دراسة ترصد نظرتهم إليه وإلى جهود الدولة في محاربته وردت في دراسة حديثة أجراها المركز المغربي للدراسات الاجتماعية والإعلامية، مجموعة من المعطيات والأرقام تهم رأي الشباب في عدد من المواضيع، أبرزها نظرتهم إلى الفساد وموقفهم من جهود الدولة في محاربته، ومدى تأثيره عليهم في مسارهم الدراسي والمهني، علاوة على ثقتهم في المستقبل، ومدى استعدادهم للهجرة إلى الخارج. وسنسلط في هذه الورقة الضوء على أبرز ما ورد في هذه الدراسة، التي تأتي في سياق تعالت فيه أصوات الفئة الشابة ضد الفساد. إنجاز: عصام الناصيري طرحت الدراسة سؤال، هل تشعر بالثقة في مستقبلك ومستقبل المغرب بشكل عام؟ وكانت أجوبة35.05 في المائة من الأفراد أنهم لا يثقون في مستقبلهم، ومستقبل المغرب بشكل عام. هذه النسبة تشير إلى وجود قلق أو عدم ثقة لدى هؤلاء الأفراد في ما يتعلق بالمستقبل. وبالمقابل قالت نسبة 22.9 من المستطلعين إنهم يثقون في مستقبلهم ومستقبل المغرب بشكل عام، وتقول الدراسة إن هؤلاء الأفراد يعبرون عن ثقة تامة في المستقبل ويشعرون بتفاؤل كبير. وعبر 41.6 في المائة من المستطلعين أنهم يثقون نوعا ما في مستقبلهم ومستقبل المغرب بشكل عام، وهو ما فسرته الدارسة بالقول إن "هذه النسبة تشير إلى وجود ثقة معتدلة في المستقبل، واعتقاد بأن هناك فرصا وإمكانيات للتحسين إلى حد ما". من خلال هذه النتائج، ترى الدراسة أن هناك تشكيلة واسعة من الاستجابات بين الأفراد، في ما يتعلق بالثقة في المستقبل، وقد يتأثر هذا التصور بالعديد من العوامل مثل الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، وتجارب الأفراد الشخصية. الدراسة والعمل تطرقت الدراسة، موضوع الاشتغال، إلى مدى تأهيل النظام التعليمي للشباب لولوج سوق الشغل، وجاءت أجوبة المستجوبين سلبية نسبيا، إذ قالت نسبة 5.7 في المائة فقط، إنهم يعتقدون أن النظام التعليمي في المغرب يؤهل الشباب بشكل كاف لسوق العمل، هذا يعني أن هؤلاء الشباب يرون أن النظام التعليمي، يقدم المهارات والتدريب اللازمين للشباب للتأهل والتفوق في سوق العمل. وأما أغلب المستجوبين فعبروا عن رأي مخالف، إذ قالت نسبة 70.2 في المائة إن النظام التعليمي في المغرب لا يؤهل الشباب بشكل كاف لسوق العمل، وهذا يعني حسب الدارسين أن المستجوبين يرون أن هناك نواقص أو تحديات في النظام التعليمي، يجب تحسينها لتمكين الشباب من الحصول على المهارات والمعرفة اللازمة للتواصل، والنجاح في سوق العمل. وشكلت نسبة المعتدلين 24,1 في المائة، إذ أكدت هذه الشريحة أنها تعتبر النظام التعليمي يؤهل الشباب نوعا ما، ويقدم بعض التأهيل ولكن لا يكفي بشكل كامل. وحول ما إذا كانت الفرص الدراسية في المغرب متاحة للجميع على قدم المساواة، ترى نسبة 7.8 في المائة من المشاركين أن الفرص الدراسية في المغرب متاحة للجميع على قدم المساواة، عكس 73.9 في المائة التي ترى أنها غير متاحة للجميع على قدم المساواة، في حين عبر 18.4 في المائة عن موقف وسطي، إذ عبروا عن شكوك أو تحفظات بخصوص إتاحة الفرص الدراسية في المغرب للجميع على قدم المساواة. ويستنتج من نتائج هذا التحليل الوصفي، حسب الدارسين، أن هناك نسبة كبيرة من الأشخاص يشككون في إتاحة الفرص الدراسية في المغرب للجميع على قدم المساواة، ويمكن أن تكون هناك حاجة للتركيز على تحسين فرص الولوج إلى تعليم يضمن كفاءة للمتعلمين. وتطرقت الدراسة إلى السؤال "هل تعتقد أن الفرص الدراسية المتاحة للجميع في المغرب كافية لتحقيق النجاح؟"، إذ ترى نسبة 29.4 في المائة من المستجوبين أن الفرص الدراسية المتاحة للجميع في المغرب نوعا ما كافية لتحقيق النجاح، مقابل 12.2 في المائة منهم ير أن فرص الدراسة المتاحة كافية لتحقيق النجاح. وعكس الرأيين السابقين، عبرت نسبة 58.4 في المائة على أن تلك الفرص غير كافية لتحقيق النجاح. بعبع الفساد طرح الدارسون على الشباب المشاركين في الاستطلاع، سؤال "هل ترى أن الفساد يؤثر على فرص الشباب في العمل والحصول على فرص دراسية؟"، وكان الجواب أن 90 في المائة يعتقدون أن الفساد يؤثر بشدة على فرصهم في العمل والحصول على فرص دراسية، في المقابل، يعتقد 7.8 في المائة أن تأثير الفساد ضعيف، ويرى 1.2 في المائة فقط أن الفساد لا يؤثر على فرصهم. وقال الدراسون إن هذا التحليل يعكس توجها واضحا من الشباب بشأن تأثير الفساد على فرصهم، ويشير الرأي السائد بين الشباب إلى أن وجود مستويات عالية من الفساد يعوق فرصهم في العمل والحصول على فرص للدراسة، ويمكن أن يؤدي الفساد إلى تحييد الفرص العادلة وتحجيم النمو والتنمية الشاملة. ورجحت الدراسة أن تكون هذه النتائج، مدعاة إلى تعزيز جهود مكافحة الفساد وتحسين الشفافية والمساءلة في البلاد، من خلال تعزيز نظام العدالة وتعزيز القيم الأخلاقية، وتوفير بيئة نزيهة ومواتية للأعمال والتعليم، لتحسين فرص الشباب وتحقيق تنمية مستدامة تعم الجميع. ويتضح من نتائج الاستبيان أن هناك تقييمات متباينة بين الشباب، بشأن جدية الدولة في مكافحة الفساد في البلاد، ويشير 45.5 في المائة من الشباب إلى أن الدولة تعمل على مكافحة الفساد، ولكن بشكل غير كاف، مما يعكس إدراكهم لوجود جهود تبذل، لكنها لا تكفي للتصدي لهذه المشكلة بشكل كامل. وبالمقابل، يعتقد 3.7 في المائة من الشباب أن الدولة تعمل بجدية في مكافحة الفساد، وبشكل كاف، مما يشير إلى رؤيتهم لجهود الدولة باعتبارها فعالة وملائمة. ومن ناحية أخرى، يعتقد 50.5 في المائة من الشباب أن الدولة لا تعمل بجدية في مكافحة الفساد، مما يعني أنهم يشعرون بعدم وجود جهود كافية أو تراكم المشاكل في هذا الجانب. ويرى الدارسون أن هذه النتائج تعكس تنوع وتعدد الآراء بين الشباب، إذ أن حوالي نصف المستجوبين يشعرون بأن الدولة لا تعمل بجدية كافية في هذا الصدد، مما يشير إلى الشعور بعدم الرضا والاستياء تجاه جهود مكافحة الفساد الحالية. ويمكن أن يكون السبب وراء تقييماتهم المختلفة هو تجربتهم الشخصية، ومدى تأثرهم بظاهرة الفساد في المجتمع، بالإضافة إلى الإجراءات والسياسات التي اتخذتها الدولة في هذا الصدد. وأشار معدو الاستطلاع إلى أن هذه النتائج تحتاج إلى دراسة وتحليل أعمق، لفهم الأسباب المحتملة وراء هذه الآراء المتباينة، بالإضافة إلى اتخاذ إجراءات إضافية لتعزيز جهود مكافحة الفساد، وتعزيز ثقة الشباب في جدية الدولة في هذا الصدد. الحرية والمشاركة لم تغفل الدراسة رصد رؤية الشباب حول مستقبل حرية التعبير في المملكة، إذ طرحت سؤل "هل تعتقد أن الشباب المغربي يتمتع بالحرية الكافية للتعبير عن آرائه والمشاركة في الحياة العامة؟"، وفقا لنتائج الدراسة فإن 15.5 في المائة من الشباب يعتقدون أنهم يتمتعون بحرية كافية للتعبير عن آرائهم، والمشاركة في الحياة العامة، في حين يعتقد 39.6 في المائة أنهم يتمتعون بالحرية نوعا ما. وعلى الجانب الآخر، يرى 44.9 في المائة من الشباب المستجوبين أنهم لا يتمتعون بحرية كافية في هذا الصدد. وأشارت الدراسة إلى أن هذه النتائج توضح وجود تحديات تتعلق بحرية التعبير، والمشاركة العامة للشباب في المغرب، إذ أن النسبة الأكبر من الشباب الذين يشعرون بعدم وجود حرية كافية، قد تكون نتيجة لعوامل مثل القيود القانونية، والتهديدات أو التضييقات على حقوق الحريات الأساسية، وعدم توفر منصات وفرص للتعبير والمشاركة. ولتعزيز حرية التعبير والمشاركة العامة للشباب، تقترح الدراسة على الحكومة والمؤسسات المعنية، العمل على تعزيز الحقوق والحريات الأساسية والمشاركة المدنية. ويجب أيضا وفق النص ذاته، توفير بيئة آمنة وملائمة للشباب للتعبير عن آرائهم وتبادل الأفكار، وتعزيز الحوار والتفاعل بين الشباب والمؤسسات الحكومية والمجتمع المدني. الشباب والتغيير وفي ما يتعلق بإمكانية التغيير في المغرب، سئل الشباب حول "هل ترون أن هناك مجالًا كافيا للتغيير الاجتماعي والسياسي في المغرب؟"، فأظهرت النتائج تباين آرائه حول فرص التغيير الاجتماعي والسياسي في البلاد، إذ هناك نسبة قدرها 29 في المائة تعتقد أن هناك مجالا كافيا للتغيير، وهو أمر يعكس رغبة الشباب في المشاركة والمساهمة في تحقيق التغيير. وبالمقابل يرى 38.8 في المائة من الشباب أن هناك مجالا للتغيير نوعا ما، مما يشير إلى وجود بعض القيود أو التحديات، التي تحول دون تحقيق التغيير الكامل، الذي يطمحون إليه. ومن جهة أخرى قالت نسبة 32.2 في المائة من الشباب، إنه لا يوجد مجال كاف للتغيير. ويشرح الاستطلاع أن النسب المتباينة قد تتأثر بالعديد من العوامل المختلفة، مثل تجارب الأفراد ورؤيتهم السياسية، والتحديات الاجتماعية والسياسية التي يواجهونها في حياتهم اليومية. ولتحقيق تغيير فعال، يمكن للشباب أن يلعبوا دورا هاما في المشاركة المدنية، والتعبير عن آرائهم والعمل المشترك لتحقيق التغيير الذي يصبون إليه. وخلصت الدراسة إلى أن الحركات الاجتماعية التي شهدتها المغرب في السنوات الأخيرة، تشير إلى رغبة الشباب في التغيير، واستعدادهم لخوض تجارب جديدة قد تأخذ شكلا سياسيا واجتماعيا. واعتبرت الدراسة الانخراط الكبير في برامج دعم الشباب الاقتصادي وتمويل المشاريع، دليلا إيجابيا على قدرة الشباب المغربي على المشاركة السياسية، والانخراط الاجتماعي عند توفر الفرص المناسبة.