النقل السري… الجريمة المركبة

قنابل موقوتة تهدد حياة المواطنين وخطر متنقل بين الشوارع والأزقة والعالم القرويأعادت واقعة اختطاف فتاة بالدراركة إقليم أكادير، ومحاولة الهروب بإلقاء نفسها خارج السيارة مما تسبب في تعرضها لإصابات خطيرة في الرأس نجمت عنها وفاتها بعد نقلها للمستشفى، (أعادت) إلى الواجهة ملف النقل السري، واستفحال هذه الظاهرة داخل المجتمع ، فأصبحت هذه الوضعية ترخي بظلالها وتبعاتها في كل يوم من خلال بعض القضايا المعروضة على العدالة، على مستوى حوداث السير أو القضايا الجنحية، إذ تشكل موضوعا مثيرا للاهتمام خلال هذه الأيام. إنجاز : عبد الجليل شاهي (العيون) انتشرت ظاهرة النقل السري في أغلب المدن، وأنشأ سائقوها محطات غير قانونية، وتحولت إلى قنابل موقوتة بعدما أصبح أغلب ممتهني النقل السري يستعملون قارورات الغاز مكان البنزين، وهو ما يهدد حياة المواطنين، حيث صارت قاعدة وليس استثناء لدى أرباب سيارات تستعمل للنقل السري. ورغم الحملات التمشيطية والأمنية للحد من ظاهرة النقل السري، مازالت سيارات "الخطافة" تتجول في المدن والمسالك والشوراع، خصوصا في المجال القروي حاملة في صناديقها الخلفية " قنابل موقوتة"، بعدما كان في بداية 2017، استعمال قنينات الغاز حكرا على أكادير والعيون ووجدة وسطات، إذ أصبح شائعا بكل المدن المغربية من الشمال إلى الجنوب، وتم ضبط المئات من السيارات التي تستعمل قنينات الغاز، وتقديم مالكيها أمام العدالة بموجب مساطر قضائية. ورغم صدور مذكرات أمنية في إطار زجر النقل السري والاستعمال غير المشروع لقنينات غاز البوتان مصدرا لتحريك السيارات في إطار تنزيل الإستراتيجية الوطنية للسلامة الطرقية، في شقها المتعلق بضمان احترام المعايير والمواصفات الدولية ذات الصلة بأمن المركبات، سيما تلك المتعلقة باعتماد مصادر الطاقة والشروط التقنية المصادق عليها، فإن الواقع يعرف تزايد هذه الظاهرة المخيفة. دق ناقوس الخطر عرفت العيون خلال هذا الأسبوع حملة تمشيطية واسعة، وسدودا أمنية بعدد من الأحياء الشرقية من قبل عناصر فرقة الدراجين بولاية أمن العيون، ضد أصحاب النقل السري "أصحاب مني بيس" أو "الكوير" كما يلقب عند أهل العيون بالصحراء المغربية. وأسفرت هذه الحملة الأمنية عن حجز ما يزيد عن 17 سيارة"الكوير" وإيداعها بالمحجز الجماعي، بعد ضبطها تنقل عددا من المواطنين ما بين أحياء المدينة، باستعمالها غاز البوتان، رغم عدم الترخيص لها بحمل المواطنين، حيث أن مهمتها نقل البضائع والطرود فقط. ومحاولة من جماعة العيون لمحاربة ظاهرة النقل السري، وأمام الفراغ القانوني، اضطرت الجماعة أمام الانتشار الكبير الذي تعرفه أحياء المدينة إلى إصدار قرار والمصادقة عليه في دورة فبراير الماضي، يقضي بمنع سير وجولان المركبات ذات المحرك المستعملة لغاز البوتان" البوطا"، وكشفت أن هذا القرار جاء حفاظا على حياة السكان وحمايتها في ظل تعدد حوادث الحرائق بمركبات "الكوير"،أثناء حمل الركاب بدل البضائع، بالإضافة إلى التداعيات الصحية والسلبية على حياة المواطن. ومع تكرار حوادث "الكويرات"، من انفجار قنينات الغاز داخلها، وإن كانت هذه الحوادث متفرقة في الأماكن والأزمنة، أو حوادث مرورية عرضية، علاوة على أن هذه "الكويرات" صارت مدخل رزق لآلاف الأسر، مع كل هذا فقد صارت مطالب التقنين أكثر إلحاحا من الممارسين ضمانا لسلامة الركاب ومن أجل ممارسة مهنية سليمة تضمن للمواطنين تنقلا قانونيا يخرجهم من “خانة السرية” ويضمن لهؤلاء السائقين دخلا ماديا يحفظ كرامتهم. في ظل وجود عدد كبير من سكان الأحياء الشرقية بالعيون، كالوفاق، 25 مارس، وكرون ج، والأمل، وربعة وثمانين، والدويرات والراحة والمستقبل والعودة ولبلانات، كلها أحياء لا يجد فيها السكان من وسائل نقل تنقلهم ما بين مساكنهم ووسط المدينة سوى "الكوير"فقط، فهي الوحيدة التي تلبي احتياجاتهم، في الوقت الذي يرفض سائقو سيارات الأجرة الصغيرة الوصول إلى الأحياء الشرقية، بمبرر أنها بعيدة عن مركز المدينة. أحكام مخففة قضت المحكمة الابتدائية بالعيون بشهرين حبسا موقوف التنفيذ وغرامة مالية قدرها 500 درهم، في مجموعة من الملفات المعروضة على أنظارها، من أجل تهمة تغيير الخصائص التقنية للمركبة، وجنحة نقل الركاب بدون رخصة،في حين قضت المحكمة الابتدائية باكادير في أزيد من 50 ملفا، بغرامة مالية قدرها 1000 درهم من أجل تهمة تغيير الخصائص التقنية للمركبة و500 درهم جنحة نقل الركاب بدون رخصة،عقوبات مخففة لم تتجاوز غرامات مالية في بعض المحاكم،لمستعملي غاز البوتان لتشغيل سياراتهم. شكايات تقدم بعض سائقي سيارات الأجرة من الصنف الثاني بشكايات لدى الأمن الوطني والنيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالعيون ضد "الكوير" في مجال نقل المواطنين نحو بعض أحياء المدينة، ما جعلهم منافسين جددا في الميدان، وهو ما أثر على مداخيل سيارات الأجرة الصغيرة، وهددوا بإضراب من أجل إيجاد حل لهذه الظاهرة، أمام لجوء هذه المركبات إلى نقل عدد كبير من الأشخاص يفوق قدرتها الاستيعابية وكم هائل من الأثقال في صندوق السيارة وفوقها، واتهام ممتهني النقل السري المستعملين للغاز أصحاب" الكوير" بعدم التوفر على وثائق السيارة من تأمين وبطاقة رمادية وضريبة، وعدم إخضاع المركبات للفحص التقني. وتساهم هذه المركبات غير القانونية في تكريس حرب الطرق بالمدينة، نظرا إلى التصرفات غير المسؤولة لسائقيها، وهو ما يؤدي إلى حدوث العديد من الحوادث المميتة في كثير من الأحيان، كما أن جلهم يستخدم قارورات غاز البوتان والتي تشكل خطورة بالشارع العام، حيث لا يمر يوم دون وقوع حادث احتراق سيارة للنقل للسري "الكوير" بسبب غاز البوتان. وفي قضية أخرى أوقف شرطي المرور مساء الثلاثاء الماضي قرب مدارة ساحة الدشيرة سيارة ركاب تعرف محليا ب "كوير" فطلب من سائقها وثائق السيارة، لكنه لم يجد لديه أية وثيقة، ما جعله يطلب منه النزول من السيارة، لكنه رفض وبدأ يتوسل إليه لعله يتسامح مع مخالفته، لكن الشرطي كان صارما في أداء واجبه، فقام بفحص السيارة فوجد بداخلها قنينة غاز، فأخبر الضابط الذي كان مشرفا على نقطة المراقبة، الذي أخبر هو الآخر عبر اللاسلكي رؤساءه، فتقرر تحرير المخالفات، وحجز السيارة بالمحجز البلدي، وعرض صاحبها على أنظار النيابة العامة لتقرر بشأنه. قضايا عديدة تعرض على أنظار النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بالعيون العديد من القضايا بشكل أسبوعي، يكون طرفها صاحب "الكوير". وفي قضية مشابهة لقضية اختطاف فتاة بالدراركة، الأسبوع الماضي، التي ألقت بنفسها من السيارة فماتت، تمكنت فتاة في عقدها الثاني بالعيون ، مساء السبت الأخير، من النجاة بأعجوبة من محاولة اختطاف بحي الدويرات وسط العيون، بعد أن استقلت سيارة للنقل السري "أكوير" كانت تنوي من خلال هذه الوسيلة غير المرخص لها والتي يستقلها بعض المواطنين للوصول إلى أطراف المدينة التي لا تحبذ سيارات الأجرة أو حافلات النقل الحضري الدخول إليها. وفطنت الفتاة لخطة المختطف بعد أن وجه سيارته إلى وجهة أخرى عكس التي كانت ترغب فيها، إذ أطلقت صرخات النجدة وتوسلات للسائق الذي كان يسير بسرعة صوب سد المسيرة على ضفة وادي الساقية الحمراء شمال مدينة العيون، مما أجبرها على القفز، فأصيبت إثر ذلك بجروح متفاوتة الخطورة لتنقل على وجه السرعة إلى مستشفى مولا ي الحسن بلمهدي، وتمكنت مصالح الأمن من إلقاء القبض على الجاني وحجز السيارة بالمحجز البلدي. فراغ قانوني قال عبد اللطيف بسكر، محام بهيأة أكادير، إن النقل السري ليس مشكلا في حد ذاته، بل هو جزء من الحل على اعتبار أنه ساهم في فك العزلة عن العيون الشرقية في ميدان النقل، لكن عندما يرتبط بتشغيل السيارت بقنينات الغاز، يبقى مشكلا مطروحا أمام النص القانوني والاجتهاد القضائي، باستثناء دورية لوزير الطاقة والمعادن صادرة سنة 1985 تتعلق بمنع تشغيل المركبات بغاز البوتان. وأضاف بسكر في تصريح ل"الصباح"، أن السائق الذي يتم ضبطه يتم وضعه رهن تدابير الحراسة النظرية نظرا لخطورة الفعل الجرمي مشيرا إلى أن الآثار الزجرية التي يصطدم بها مشغل المركبة بغاز البوتان هي وضعه تحت الحراسة النظرية ويتابع في الغالب عند تقديمه أمام أنظار النيابة العامة في حالة سراح. وشدد بسكر على أن المقاربة القانونية والأمنية لن تفي بالغرض لمكافحة ظاهرة النقل السري، بل لابد من مقاربة شمولية أساسها مبادئ النموذج التنموي من خلال تحسين البنية التحتية وتوفير وسائل النقل اللوجيستيكية وايجاد فرص للشغل بالنسبة إلى هؤلاء السائقين، سيما وأن اغلب سائقي هذه السيارات يعتبرون من حملة الشهادات العليا، والرفع أيضا من قيمة الضمير الجمعي لسائقي سيارات الأجرة الذين يتمركزون وسط المدينة ويتجنبون الوصول الى بعض المناطق كالعيون الشرقية مثلا. مناشدات بتشديد العقوبات تفاعل العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع خبر محاولة اختطاف فتاة من قبل شخص يمتهن النقل السري، مع استعمال غاز البوتان، ومحاولة إنقاذ الفتاة نفسها منه فألقت بنفسها فماتت، والحملة الأمنية التي تشنها السلطات الأمنية ضد أصحاب النقل السري. وأجمعت تعليقات رواد الفضاء الأزرق على المطالبة بمعاقبته بأقصى العقوبات، مع ضرورة تقنين عمل النقل السري، ومحاربة مستعملي غاز البوتان، إذ أكد نشطاء فيسبوك في تدوينات مختلفة على أن "الخطاف" رغم أنه يقدم خدمة نقل المواطنين في أماكن يصعب أن تجد فيها وسيلة نقل، إلا أن هناك العديد من الممارسات التي تثير الخوف والتوجس في صفوف مستعملي النقل السري، معتبرين أن الحاجة ملحة إلى ضرورة تقنين مجال النقل السري، ومحاربة مستعملي الغاز البوتان. وأثارت قضية النقل السري وعلاقته بالاختطاف وبعض الظواهر الاجتماعية الجدل في تدوينات مختلفة، وتساءل محمد سالم عن وجود المئات من "الكويرات" بالعيون، تربط أحياء شرق العيون بوسطها وجنوبها وأحياء الراحة ووكرون ج والأمل والمستقبل والعودة وخمسة وعشرين مارس ولبلانات وحي اربعة وثمانين، وأمام توسع المدينة أصبح من الضروري إيجاد حل لممتهني النقل السري من خلال تقنين يضمن السلامة للركاب وممارسة مهنية سليمة لأصحاب "المني بيس" تضمن للمواطنين تنقلا قانونيا. وعلقت فاطيمتو، تزامنا مع القبض على المختطف، بضرورة التصدي لظاهرة النقل السري بحزم، وإصدار قوانين صارمة للحد من الانزلاقات التي يعرفها القطاع، وزجر مستعملي الغاز في السيارات. وطالبت مجموعة فيسبوكية في تدوينات مختلفة بضرورة، انتشار الطرمواي أو حافلات ذات جودة عالية بمختلف المدن المغربية، وفتح الباب أمام مقاولات للنقل، وتسهيل العمل لشركات جديدة في جميع المدن المغربية التي تعاني ازدحاما في وسائل النقل. ومن جهته دعا أسامة في تعليق له إلى تشجيع النقل عبر التطبيقات الذكية للأشخاص، لأنها أفضل وسيلة للوصول إلى الوجهة المقصودة في أقرب وقت ممكن وبتكلفة مناسبة، دون عناء الانتقال إلى محطة سيارات الأجرة والانتظار في الطابور للوصول إلى العمل أو إلى مؤسسة ما، وفق دفتر تحملات تنخرط فيه السلطات الأمنية والوزارة الوصية للحد من ظواهر الاكتظاظ والازدحام في المحطات.

النقل السري… الجريمة المركبة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عادل لومباردي... العميد العنيد

الداخلية تفرض قيودا على أندية الكرة

مقالات ذات صلة