السكان ضاقوا ذرعا بشوارعه المتربة والمظلمة ومظاهر ترييفه المتواصلة وجه سكان سيدي بوزيد، ضواحي الجديدة، لمناسبات عديدة، عرائض وشكايات إلى المجلس الجماعي لمولاي عبد الله والسلطات الإقليمية، في شأن افتقار المصطاف المذكور لأبسط ضروريات البنية التحتية اللازمة، من طرق معبدة وإنارة وتطهير سائل، وظلت شكاياتهم تلك تراوح مكانها على رفوف المسؤولين، بل خلال السنتين الأخيرتين، انخرط المصطاف في موجة "ترييف" لمعالمه حولته إلى ما يشبه "سويقة " في إحدى البوادي العميقة. إنجاز: عبد الله غيتومي (الجديدة) يبدو للزائر، أول وهلة، أن مصطاف سيدي بوزيد من خمسة نجوم، عندما تصدمه مياه المحيط الأطلسي الزرقاء في عناق خلاب مع أشعة شمس ساطعة، لكن هناك مبررات موضوعية لطرح السؤال "المزوق من برا أش خبارك من الداخل؟"، ذلك يفرض بالضرورة التوغل أمتارا قليلة بعيدا عن الوجهة البحرية، حيث الوجه الحقيقي لسيدي بوزيد، الذي يحكي عن اختلالات فظيعة في التعمير، في غفلة من السلطة المحلية وعيون "الشيوخ والمقدمين". الوجه الخفي للمصطاف هو مصطاف لم يحدث أبدا لإقامات من طابقين كما أضحى الأمر عليه، ويكتشف الزائر حجم معاناة القاطنين به باستمرار، حيث الشوارع والأزقة متربة، بدون تعبيد، وغياب الإنارة والتطهير السائل، وتراكم النفايات بشكل مستمر، لندرة التدخلات اليومية من قبل الجماعة لجمع الأزبال وردم البناء المتناثرة هنا وهناك. وإذا كان السكان، في شكاياتهم المتكررة، يعانون صيفا بسبب غبار الأتربة المتطاير الذي يحرمهم من فتح نوافذ منازلهم، فإنهم في فصل الشتاء عرضة للأوحال و"الضايات"، ولفت المتضررون انتباه المسؤولين إلى أن البنايات المتعثرة منذ سنوات، أضحت ملاذا للسكارى وذوي السوابق يأتون فيها سلوكات مخلة بالحياء، بل وفي الكثير من الأحيان ماسة بأمن وسلامة السكان. ترييف وولاءات انتخابية في وقت كان الجميع يعقد آمالا عريضة على مولاي المهدي الفاطمي، رئيس المجلس الجماعي لمولاي عبد الله، كي يعبئ المزيد من الجهود لاسترجاع اللواء الأزرق الذي "سحب" من شاطئ سيدي بوزيد، نتيجة ملاحظات لجنة الانتقاء، لوحظ خلال السنتين الأخيرتين نزوع واضح نحو "ترييف" المصطاف، فإذا كان نشر أكشاك بمواصفات مقبولة جماليا، مستحبا من كل الوافدين، فإنه من غير المقبول إطلاقا التراجع راديكاليا عن الصورة التي رسمها صالح لمزيلي (العامل الأسبق)، إذ نرى اليوم باعة جائلين و"فراشة" ودكاكين بدون ترخيص من رحم واجهات فيلات لشي السردين وبيع الإسفنج والفطائر وغيرها، واحتلالا فظيعا للرصيف العمومي المطل على الشاطئ من قبل أغيار حولوه ليلا ونهارا إلى ما يشبه "سويقة" بأحد الأحياء الشعبية العميقة، في وقت يتحدث متتبعون عن أن الرئيس مكتوف اليدين نتيجة رضوخه لسلوكات بعض المنتخبين، الذين جعلوا من سيدي بوزيد قاعدة خلفية لتقوية الولاءات الانتخابية الضرورية متى دنا وقت الحملات والاستحقاقات، بل ومن أبشع الصور أن تعلق الجماعة لافتات الوقوف بالمجان بسيدي بوزيد، ويبادر فتوة وأغيار إلى استخلاص مداخيل غير قانونية، دون تحريك مساطر متابعة في حقهم من قبل المجلس الجماعي لمولاي عبد الله. شيء من التاريخ ظل سيدي بوزيد، الواقع على بعد خمسة كيلومترات جنوب الجديدة، شاطئا منسيا إلى حدود سبعينات القرن الماضي، وكان العامل الأسبق، المرحوم صالح لمزيلي، من قرر إحداث هذا المنتجع في إطار تعبئة شواطئ جديدة، لتخفيف الضغط عن شاطئ الجديدة، الذي كان مقصد عدد كبير من الزوار في فصل الصيف، خاصة من مراكش. وكانت نظرة العامل المذكور أن يكون جوهرة يضاهي بها عين الذئاب بالبيضاء ومنتجعات أخرى بالشمال، وسارت الأمور، بداية، وفق ما رسمه من توجهات، ومنها إحداث تجزئة عبارة عن "شاليهات" تغيرت معالمها بمرور الأيام، بل هناك من عمد، عنوة، إلى الاستيلاء على مساحات شاسعة من الملك العمومي الجماعي، أضيفت إلى الأرصدة العقارية لشخصيات نافذة بدون سند قانوني، وهي اﻵن موضوع مطالب تحفيظ، تفرض على وزارة الداخلية تحريك مساطر استرجاعها صونا لممتلكات الدولة والجماعة، كان ذلك نقطة انحراف فظيع في البنية العقارية لسيدي بوزيد، ترتبت عنها عشوائية بادية للجميع على مستويات متعددة.