الضمانات القانونية… الحقيقة الغائبة في المتابعات التأديبية

التأخير في إخراج المجلس الأعلى للسلطة القضائية يثير إشكالات حول عمل المجلس الحاليساعات قليلة فصلت بين الإعلان عن إنهاء المشاورات بشأن مسودة مشروع قانون السلطة القضائية بين وزارة العدل والحريات والأمانة العامة للحكومة، قبل إحالته على المجلس الوزاري المقبل قصد المصادقة، والإعلان عن نتائج المجلس الأعلى للقضاء، هل الأمر مجرد صدفة؟ أم ماذا؟ فرغم العطلة الصيفية، انخرط القضاة في قراءة مشروع القانون لمعرفة مدى استجابته لمقترحاتهم، ومدى التطبيق الفعلي لاستقلال السلطة القضائية وقطع حبل السرة مع وزارة العدل والحريات، في ما يخص الشأن، المهني، وهل الأمر يتضمن إشارات قوية ببدء العد العكسي للتنزيل الفعلي للسلطة القضائية بعد ثلاث سنوات من الانتظار، بل 15 سنة من حكم الملك محمد السادس الذي جعل القضاء ضمن الأولويات في الأجندة الملكية، إذ لا تكاد تمر مناسبة دون أن يحتل استقلال القضاء حيزا مهما في الخطب الملكية، التي تحاول دائما وضع خارطة الطريق لإصلاح القضاء، في معناه الشمولي بدءا من المجلس الأعلى للقضاء، بالنظر إلى المكانة الدستورية التي يتبوؤها، ووصولا إلى السلطة القضائية التي ترجمها دستور 2011. وفي خضم ذلك النقاش تم الإعلان عن نتائج أشغال المجلس الأعلى للقضاء، وكان المثير فيها هو عدم استفادة عدد من القضاة من الترقيات بالإضافة إلى ما أسموه الطامة الكبرى المتعلقة بالعقوبات التأديبية، في حق 12 قاضيا من أصل 14 كانوا محالين عليه، قطعت على هؤلاء القضاة الحق في الاستفادة من حق الطعن الذي منحهم إياه دستور 2011 في قرارات المجلس الأعلى للسلطة القضائية، أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض. فرغم المطالبة المتكررة للقضاة بجميع جمعياتهم المهنية بوقف المتابعات التأديبية أمام المجلس الأعلى للقضاء إلى حين تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية، استمر المجلس في دراسة الملفات التأديبية للقضاة، وإصدار عقوبات وهي التي دفعت القاضي محمد الهيني إلى التلويح بتقديم استقالته بل امتد الأمر إلى أن عددا من القضاة أعربوا عن تضامنهم معه بسلك الطريق نفسه وتقديم الاستقالة، تعبيرا عن رفضهم استمرار المجلس في تجاهل المقتضيات والضمانات الدستورية التي منحت لهم. حالة الغليان التي يوجد عليها القضاة اليوم تعود إلى عدم التنزيل الفعلي للخطابات الملكية المتعلقة بالسلطة القضائية، واستمرار المجلس الأعلى في ممارسة مهامه استنادا إلى الفصل 364 من الدستور الذي ينص على أنه «يستمر المجلس الأعلى للقضاء في ممارسة صلاحياته، إلى أن يتم تنصيب المجلس الأعلى للسلطة القضائية». في محاولة لتغييب الفصل 113، الذي يمنح الشرعية للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في السهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، سيما في ما يخص استقلالهم وتعيينهم وترقيتهم وتقاعدهم وتأديبهم، ويضع المجلس الأعلى للسلطة القضائية بمبادرة منه، تقارير حول وضعية القضاء ومنظومة العدالة، كما يمكن القضاة المعاقبين تأديبيا من الطعن في تلك القرارات ضمانا للمحاكمة العادلة أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، إذ لا يمكن أن ينص دستور 2011 الذي اعترف بالقضاء سلطة مستقلة، على حق القضاة في الطعن والتظلم من كل قرارات المجلس ولا يتم تمكينهم من ذلك، فضمانات المحاكمة العادلة تنبني على ذلك، حتى وإن كان هؤلاء القضاة مذنبين بفعلتهم. لا أحد يرفض معاقبة المخالفين للقانون، خاصة إن كانوا ممن يسهرون على حمايته وعلى ضمان الحقوق، بل إن مخالفتهم أو أخطاءهم تعد ظرف تشديد بالنظر إلى المهمة المنوطة بهم، إلا أنه بالمقابل يجب تمتيعهم بجميع الضمانات القانونية، حتى تكون المحاكمة التأديبية عادلة.كريمة مصلي

الضمانات القانونية… الحقيقة الغائبة في المتابعات التأديبية

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحكومة ترد على مزاعم المسؤولين الجزائريين

فضيحة تحفيظ عشرات الهكتارات بوثائق مزورة بميدلت

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات