أقلام في وجه السلطة : بهاء الدين… رافض البيروقراطية

كانت العلاقة بين الرئيس المصري الراحل أنور السادات والكاتب أحمد بهاء الدين مثار استغراب الكثير من المتتبعين، لما تخللتها من مواقف تراوحت بين المد والجزر. فقد فصل السادات أحمد بهاء الدين من عمله ذات مرة ونقله إلى هيأة الاستعلامات، ومنعه من الكتابة مرة ثم عينه على رأس أعلى مؤسسة صحافية في مصر وهي «الأهرام» ثم منعه من الكتابة مرة ثانية.وهي علاقة وصفها الكاتب الصحافي محمود فوزي بأنها «بدأت بالأحضان الدافئة وانتهت بجليد سيبيريا البارد».فقبل سنة 1957 لم يكن هناك لقاء بين الكاتب أحمد بهاء الدين وأنور السادات عضو مجلس قيادة الثورة، وقد اتصل السادات ببهاء في ذلك العام هاتفيا ليبلغه أن الرئيس جمال عبد الناصر قرر تكوين لجنة مصرية للتضامن الآسيوي الإفريقي تساهم باسم مصر في هذه الحركة الواسعة في آسيا وإفريقيا. وتقرر يومها تعيين أنور السادات رئيسا لهذه اللجنة والكاتب يوسف السباعي سكرتيرا لها إضافة إلى 12 عضوا من بينهم أحمد بهاء الدين.وكانت أولى مهام هذه اللجنة السفر إلى «أكرا» (غانا) لتقديم التهنئة إلى الرئيس كوامي نكروما بمناسبة استقلال البلاد، وحضور أول مؤتمر إفريقي يعقد في القارة السمراء الذي حضره كل زعماء ورؤساء الدول التي نالت استقلالها والتي كانت تسعى إلى التحرر.ومن هذه الرحلة وغيرها توطدت العلاقة بين السادات وأحمد بهاء الدين، وكان الأخير يتردد بعد ذلك على السادات بمحل إقامته، وكانا يجلسان في الحديقة يتجاذبان أطراف الحديث حول الأحداث السياسية الجارية وقتها، كما توطدت العلاقة بين جيهان زوجة السادات وزوجة بهاء الدين.وحين حدثت نكسة 1967 وما أعقبها من آثار شملت الحياة الصحافية وكان أحمد بهاء الدين وقتها نقيبا للصحافيين ورئيسا لمجلس إدارة دار الهلال وثار الصحافيون أيامها على احتكار جريدة «الأهرام» ممثلة في الكاتب محمد حسنين هيكل واحتكاره لكل أخبار الرئاسة والدولة، وتم صياغة ذلك في مذكرة قدمت إلى الرئيس جمال عبد الناصر، وحدثت إثر ذلك تغييرات صحافية وعهد إلى علي صبري بالإشراف على جريدة «الجمهورية» كما عهد إلى أنور السادات بالإشراف على جريدة «أخبار اليوم» ودار الهلال.وكان معنى الإشراف هو حل مشاكل هذه المؤسسات بلا بيروقراطية أو روتين حكومي وبأسرع وقت ممكن، وخصصت جريدة «أخبار اليوم» مكتبا لأنور السادات لكي يجلس فيه كلما تردد على الجريدة، واتصل السادات ببهاء الدين لكي يدبر له مكتبا بدار الهلال لكن الأخير رفض بطريقة ديبلوماسية إذ قال له «مكتبي تحت أمرك وهو المكتب اللائق في المؤسسة».وفهم السادات بذكائه السياسي المعهود الرسالة، إذ أحس بهاء الدين أن وجود مكتب للسادات سيكون ذريعة لرئاسته المؤسسة فعليا، كما أن المؤسسة ستنقسم إلى فريقين أو رئيسين.كما أن بهاء الدين اعتاد في كل المؤسسات التي رأسها أن يكون هو المحور بلا منازع وبلا شريك له في الرأي.وأضمر السادات في نفسه لبهاء هذا الموقف، وحين تولى السادات رئاسة الجمهورية خلفا للرئيس جمال عبد الناصر أرسل له أحمد بهاء الدين برقية تهنئة بمناسبة انتخابه رئيسا للجمهورية وكان وقتها أيضا يشغل منصب رئيس اتحاد الصحافيين العرب فاصطحب معه وفدا من الاتحاد لتهنئة السادات في القصر الرئاسي.وحدث أيامها أن اقترح الناقد رجاء النقاش أن يعاد طبع مؤلفات السادات التي كان قد نشرها في ما قبل في دار الهلال والتي تضم ذكرياته في السجن والثورة ومقالاته التي كتبها في جريدة «الجمهورية»، لكن بهاء الدين أدرك للسادات في هذه الكتب تهاجم إنجلترا وفرنسا وأمريكا في أعقاب التأميم، كما أن آراء السادات السياسية التي سبق أن كتبها تختلف الآن بالطبع مع المتغيرات السياسية التي حدثت على مدى سنوات طويلة فضلا على أن الأمر يستقيم الآن ويختلف عن وضعه ككاتب وضعه رئيسا لدولة صارت تربطها علاقات وطيدة بتلك الدول.لكن بعد أيام اتصل السادات بالكاتب أحمد بهاء الدين في منزله، وبعد التحية والسلام قال له «سمعت أنكم تعتزمون إعادة طبع مؤلفاتي في دار الهلال» فأوضح له بهاء الدين موقفه ونصحه بأن تطبع الكتب الأربعة في كتاب واحد بعد حذف المقالات التي تهاجم إنجلترا وفرنسا وأمريكا، لأن الأمور اختلفت الآن. إعداد: عزيز المجدوب

أقلام في وجه السلطة : بهاء الدين… رافض البيروقراطية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حكــايــات اللاعـب "زاز" : الدليمي تلقى معلومات خاطئة عن اعتقالي بتندوف

أسماء في الذاكرة : عبد الله إبراهيم وقصة انقلاب عسكري ناجح

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات