دورات مـاي … تركـات ملغومـة

صراع على الامتيازات وتهافت على الدعم واتفاقيات الشراكة يفضحان تضارب المصالح إعداد ياسين قُطيب تعددت بؤر الصراع في الجماعات الترابية، خلال دورات ماي الجاري، لكن نقطة برمجة الفائض هي التي أفاضت كؤوس المجالس على اختلافها ، في ظل غياب للوثائق ذات الصلة وخرق مقتضيات المادة 35 من القانون التنظيمي 113.14، المتعلق بالجماعات، حسب معسكرات المعارضة التي أثارت كذلك غياب المرجعية التنموية في الإنفاق وغياب المعطيات الضرورية لاتخاذ قرارات سليمة. ورطة برمجة الفائض تنوعت الانتقادات الموجهة لمكاتب المجالس، بخصوص مسطرة إعادة برمجة فائض السنة الماضية، وكان في مقدمتها عدم التقيد بمقتضيات المادة 183 من القانون التنظيمي 113.14، التي تفرض أن يتم ذلك طبقا لبرنامج عمل الجماعة، وهو ما لم تتم إثارته، ما اعتبر، في نظر المعارضات، عشوائية وارتباكا في البرمجة، وقصورا في عمل مسيري الجماعة. وذهب أعضاء في مجلس الرباط حد التساؤل عن مصدر الفائض المعلن، وهل يتعلق الأمر بالموارد، التي تدبرها الجماعة بشكل مباشر، أم بالموارد التي تدبرها مديريات وزارة المالية، أم بدعم استثنائي من صندوق الضريبة على القيمة المضافة، في إشارة إلى ما صرحت به الرئيسة، خلال الدورة العادية لفبراير 2022، عندما كشفت أنها تمكنت من تعبئة ترخيص استثنائي بمبلغ يزيد عن ستة ملايير من مصالح وزارة الداخلية، من أجل صفقة صيانة منشآت الإنارة العمومية، ما يعني في نظر المعارضة أن الفائض أقل من مليار سنتيم، مطالبين بتوضيح بهذا الخصوص. وغرقت دورات ماي الجاري في تضارب المعلومات، بخصوص عدة ملفات على رأسها تركة الموظفين الأشباح، وتطبيق القرارات الجبائية، ما هدد المجالس المعنية بفقدان المصداقية، وظهورها بمظهر ضعف الكفاءة، وعدم القدرة على ضبط المعطيات. ورفض مستشارون في جماعة العاصمة القول بأن الفائض يتحقق لأول مرة في تاريخ الرباط، وأن ذلك تكذبه معطيات تدبير ميزانية الجماعة خلال السنوات الماضية، ضاربين المثال على ذلك بسنة 2018، التي سجل فيها فائض حقيقي يقارب 60 مليون درهم، تم اقتطاعه من المنبع لتنفيذ العديد من الأحكام الصادرة ضد الجماعة، في ملفات تعود إلى فترة ما قبل انتخابات شتنبر 2015. غنائم الدعم و الشراكات أشعلت دورات بداية الصيف فتيل الصراع داخل جل الجماعات والجهات، إذ علت الأصوات المعارضة المطالبة بالكشف عن أسماء أعضاء الجمعيات المستفيدة من غنائم الدعم و الشراكات، في ظل شبهات بتفويت تسيير مرافق لجمعيات، يرأسها أعضاء من المجالس المانحة. ولم تسلم الأقاليم الجنوبية من حمى الصراع على الدعم، إذ كشفت مصادر "الصباح" أن جدول أعمال دورة المجلس البلدي للعيون المنعقدة، بحر الأسبوع الماضي، تضمن نقطة للمصادقة على مشروع اتفاقية للتسيير والتنشيط الرياضي للنادي البلدي النسوي، مع جمعية ترأس مكتبها التنفيذي مستشارة بمجلس الجماعة المذكورة. وخلصت لجان تدقيق العمليات المالية والمحاسبية للجماعات، تابعة للمصالح المركزية في الإدارة الترابية، إلى وجود قنوات ريع بالملايير، يتحكم فيها الرؤساء بواسطة شراكات لتوزيع المال العام على شبكات من الأتباع . منافع خاصة وتضارب مصالح سجلت لجان التدقيق انفراد بعض الرؤساء بإصدار قرارات تحديد مبالغ المنح، في غياب أي معيار، وبعيدا عن مداولات المجالس، علما أن صلاحيات توزيع المساعدات والدعم لفائدة الجمعيات تدخل في إطار الاختصاصات الممنوحة حصرا للمجالس ككل، كما هو منصوص عليه في المادة 92 من القانون التنظيمي رقم 113.14، محذرة من الخطر الذي يهدد المال العام، بالنظر إلى الإعانات المالية المقدمة للجمعيات، التي تشكل جزءا مهما من المصاريف، التي تؤديها الجماعات. وعبر أعضاء من صفوف المعارضة بمجالس بجهة مراكش آسفي عن استنكارهم لحالة الاستهتار واللامبالاة بقضايا المواطنين، التي ميزت عمل الجماعات الترابية، سيما حالة التفكك واللا استقرار، التي صاحبت عمل هذه المجالس، مسجلة أن في ذلك دليلا إضافيا على أن الأغلبيات المشكلة لها قائمة على تحقيق المنافع الخاصة وتضارب المصالح واستغلال النفوذ، وهو الأمر الذي يسيء للعمل السياسي النبيل، ويشكل حالة من التردي والتراجع الخطير على مختلف المكتسبات التنموية المحققة للمواطنين والمواطنات وخدمات القرب بالجماعات الترابية. وتستقبل جماعات جهة كلميم واد نون دورات ماي على إيقاع التنديد بالوضع الذي تعيشه كل الجماعات الترابية، بسبب تعدد المجالس المبلقنة وغير القادرة على توفير أغلبيات منسجمة ومعارضات قوية. أزمة نخب تعاني أغلب المجالس الترابية بسبب أزمة على مستوى النخب، بما في ذلك مجلس الجهة، الذي يتخبط بدوره نتيجة عدم استحضاره للأولويات في المشاريع التي يصادق عليها، خاصة أن مطالب السكان تجمع على أن الأولوية اليوم هي للتشغيل، باعتباره جزءا من مجالات تدخل ضمن صميم اختصاص الجهات. وتواجه الجهة المذكورة أرقاما متزايدة عن الشباب، الذين يواجهون الموت في قوارب الهجرة، بسبب الفشل في استقطاب وحدات إنتاجية أو مصانع أو توفير بنية تحتية للتشغيل ودعم الاستثمار. كما تعاني حواضر الجهة تدني جودة المشاريع التي انطلقت بها، سواء تعلق الأمر بالطرق أو الشوارع أو الأرصفة والمساحات الخضراء وغيرها، مع بطء شديد في تنفيذ العديد من المشاريع المبرمجة. "مستودعات التثليج" لم تجد بعض المجالس بدا من إعادة توزيع ميزانياتها، كما هو الحال بالنسبة إلى مجلس البيضاء الذي صادق خلال الجلسة الأولى من دورة ماي العادية، على إلغاء اعتمادات في ميزانية التجهيز، وعلى إعادة برمجة أخرى تم إلغاؤها في ميزانية التجهيز، وكذا فتح اعتمادات مالية بحساب النفقات من المبالغ المرصودة، والمسمى "تأهيل مستودعات التثليج". وصادق أعضاء المجلس، كذلك، على إلغاء المقرر عدد 41/2022 المتعلق بالموافقة على برمجة اعتمادات في ميزانية التجهيز للجماعة، برسم السنة المالية 2022، وعلى برمجة اعتمادات في ميزانية التجهيز للجماعة، برسم السنة المالية 2023، يتعلق بأشغال تأهيل المنطقة الصناعية لسيدي البرنوصي 2023، وعلى مشروع تحويلات لبعض فقرات حساب النفقات من المخصص المالي المرصود لبعض المقاطعات، برسم السنة الحالية. مؤشرات خطيرة اختارت معارضات بعض المجالس الهروب من آخر الدورات، كما هو الحال بالنسبة إلى مجلس جماعة فاس الذي عقد دورته العادية للشهر الجاري في قاعة شبه فارغة، بعدما أعلنت أكبر فرق المعارضة انسحابها بذريعة الاحتجاج على اعتداءات على إحدى المستشارات. ولم يتجاوز عدد الحاضرين في دورة جماعة فاس 35 عضوا، ما أشعل فتيل الغضب بين المتتبعين للشأن المحلي بالعاصمة العلمية، إذ أجمعت ردود الأفعال على اعتبار غياب أعضاء المجلس عن الدورة استهتار فاعلين سياسيين مسؤولين عن المصلحة العامة ومؤشرا خطيرا حول تدني الإحساس بالمسؤولية تجاه الشأن العام المحلي.

دورات مـاي … تركـات ملغومـة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

عمال معمل الحليب بإمزورن غاضبون

فوضى بسوق الماشية بمكناس

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات