ورثة بوعبيد يخلفون الموعد مع فرصة مفصلية لتطوير إستراتيجية النضال الديمقراطي أخفق الاتحاد الاشتراكي في اغتنام فرصة شكلت لحظة مفصلية لتأسيس قطب يساري معارض، عبر تطوير إستراتيجية النضال الديمقراطي الدستوري من داخل المؤسسات، والذي يقتضي حسب بعض رفاق إدريس لشكر اختاروا لغة المقعد الفارغ تفعيل الاختصاصات الكبرى التي منحها الدستور الجديد للمعارضة، حيث ضمن الفصل 10 من الدستور للمعارضة البرلمانية مكانة تخولها حقوقا، من شأنها تمكينها من النهوض بمهامها، على الوجه الأكمل، في العمل البرلماني والحياة السياسية. وانتظرت مكونات الحقل السياسي أن تكون المعارضة الاتحادية قوية لما شكلته في الماضي من مدرسة لتأهيل النخب الاجتماعية والسياسية وتدريبِها على تمثل مفهوم المصالح الوطنية، والتعاطي مع تعدد الاتجاهات الاجتماعية، والتمرس على إدارة الشأن العام، خاصة في ظل التعزيزات التي جاء بها المشرع الدستوري في دستور 2011 لحقوق المعارضة بهدف تقوية الخيار الديمقراطي الذي بات معطلا بفعل مطامع قيادات سياسية عبثن بمعاني البديل الديمقراطي، التي لطالما تغنت بشعارها حناجر الاتحاديات والاتحاديين طيلة سنوات القمع السياسي بالمغرب. لكن الطلب المبالغ فيه على المشاركة في الحكومتين السابقتين، أظهر أن مطالب تيار لشكر لم تكن إلا وسيلة للاستفادة من الريع الحكومي، وهو ما أكده عدم دخول الاتحاد الاشتراكي إلى حكومة أخنوش بسبب عدم استوزار الكاتب الأول و اعتماد أسلوب المبالغة السياسوية، بالمزايدة على دور المعارضة، والتحول من مواجهة التغول إلى ممارسة التسول السياسي، على اعتبار أن الدخول إلى الحكومة أصبح غاية قصوى، بعد انتهاء الزمن السياسي وقرب الإحالة على التقاعد. لكن طلبات الاستوزار أصبحت تشكل أقرب طريق لإحقاق غاية توريث الأحزاب للأبناء في أبشع تمظهرات العائلوقراطية اليسارية، إذ عوض أن تكون المعارضة وسيلة ديمقراطية تراقب العمل الحكومي، صارت اليوم عبارة عن تنظيمات منغلقة على نزوات الاستوزار، من خلال صفقة استعارة الأعيان، وكان أن ظهر الفريق الاشتراكي خاليا من أي هيبة يسارية. بما أن تيار لشكر فضل الاتجاه إلى تعطيل دور المعارضة. وأخفقت المعارضة الحالية في امتحان التنسيق والتعاون في ما بينها، ما صعب تفعيل آليات الرقابة البرلمانية، فكيف يمكن إقناع المغاربة بأنها قادرة على أن تكون البديل أو تقود مواجهة ما، إذ تقتصر فتوحات قيادات على ممارسة التسول السياسي، الذي يتخذ من الوصول إلى الحكومة غاية لضمان الريع الحكومي ومحاولة تسويق الأتباع والأبناء في ظل عجز ظاهر عن تقديم رؤية بديلة متفق عليها، ما كرس غياب أحزاب كانت تلعب أدوارا مهمة في مجال الدبلوماسية، بما تملكته من قدرات تنظيمية على الأرض، لكنها تخلفت على الركب جراء الاستمرار في السعي إلى تحقيق طموحات عائلية. ولم تتجاوز الأصوات المنتقدة عتبة ضجيج سيخبو في مواجهة خطاب شعبوي بامتياز، يضع كل الأصوات الغاضبة في خانة المحرومين من الريع الحزبي. ياسين قطيب