ارتفعت التعاملات نقدا "كاش" بشكل ملحوظ، خلال السنة الجارية، ليتجاوز الحجم الإجمالي للأموال المتداولة خارج القنوات البنكية 369 مليار درهم (حوالي 37 ألف مليار سنتيم) عند نهاية ماي الماضي، ما يمثل زيادة بقيمة 40 مليار درهم (4 آلاف مليار سنتيم)، مقارنة بالمستوى المسجل خلال الشهر ذاته من السنة الماضية. وسجل بنك المغرب، بالمقابل، تراجعا في الودائع لأجل لدى البنوك بناقص 3 ملايير و364 مليون درهم (أزيد من 336 مليار سنتيم)، مقارنة بقيمتها عند نهاية ماي من السنة الماضية. وعرفت الحسابات الجارية، التي يمكن التصرف في ودائعها كل حين، زيادة بقيمة 6 ملايير و106 ملايين، مقارنة بأبريل الماضي، وبأزيد من 63 مليار درهم (6300 مليار سنتيم)، بالمقارنة مع حجمها خلال ماي من السنة الماضية، لتصل في مجملها إلى 761 مليارا و983 مليون درهم (أزيد من 76 ألف مليار سنتيم)، علما أن هذه الودائع لا تؤدي البنوك أي فوائد لأصحابها وتمثل النسبة الكبرى من مواردها. وأرجع خبراء ارتفاع التعامل نقدا إلى عيد الأضحى والارتفاع الملحوظ لأسعار الأضحيات، خلال هذه السنة، ما رفع النفقات الإجمالية للأسر، حسب معطيات المندوبية السامية للتخطيط، إلى 18 مليار درهم (1800 مليار سنتيم)، مقابل 15.4 مليار درهم (1540 مليار سنتيم) خلال 2019. بالموزاة مع ذلك، فإن حجم الاقتصاد غير المهيكل، الذي يمثل حوالي 30 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، يساهم، أيضا، في ارتفاع حجم "الكاش" المتداول. ولم تفلح الإجراءات المعتمدة لتشجيع إعادة الأوراق والقطع النقدية إلى البنوك في تحقيق أهدافها، إذ استمر المواطنون في تفضيل الاحتفاظ بالسيولة لديهم، عوض إيداعها في حساباتهم البنكية. ودفع استمرار الأزمة عددا من الأسر إلى الاحتفاظ بالسيولة نقدا "الكاش" لديها، لمواجهة أي طوارئ، رغم أن الاقتصاد الوطني ما يزال يحظى بنوع من المناعة تجاه التقلبات التي تعرفها مختلف الأسواق العالمية. وأبانت الإحصائيات الأخيرة التي كشف عنها البنك المركزي تراجع وتيرة نمو الودائع لأجل لدى البنوك. واعتبر عبد اللطيف الجواهري إشكالية التعامل بـ"الكاش" تعود إلى أسباب ثقافية، ما يفرض التفكير في آليات من أجل تغيير هذه العادات وترسيخ ثقافة الرقمنة واعتماد وسائل الأداء البديلة، عوض التعامل نقدا، خاصة أن طبع النقود ونقلها وتأمينها يكلف كثيرا، عكس وسائل الأداء الأخرى، خاصة الرقمية منها، التي تعد أقل كلفة وأكثر أمانا. عبد الواحد كنفاوي