أصدرت المحكمة الإدارية بالرباط، أخيرا، حكما قضى باستحقاق والدة موظف بالخزينة العامة، توفي بسبب مضاعفات "كوفيد 19"، معاش الأبوين، وأمرت الصندوق المغربي للتقاعد بتسوية الوضعية المعاشية، لفائدتها، ابتداء من تاريخ الاستحقاق مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك. ويعتبر الحكم انتصارا للقانون، وضربا للتقصير الذي تشتط به الإدارة وتنتج عنه أضرار، من قبيل حرمان ذوي الحقوق من حقهم في معاش "الزمانة"، رغم أن وفاة المعيل نتجت عن إصابة بمرض أثناء مزاولته مهامه المتعلقة بتقديم خدمات عمومية، ومحاولة الإدارة التنصل من مسؤوليتها، وإهمال القيام بمساطر يفرضها الواجب والمسؤولية. وعللت المحكمة قرارها بأن ثبوت إصابة الموظف بمرض "كوفيد 19"، أثناء تأدية مهامه، يجعل سبب الوفاة متصلا بأداء الخدمة، كما أن قيام الموظف بواجبه المهني، خلال فترة الطوارئ الصحية، يعد مخاطرة كبيرة في سبيل المصلحة العامة لتأمين سير المرفق العمومي، خاصة في الوقت الذي كانت فيه بلادنا تعرف موجات كبيرة من الإصابة بالعدوى، وارتفاع عدد الوفيات، حسب المعطيات الرسمية لوزارة الصحة، مضيفة أن الأصل هو نفقة الابن على والديه متى ثبت عجزهما عن النفقة على نفسيهما، وأن على من يدعي خلافا لهذه القاعدة إثبات ذلك، ما يكون معه ابن المدعية هو معيلها، وفق ما أكدته الكفالة العدلية المدلى بها وكذا القرائن القانونية والواقعية. ووفق وقائع القضية فإن والدة الموظف المتوفى رفعت دعوى قضائية ضد الممثلين القانونيين للصندوق المغربي للتقاعد ووزارة المالية والدولة المغربية والخازن العام، تعرض فيها أن ابنها الذي قضى 23 سنة موظفا بالخزينة العامة، أصيب بفيروس "كورونا" أثناء مزاولته مهامه، وتوفي إثر ذلك، موضحة أنه من كان يتكفل بأكلها وملبسها وعلاجها، وأنها راسلت الصندوق المغربي للتقاعد لتمكينها من معاش الأبوين، إلا أنه رفض طلبها بعلة غياب ما يفيد وفاة المنخرط بسبب حادثة منسوبة إلى عمله، وكذا إنفاقه على والديه في تاريخ وفاته، والتمست الحكم لها بتمكينها من معاش الأبوين وصرف جميع التعويضات الناتجة عنه. وأرفقت مقالها الافتتاحي بنسخة من كفالة عدلية وشهادة الحياة الفردية ورسم وفاة الابن وشهادة عدم أداء الضريبة ومراسلة للخازن العام، قصد تسوية الوضعية، ومراسلة من الخازن العام موجهة للصندوق المغربي للتقاعد. ورد الصندوق المغربي للتقاعد أن موضوع المدعية يندرج ضمن اختصاصات لجنة الإعفاء، وأن الصندوق يصفي المعاشات بعد إقرارها من قبل هذه اللجنة، وأن المؤسسة لم تتوصل بأي قرار يخول للمعنية حق الاستفادة من معاش الأبوين. وأدرجت القضية وفق حكم تمهيدي، على مسطرة إجراء بحث، خلص إلى اقتناع المحكمة بأن الصندوق المغربي للتقاعد توصل بالملف الطبي للهالك من قبل الإدارة المشغلة أي الخزينة العامة، كما هو مؤكد من صورة إرساليات مرفقة بالملف ومستخرجة من جدول مسار معالجة الشكايات الخاص بالصندوق، ورغم ذلك أجاب عن شكايتها برفض الطلب، معللا ذلك بعدم استحقاق المعاش، وتأكدت المحكمة أن الصندوق المغربي للتقاعد لم يعرض ملف المشتكية على أنظار لجنة الإعفاء رغم توصله بالملف الطبي للهالك من قبل الإدارة المشغلة، ما اعتبر تقصيرا من قبل الخزينة العامة والصندوق المغربي للتقاعد، إذ أن الأولى تقاعست عن عرض ملف الموظف على المجلس الصحي، والثانية قصرت في عرض الملف الطبي على لجنة الإعفاء، وفق ما تقتضيه المادة 13 من مرسوم كيفية تطبيق ظهير النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، لتخلص المحكمة بعد سرد الحيثيات إلى الحكم بإلغاء قرار الصندوق المغربي للتقاعد وباستحقاق المدعية معاش الأبوين. المصطفى صفر