رؤساء جهات وجماعات يسارعون إلى مكاتب قيادات أحزابهم خوفا من المحاسبة يسارع منتخبون كبار الزمن استعدادا لصدور تقارير جهوية سلبية تنذر بسقوط رؤساء جماعات ترابية حاليين وسابقين، إذ بدأ موسم التوافد على المقرات المركزية للأحزاب لطلب حماية الأمناء العامين، بعد انتشار تسريبات عن اتساع دائرة المحاسبة في صفوف الماسكين بزمام المجالس في الجهات. وتواجه قيادات حزبية، استفادت من مقاعد التحالف الثلاثي بعد انتخابات شتنبر 2021، تهما بالاغتناء غير المشروع والتحايل على قانون التصريح بالممتلكات، في ظل غياب إجراءات بعدية تتوخى التحقق من عدم توظيف المسؤولية في جمع الثروات. وتطالب هيآت حقوقية المجلس الأعلى للحسابات بإجراء افتحاص شامل لأوجه التدبير المالي والإداري لجهات، خاصة جهتي الصحراء وجهة سوس ماسة وجهة كلميم واد نون، إثر تداول لوائح أتباع وأقارب يتوصلون بمنح سنوية بذريعة دعم الجمعيات، إضافة إلى تصريحات بخصوص صرف مبالغ ضخمة في أمور هامشية، وتوصل الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش بشكايات تتعلق بهدر أموال عمومية تحت غطاء الشرعية. ولم يتردد منتخبون أعضاء في مجالس جهوية وإقليمية في توجيه اتهامات لرؤساء جهات بالتلاعب في مسارات توزيع الميزانيات بين الجماعات الداخلة في نطاق اختصاصهم الترابي، إذ نددوا بتحكم المنطق الانتخابي والحسابات الحزبية الضيقة في برمجة المشاريع والمصادقة على الاتفاقية، بدافع محاباة لمنتخبين ينتمون إلى أحزاب الرؤساء. وعلمت "الصباح" أن أعضاء مجالس عمالات وأقاليم انتفضوا على الرؤساء جراء معاملة تفضيلية تحظى بها جماعات دون أخرى، مستعجلين تدخل سلطات الوصاية، لوضع حد للتمييز لصالح جماعات يرأسها أعضاء من أحزاب رؤساء الجهات. وتعالت الأصوات المنددة بطغيان الاعتبارات السياسية الضيقة على تنفيذ كثير من المشاريع، بالانحياز لجماعات ترابية بعينها على حساب أخرى، ما من شأنه أن يؤثر سلبا على تحقيق العدالة المجالية ومحاربة الفوارق بين مختلف الأقاليم، وبين الجماعات المحلية داخل الإقليم نفسه من ناحية أخرى. ودعا المحتجون إلى تجاوز منطق البهرجة والحسابات الانتخابوية في التدبير، مع إعطاء الأولوية للنهوض باختصاصات الجهات باعتبارها شريكا فعالا وأساسيا للدولة، منبهين إلى غياب الجودة وضعف إشراك المنتخبين في المشاريع، وبالخصوص تلك التي تهم البنيات التحتية، إضافة إلى ضعف الشفافية والنجاعة في الأنشطة ذات العلاقة بالتنشيط الاقتصادي والاجتماعي، ما عكس تذبذب تسيير مكاتب مجالس جهوية وأغلبيتها في التعاطي مع حاجيات الجهات وتطلعات سكانها. ويشكك أصحاب الشكايات في شفافية الصفقات والاتفاقيات، مستدلين على ذلك بمذكرات ملاحظات لقضاة المجلس الأعلى للحسابات رصدت نواقص واختلالات شابت عمليات تنفيذ مشاريع، من خلال الاطلاع على ملفات الصفقات والوثائق الموازية والمحاسبية، سواء تعلق الأمر بالميزانيات أو الحسابات الإدارية أو حسابات التسيير أو قوائم ترحيل الاعتمادات، منبهين إلى أن الإكثار من صفقات سندات الطلب واللجوء المتكرر للممونين أنفسهم يضرب في الصميم عقلنة النفقات. ياسين قُطيب