بنسليمان… حارس المرمى والوطن

كسب ثقة الحسن الثاني بعد الانقلاب ووحد المخزن والشيوعيين لا أحد يجادل أن القائد السابق للدرك الملكي الجنرال حسني بنسليمان، يظل من رجالات المغرب الحديث، فرغم مغادرته الجهاز بعد أزيد من 40 سنة من القيادة، ما زال حديث المغاربة إلى اليوم، فالجميع يتذكر هيبته بزيه العسكري المزين بالنياشين، ويتشوق لأخباره بكل لهفة، ما جعل جهات تستغل ذلك لنشر الإشاعات حوله. من مفارقات تاريخ المغرب، أنه في عهد الحسن الأول خلال القرن 19، بزغ نفوذ أربعة قياد وهم الكلاوي وعبد المالك المتوكي وعيسى بنعمر والطيب الكندافي، وفي فترة الملك الراحل الحسن الثاني، شكل الجنرال حسني بنسليمان إلى جانب الجنرالات الراحلين عبد العزيز بناني، وبوشعيب عروب، وعبد الحق القادري، الأعمدة الأربعة للدولة، سيما خلال الفترة العصيبة التي اجتازها المغرب بسبب حرب الصحراء. دكالي في الجيش ولد حسني بنسليمان بالجديدة في 1935، ودون مقدمات صار يتقلد مناصب هامة في الدولة، بعد فترة تكوين، ، في حقبة هيمن فيها كبار ضباط الجيش على المناصب العليا، بداية قائدا لوحدة التدخل السريع، ثم نائبا للمدير العام للأمن الوطني، وبعد كسب المزيد من الخبرة وترقيته إلى كولونيل، عين عاملا على أقاليم طنجة والقنيطرة ومراكش. لكن بعد أحداث انقلاب الصخيرات في 1971، تحول بنسليمان إلى رقم مهم في معادلة إجهاض المحاولة الانقلابية، بداية بإشرافه على بث أخبار فشل الانقلاب على أمواج إذاعة طنجة، ردا على بيان الانقلابيين من إذاعة الرباط، ومطاردة فلول الانقلابيين واعتقالهم، ليحظى بثقة كاملة من الملك الحسن الثاني، الذي عينه قائدا للدرك الملكي، ليتراجع نفوذ الجيش وينحصر وجوده في الثكنات العسكرية، في حين صار الدرك المؤسسة الأمنية الأولى بالمغرب. رياضي عسكري إلى جانب ميوله العسكري، تألق حسني بنسليمان في عالم الرياضة، فكأن القدر اختاره أن يكون حارسا أمينا للجيش والوطن، تألق في حراسة مرمى الفريق العسكري وظفر بألقاب رفقته، من بينها البطولة الوطنية وكأس العرش وكأس السوبر المغربي، لكن بسبب التزاماته المهنية، غادر الرياضة، قبل أن يعود إليها في بداية التسعينات من القرن الماضي، بترؤسه الجامعة الملكية لكرة القدم. شهدت فترة الجنرال حسني بنسليمان، نجاحات كبيرة، إذ تأهل المنتخب إلى مونديال أمريكا في 1994 قبل أن يعيد الكرة بفرنسا 1998، وتألق فيها المنتخب المغربي بشكل كبير، رغم مغادرته الدور الأول مرفوع الرأس بعد تواطؤ بين البرازيل والنرويج. وبعد فترة من الإخفاقات تألقت الكرة المغربية من جديد بالوصول إلى نهائي كأس إفريقيا للأمم في 2004، بقيادة بادو الزاكي ومساعده عبد الغني الناصري، لكن بعد تلك الفترة، عانت الكرة المغربية الأمرين ودخلت في موجة من الإخفاقات جعلته يتنحى لفائدة علي الفاسي الفهري. جهاز قوي بعد تعيين الملك الراحل الحسن الثاني، الجنرال حسني بنسليمان قائدا للدرك الملكي، حدث انقلاب كبير في هذه المؤسسة الأمنية، إذ بعد أن كان نفوذها محصورا على القرى والمداشر والطرق الوطنية، صارت تتحكم في كل صغيرة وكبيرة بالمغرب. ولضمان نجاعة كبيرة في الأداء، حرص الجنرال أن يحظى أفراد جهازه بتكوين وتأطير غير عاديين، لضمان كفاءات في كل التخصصات، وكانت البداية بتطعيم الجهاز بنخبة من التلاميذ الضباط المتفوقين بالمدرسة العسكرية كل سنة. هذا الحرص أعطى ثماره، وجعل الدركي يتميز عن غيره من المنتسبين لباقي المؤسسات الأمنية والجيش، في القيام بأي مهمة قد يكلف بها، فهو جندي قادر على القتال بجميع الأسلحة في ساحة الوغى، وضابط شرطة يحقق في الجرائم الأكثر تعقيدا، وخبير غير عاد في عمل الاستخبارات، ومشرف غير عاد على تنظيم المرور وباقي المهام الإدارية الأخرى، إضافة إلى كفاءة أطر المؤسسة في المختبر العلمي التابع للجهاز. بعبارة أخرى يقوم رجال الدرك بواجبهم بحرا وبرا وجوا. قدم جهاز الدرك في عهد بنسليمان وما زال تضحيات جساما، ويبقى آخرها تقديم خيرة شبابه، حياته فداء للوطن، خلال تفكيك مخيم اكديم ازيك في 2010، عندما غدرت بهم عصابة انفصالية لحظة إشرافهم على تفكيك سلمي للمخيم. موحد المخزن والشيوعية في إطلالة صغيرة على الحياة العائلية للجنرال حسني بنسليمان، نجد أنها تضم قرابات تظهر متناقضة من الوهلة الأولى، لكنها في الحقيقة، ملتحمة وأشد انسجاما تحت راية العرش الملكي. فخال الجنرال ليس سوى الراحل الدكتور عبد الكريم الخطيب، مقاوم وعضو جيش التجرير ورجل وطني بامتياز، بل مهندس دخول الإسلاميين إلى اللعبة السياسية عبر تأسيسه حزب العدالة والتنمية. وإلى جانب الخطيب يظهر قريبه إسماعيل العلوي، الزعيم التاريخي لأول حزب شيوعي بالمغرب وهو التقدم والاشتراكية، كما للجنرال قرابة مع وزير الداخلية الأسبق الراحل إدريس البصري، الذي كان يلقب بالرجل القوي في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، من خلال مصاهرتهما مع عائلة حصار النافذة. مصطفى لطفي

بنسليمان… حارس المرمى والوطن

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

نظام القذافي يدعم قادة الانقلاب

اجتثاث الفساد يتطلب عقليات جديدة

مقالات ذات صلة