الجزائر… هيمنة نظام ريعي

"الداء الجزائري"... فضيحة الحكام 3 مستورد يقتل ابن جنرال ومسؤولين آخرين بالميناء بسبب شحنة من الموز صدر عن الخبيرين الفرنسيين "جان لوي لوفي" و"بول طوليلا"، أخيرا، كتاب جديد حول الجزائر عن دار النشر "بوكان"، لينضاف إلى عدد من الكتب التي تناولت الوضع بالجزائر. ويأتي هذا الكتاب ثمرة مهمة رسمية كلف بها الكاتبان وألزمتهما الإقامة بالجزائر لمدة خمس سنوات ونصف السنة. وتقدم "الصباح"، عبر حلقات، أهم ما جاء في الكتاب من اختلالات النظام الجزائري والفضائح التي يتورط فيها حكام البلد. عبد الواحد كنفاوي تعاني الجزائر، إضافة إلى الرشوة المتفشية في كل مفاصل الدولة، لعنة الغاز، إذ في الوقت الذي كان بإمكان النظام أن يوظف الموارد المالية المتأتية من صادرات الغاز الطبيعية والمحروقات في بناء اقتصاد البلد، فإن هذا المورد الطبيعي أصبح يعيق تطور البلاد وتحول إلى ريع يتحكم في باقي مكونات الاقتصاد الجزائري. وأوضح الكاتبان أن الريع والرشوة أصبحا العنصرين الأساسيين للدولة الجزائرية مع مرور الزمن، إذ من خلال أجهزتها وعملائها عملت الدولة على تحويل المجتمع الجزائري إلى باحث عن الريع ومرتبط بالنظام، مشيرين إلى أنه يتعين الوقوف على الريع وطبيعته وحجمه وآثاره على المجتمع والأفراد. وأكد الكاتبان أن ما يميز الوضع الجزائري، أن الأمر لا يتعلق بمصدر ريع واحد، ولكن بأشكال ريعية مختلفة ومتنوعة، تتمحور كلها حول المصدر الأم، المتمثل في إيرادات المحروقات، وتهم بالدرجة الأولى قطاع الواردات. وانعكس الارتكاز على موارد صادرات المحروقات، منذ استقلال البلاد في 1962، سلبا على الاقتصاد الجزائري، الذي ظل مرتبطا بشكل كبير بالاستيراد، إذ أن الفلاحة تظل محدودة ولا تمثل أكثر من 7 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي الجزائري، وتعتمد على أساليب تقليدية، ما جعلها غير قادرة على تغطية احتياجات البلد من المواد الفلاحية، كما لم يتم الاهتمام بالتصنيع، ما جعل البلد متوقفا بالكامل على الخارج لتلبية احتياجاته. وهكذا، هيمن كبار المسؤولين على كل حلقات الاستيراد، إذ لا يمكن لأي أحد استيراد أي شيء دون ترخيص من القابضين على زمام الأمر بموانئ ومطارات الجزائر، والمتمثلين أساسا في كبار قادة الجيش وبعض السياسيين ومن يدور في فلكهم. ويحكي الكاتبان حدثا عرضيا، صادفهما خلال تنقلهما من المطار إلى الفندق، يعكس تحكم قادة الجيش وأبنائهم في الاقتصاد الجزائري، إذ أثار انتباههما، خلال مسارهما، حالة استنفار في ذلك اليوم، وعند المرور من نقطة التفتيش، تبين أن الأمر يتعلق بأحد المستوردين، الذي لم يتمكن من توريد شحنة من الموز من الميناء، إذ حجزت عليها السلطات بالميناء بأوامر من ابن أحد الجنرالات، الذي يحتكر استيراد الموز، فأدى ذلك إلى فساد الشحنة، وكان الشخص قد استثمر كل ما يملك لجلب الشحنة، فقرر الولوج إلى الميناء، وهو يحمل مسدسا فأطلق النار على ابن الجنرال وضابط بالجمارك الجزائرية، وشرطيين، قبل أن يطلق النار على نفسه ويضع حدا لحياته. فساد يعكس حادث الموز حجم الفساد الذي ينخر الاقتصاد الجزائري وتحكم قادة الجيش الجزائري في كل القطاعات الاقتصادية، التي لا يمكن الولوج إليها إلا بإذن منهم، وبعد أداء العمولات التي يفرضونها وإلا سيكون مصير من لم يستجب لهم، مثل مآل مستورد الموز. ويعد الرئيس الجزائري هواري بومدين مهندس هذا النظام، المبني على الريع والولاءات.

الجزائر… هيمنة نظام ريعي

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

أربعة ملايير تفصل بونو عن البايرن

الأسود يستعدون لـ"كان" كوت ديفوار

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات