأمينات وإنشاء هيأة مستقلة لمراقبة قطاع التأمينات، معتبرين أن مشكل المنافسة غير المشروعة بالمناطق الجنوبية يساعد على ظهور شبكات التزوير. وأكد رواد مواقع التواصل الاجتماعي تزامنا مع إيقاف شبكة تزوير وثائق التأمين ، على خلفية النصب والتزوير في محرر عرفي وفي وثائق تصدرها الإدارة واستعمالها وصنع وثائق تتضمن وقائع غير صحيحة والمشاركة في ذلك والتوصل بغير حق إلى شهادة تتضمن بيانات غير صحيحة واستعمالها، أن هيأة مراقبة التأمينات والاحتياط الاجتماعي مطالبة بضرورة تفعيل دورها في مراقبة السوق، والضرب بيد من حديد كل من يمارس سلوكات لاأخلاقية ولامسؤولة في قطاع التأمين، لأن هذه السلوكات تشجع ظهور شبكات لتزوير وثائق التأمين. في حين طالب إسماعيل السلطات الأمنية الساهرة على حسن السير والجولان بجميع ربوع المملكة، سواء رجال الأمن الوطني أو الدرك الملكي، بمزيد من التحري والتدقيق عند نقط المراقبة في مدى مطابقة شهادة التأمين والمعطيات الشخصية المسجلة بالبطائق الوطنية، وليس فقط التدقيق في شهادة التأمين ورقم العربات ومدى صلاحية الشهادة، فعبر هذه العملية سنساهم جميعا في محاصرة الفوضى في اكتتاب عقود التأمين بتعرفة المناطق الجنوبية لغير مستحقيها. وتساءل المهدي عن قانونية التأمين على السيارات في مدينة العيون، وكشف أنه اشترى سيارة، فاقترح عليه أحد الأصدقاء الاستفادة من التخفيض الممنوح لسكان الأقاليم الجنوبية، فطلب منه صورا للبطاقة الرمادية والبطاقة الوطنية عبر "وتساب"، مع العلم أن العنوان في البطاقتين هو بأكادير، وقام أحد الوسطاء بإحضار شهادة التأمين لسيارته باسمه لكن بها عنوان يقع بمدينة العيون لم يقطن به البتة، بالإضافة إلى أنه لم يقم بالإدلاء لا بشهادة سكنى أو حتى السفر بالعيون قصد التوقيع على عقد التأمين. فرد عليه احد المعلقين أن هذا يعتبر تزويرا والإدلاء بتصريحات كاذبة وغير صحيحة لوكيل التأمين، وقد تؤدي إلى المتابعة القضائية بتهمة النصب والاحتيال على وكيل التأمين.

التأمين بـ”ثمن الصحراء”… السراب

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

وثائقي عن زلازل المغرب

الدولة الاجتماعية... حرب على الهشاشة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات