تجار استغلوا الظرف لعرض منتوجاتهم بأثمنة حارقة والآباء يستعينون بـ "البروموسيون" تطبيقا للمثل المغربي "ما يخرج على الجماعة غير الشيطان"، سار تجار الملابس الجاهزة على خطى زملائهم باعة الخضر والمواد الغذائية واللحوم وغيرها، بعد أن استغلوا مناسبة عيد الفطر لفرض أثمنة خيالية للراغبين في اقتناء كسوة العيد لأطفالهم. وإذا كان "المليح بثمانو» يُستعمل لإقناع الشخص الذي يحاول المساومة لتخفيض الثمن المعروض، فإن الثمن الخيالي الذي عرضت به كسوة العيد يكشف أن الأسعار هزمت الجودة. ومن بين الأثمنة الغالية، تلك التي همت بعض الملابس (أونصومبل) التي يطلب فيها البائع مبلغا يتراوح ما بين 350 و450 درهما، وفي ما يخص فستان الطفلة التي لا يتجاوز عمرها ثلاث سنوات فحدد ثمنه في (270 درهما)، وكذا الأحذية ذات القياسات الصغيرة التي لا تنتمي إلى ماركات عالمية التي حدد ثمنها من 250 إلى 300، وهو ما يعتبر رقما خياليا ويصعب على المغربي سواء من الطبقة المتوسطة، أو المنتمي إلى ذوي الدخل المحدود اقتناؤه خاصة إذا كان رب الأسرة يتوفر على أربعة أطفال. وفي زمن غلاء الأسعار، أصبحت ملابس العيد هاجسا يقض مضجع الأسر المتوسطة وشبحا يطارد محدودي الدخل والفقراء الذين يتنقلون بين الأسواق والمحلات التجارية بحثا عن ثمن في المتناول خاصة أن كسوة الطفل الواحد تتطلب مصاريف مهمة. وتفاعل الزبناء مع الأثمنة المتداولة معتبرينها دليلا على التسيب الذي أصبحت عليه الأسواق بالمدن، والذي جاء نتيجة تدخل من يطلق عليهم ب"تجار الهوتة» لتحقيق أرباحهم دون اكتراثهم بالوضعية المزرية التي يتخبط فيها الفقراء وذوو الدخل المحدود. وحاول عدد من الباعة تعليل جشعهم ب"كذبة" تبعات غلاء أسعار المواد الأولية التي أثرت على سوق النسيج والألبسة، مدعين أن ازدياد تكلفة الإنتاج بالنسبة لـ"الصناع والخياطة"، وكلفة النقل التي تضاعفت بسبب ارتفاع ثمن المحروقات بشكل غير مسبوق ساهما في ارتفاع أثمنة الملابس الجاهزة. العادة وفرحة الأطفال...الابتزاز انتقد عدد من الآباء الذين التقتهم "الصباح"، تسرع الأسر المغربية وانصياعها للثمن المرتفع الذي يفرضه العارضون، رغم أن ملابس العيد موجودة بوفرة وليس هناك بوادر ولا مؤشرات توحي بندرتها في الوقت الحالي. وقال أحد الآباء الذي جاء لاستقصاء السوق بمفرده، "الحوايج غير مشتين، بمختلف الأشكال والألوان، وهو ما يفرض أن يكون عاملا مساعدا على انخفاض أسعارها وجعلها في متناول جميع الشرائح». وأضاف المتحدث نفسه "جئت بمفردي لأعاين الثمن، حتى لا أتكبد عناء الطريق ومصاريف النقل رفقة الزوجة والأبناء، دون نتيجة تذكر". وأجمع عدد من الزبناء في حديث مع "الصباح"، على أن العارضين يستغلون العادات المغربية ورمزية عيد الفطر وتعلق الأطفال بالملابس إلى درجة البكاء وتأثير ذلك على نفسية الأب لفرض المبلغ الذي يحلو لهم، في حين أن الحقيقة المرة هي أن التجار يطبقون مقولة "كلا يلغي بلغاه" لتبرير المضاربة والاحتكار دون اكتراث بفئة محدودي الدخل والمغلوبين على أمرهم الراغبين في إدخال فرحة العيد على فلذات أكبادهم. ولم يستطع أغلب الباعة الذين استقت "الصباح" آراءهم، تقديم تفسير منطقي لغلاء أسعار ملابس العيد، التي تظل مرتفعة بشكل غير مسبوق، وهو ما يفسرها الرقم المرتفع لسعر البيع المتداول، رغم توفر العرض أكثر من الطلب. "البروموسيون"... طعم الصيد في خضم الجدل الدائر حول ارتفاع أسعار ملابس عيد الفطر، وسعيا لتحقيق الأرباح بطرق غير مشروعة، اهتدى عدد من التجار إلى عرض ما يطلقون عليه "بروموسيون» الذي يتضمن «لبسة كاملة» بثمن رخيص يغري الزبناء. وفي الوقت الذي سارع عدد من الأسر وكذا مستعملو الأنترنت إلى التسابق على اقتناء المنتوجات المعروضة اعتقادا منهم أنها ظفروا بـ"الهوتة"، فإن الحقيقة غير ذلك، إذ وجد عدد من الزبائن أنفسهم قد سقطوا ضحية "عند رخصو تخلي نصو"، بعد أن اكتشفوا أن الملابس التي اقتنوها في إطار "بروموسيون» سواء المعروضة في المحلات التجارية أو على صفحات بعض التجار بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، تفتقر إلى الجودة المطلوبة وبأن السعر الذي بيعت به كان مجرد طعم لاصطياد هواة «الرخا فزمن الغلا». محمد بها