مأساة بوركون…الإنقاذ اللغز!

كوارث هزت الرأي العام كشفت خللا في تدبير منظومة الإنقاذ هل قدر المغاربة أن يخيروا بين الموت تحت الردم، أو القتل بكوارث الإنقاذ؟ وهل مازال مسموحا في "أجمل بلد في العالم" أن يقضي ضحايا الانهيارات والحرائق والفيضانات ساعاتهم الأخيرة محاصرين بين الردم واللهيب والغرق، ونعجز، جميعا، عن الوصول إليهم في اللحظة الفارقة بين الحياة والموت؟ أي وجه سنقابل به أمل معروف ونادية أيت مغار وأسامة ميجان وفاطمة الفنين ومحمد أمغار وإدريسية الحناوي وعبد الله بوطلب وصلاح ميجان ومروان بن عبيدة وخديجة مرحوم ونادية بامزيل وكريمة الهواري..وغيرهم من "رجال ونساء تحت الشمس" طرقوا خزان الوطن ساعات طويلة، دون أن يتناهى الصراخ والأنين إلى أبي الخيزران؟ أي جواب نملك لأبنائنا غدا، حين يتصفحون دفاتر التاريخ ويعثرون على 20 جثة جرفتها "البلدزورات"، مثل قمامة، بدل أن تصل إليها خراطيم الأوكسجين وأمصال السيروم؟قد لا ينتهي شلال الأسئلة، ونحن نعيد تركيب صور واحدة من أكبر كوارث المغرب الحديث، التي بدأت بتحويل ثلاث عمارات إلى مقبرة جماعية لعشرات السكان، بسبب أخطبوط الفساد الإداري، وانتهت بأعطاب وفواجع جهاز الإنقاذ، ممثلا في الوقاية المدنية التابعة لوزارة الداخلية، الذي عجز عن انتشال شخص واحد حي من وسط الأنقاض، بعد المجهودات الكبيرة التي قام بها أبناء وشباب الحي.فمن الصعب أن نصدق الوقاية المدنية في المغرب أضحت مرادفا للموت، بدل إعطاء فرص جديدة للحياة، كما من الصعب أن يفقد المغاربة الثقة في طوق النجاة الأخير في حالة الكوارث الكبرى، وتشيع انطباعا خطيرا لدى الرأي العام: غياب رجال الإطفاء والوقاية في مكان الحوادث سيكون خيرا من وجودهم.ي. س "أمل" تحت الأنقاض كثيرون لا يعرفون أمل معروف، بحثوا عنها في صور محرك البحث “غوغل” علهم يتذكرون لقطة، أو مشهدا فنيا شاركت فيه، سيما أن وسائل الإعلام التي قدمتها أثناء فاجعة بوركون، أقرنت اسمها ولقبها بعبارة فنانة.أمل لم تشتهر ولم يكتب لها ذلك إلا من خلال آخر دور من أدوارها في الحياة الدنيا، بل آخر لقطة بعدها ستظهر جثة هامدة ثم رمسا في مقبرة الرحمة.لم يكتب لأمل معروف أن يستجاب لنداءاتها المتكررة عبر الهاتف واستغاثتها بإنقاذ حياتها وحياة أمها، ظلت طلباتها صيحة في واد، فقد توقفت عمليات الإنقاذ، ومنعت القوات العمومية المواطنين من مواصلة اندفاعهم نحو الركام لانتشال كل من سمع له أنين أو آهة.أمل وهي في ذلك الموقف الحرج والمرعب جدا لم تفقد الأمل، ورمت الكرة إلى الذين كانوا يراقبون الوضع من خارج المأساة، حديث هاتفي من إنسانة تستقبل الموت، بل لا تفصلها عنها إلا سويعات معدودة، فلا أمل في إنقاذ أمل، بعد أن جمدت الآليات وانتظر المتدخلون القرار.ظلت تستنجد إلى أن انتهت بطارية هاتفها ليٌفقد الاتصال بها، وفي اليوم الثالث عندما انطلقت الجرافات في غزو موقع الانهيار استخرجت جثثها هامدة.لو لم يكن الهاتف المحمول لما عرف الجميع أمل، ولما علموا أنها ظلت تطالب بالإنقاذ وتتوصل بالتطمين إلى أن بح صوتها ونفذت بطاريتها لتترك إلى المصير الحزين؟رسالة أمل معروف كانت جلية وقراءتها لم تكن ممكنة إلا بعد أن فارقت الحياة.الضحايا الذين كانوا تحت الأنقاض لم يموتوا لأنهم تعرضوا لرضوض أو كدمات أو إصابات واختناقات، بل إن بعضهم ظل يئن ليومين وينتظر انتزاع التراب والحجر من فوقه دون أن يجد من ينقذه رغم أن مئات رجال الوقاية كانوا هناك، إذ أنه في تلك الأثناء كانت آليات أخرى تنتظر بدورها القرار.رسالة معروف هي أمل ترجو من خلاله أن لا تتكرر مثل هذه المأساة وألا يترك الضحايا يئنون ويصرخون ويستغيثون إلى أن تزهق أرواحهم. رسالة أمل معروف ترجمها كل الذين حضروا إلى المكان وعادوا إلى بيوتهم خائبين يرددون “لماذا لم ينقذوهم”!المصطفى صفر

مأساة بوركون…الإنقاذ اللغز!

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

الحكـومة والمسـؤوليـة المزدوجة

مغربيات على عرش قلوب مشاهير : بسمة بوسيل أدخلت تامر حسني إلى القفص

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات