أسماء في الذاكرة : عبد الله إبراهيم وقصة انقلاب عسكري ناجح

يحكي رجل من "السكة القديمة"، عايش مرحلة حصول المغرب على الاستقلال وعودة السلطان سيدي محمد بن يوسف إلى أرض الوطن، أن السلطان، الذي سيصبح الملك محمد الخامس، رافق عبد الله إبراهيم نحو مزرعة صغيرة كانت هي كل ما يملك محمد الخامس، حيث إن العائلة الملكية لما عادت من المنفى لم تجد شيئا أمامها حيث كانت سلطات الحماية نهبت كل ممتلكاتها، وكان محمد الخامس يعيش على عطايا أعيان المغرب، حتى قيل إن لغزاوي، أول مدير عام للأمن الوطني كان أغنى من الدولة نفسها، وكانت تلك المزرعة هدية من أحد الأشخاص. ويضيف أن كل ما كان بها من حيوانات هي هدايا مواطنين أغنياء للسلطان، وكان محمد الخامس يعتني بها كثيرا، وهذه القضية هي التي دفعت الملك الحسن الثاني منذ كان وليا للعهد في التفكير في وضع اليد على مجموعة أمونيوم شمال إفريقيا (أونا) في إطار تأميم الشركات التي كانت بيد الاستعمار.المهم أن السلطان سيدي محمد قال لعبد الله إبراهيم، وقد كان زعيما وطنيا، لماذا لا تعمل مثل هاته المزرعة؟ وهناك أناس قادرون على مساعدتك. فرد إبراهيم وفق ما قاله الرجل من السكة القديمة: إن ذلك لا يصلح لي وأنا لا أصلح لهذا، وأخاف أن تأخذني المباهج عن المبادئ.رجل من طينة خاصة وأول من تسمى رئيسا للحكومة بعد فشل حكومة البكاي. وشتان بين رئيس ورئيس. عاش للمبادئ ومات من أجلها. بنا فيلا في الدارالبيضاء بعد ما حصل على التقاعد من الجامعة، لكن بعد أن باع أربعة منازل ورثها في مراكش. ظل على تلك الحال إلى أن انتبه إلى الأمر الملك محمد السادس فمنحه تقاعد رئيس الحكومة. وهنا لابد من إثارة قصة غريبة. لما أصيب عبد الله إبراهيم نتيجة سقوطه في منزله أمر الملك أحد المستشارين بالاهتمام بعبد الله إبراهيم. فلما خرج سأل زميله عمن يكون عبد الله إبراهيم لأنه لا يعرفه.طبيعي أن تجهل كثير من الأجيال عبد الله إبراهيم لأنه انزوى بعيدا بعد أن رفض اللعبة السياسية بشروطها المعروفة. لا يعني أن من قبلها لم يكن مبدئيا. فكل واحد له تقديراته السياسية. فالمرحوم عبد الرحيم بوعبيد رجل مبادئ وقبل اللعبة السياسية وناور من داخلها، وحقق مكاسب للمغرب رغم خسارة أشياء كثيرة من حزبه.عندما تولى عبد الله إبراهيم رئاسة الحكومة، وقع التمايز التاريخي. ظهرت ثلاث قوى في المجتمع. التيار المحافظ بزعامة علال الفاسي والتيار التقدمي بقيادة عبد الله إبراهيم والمهدي بنبركة وعبد الرحيم بوعبيد والتيار الثالث هو تيار المنتفعين الذين تضرروا من وجود التيار التقدمي في قيادة الحكومة. ويمكن أن نذكر أن أول انقلاب عسكري نجح في تاريخ المغرب ولا يذكره أحد هو الانقلاب، الذي وقع ضد حكومة عبد الله إبراهيم، حيث دخل ولي العهد مولاي الحسن بالدبابات إلى المشور حيث مقر رئاسة الحكومة ليعلن انتهاء عمل حكومة عبد الله إبراهيم، وساندت هذا القرار كل القوى المنتفعة التي تضررت مصالحها، وكان الملك الراحل محمد الخامس يعتبر إقالة حكومة إبراهيم خطأ كبيرا.يقول الباحث الجامعي عبد القادر الحضري والمرتبط بالمرحوم عبد الله إبراهيم "لقد انتبهت القوة الثالثة بشكل واضح لِما يشكله المشروع الوطني التقدمي على مصالحها فسعت بكل قواها لإقناع الحسن الثاني بالخطر الذي يجسده استمرار هذه الحكومة وبعواقب منجزاتها على مستقبل الملكية في المغرب، الأمر الذي أثار حفيظة ولي العهد وقتها ليتصدى كأقوى معارض لتلك الحكومة نافثا كل غضبه عليها، مُعبئاً كل الأطراف للإيقاع بها من داخل الدولة وخارجها. ففي الوقت الذي ضغطت فيه جهات عديدة من الأحزاب والتنظيمات على الحكومة، تعبأت حتى بعض العناصر الأمنية لخذلان الحكومة وخلق متاعب لها، بالإضافة إلى أن الكثير من موظفي الإدارات الحكومية لم يستجيبوا لقراراتها، زيادة على أن الدولة حاربت الحكومة بوسائل غير مشروعة من قبيل نشر الإشاعات والأكاذيب، فضلا عن أن الحسن الثاني ألح على والده بشكل متواصل لأجل إقالتها".لم يقل المرحوم عبد الله إبراهيم إن مشروعه الإصلاحي يواجه العفاريت والتماسيح، ولكن تحمل مسؤوليته في توضيح كل شيء للشعب وذهب إلى حال سبيله مناضلا في صفوف الشعب. إعداد: عبدالله الكوزي

أسماء في الذاكرة : عبد الله إبراهيم وقصة انقلاب عسكري ناجح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أقلام في وجه السلطة : بهاء الدين... رافض البيروقراطية

العروسي... صوت الجبل : تغنى بالمرأة والغربة والجمال والموضة

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات