أكد غياب سياسة عمومية للدواء الجنيس ومعدل الاستهلاك لا يتجاوز 450 درهما لكل فرد سنويا أكد مجلس المنافسة في رأي سابق، حول وضعية سوق الدواء بالمغرب، وجود العديد من الاختلالات، من بينها أن السوق تسودها حكامة إدارية بالغة التقنين، تتطور داخل إطار قانوني غير ملائم ومتجاوز. وسجل المجلس، أن سوق الدواء تتميز بمنافسة مطبوعة بسياسة دوائية وطنية مجزأة وغير منسجمة، وبتدبير تهيمن عليه الوصاية الإدارية والتنظيمية والتقنية والطبية، التي لا تترك سوى مجال ضيق لتطوير آليات السوق والمنافسة النزيهة والمشروع، مؤكدا أن السوق تتشكل في أغلبها من الأدوية الأصلية، مع معدل ضئيل لمكانة الأدوية الجنيسة، التي لا تتجاوز نسبتها 40 في المائة، في حين أن المتوسط العالمي يناهز حوالي 60 في المائة، مشيرا إلى أن السوق "تظل ضيقة بمعدل استهلاك ضعيف للأدوية لا يتجاوز في المتوسط 450 درهما لكل فرد سنويا، في حين أن هذا المعدل يبلغ 3000 درهم في أوربا." وتترجم هذه الوضعية "العجز الكبير لولوج المغاربة للدواء، وهو عجز يتفاقم مع المستوى المرتفع لمساهمة الأسر في نفقات الصحة، والتي تناهز حوالي 48 في المائة، في الوقت الذي يبلغ فيه المتوسط العالمي 25 في المائة". ويتزايد ضيق السوق الداخلية للأدوية تفاقما "بفعل نظام للطلبيات العمومية بدون أهداف محددة تطرح العديد من التساؤلات المرتبطة، باحترام قواعد المنافسة، والتي لا تضطلع بدورها الكامل منظما ومقننا للسوق الوطنية للدواء". ويرى مجلس المنافسة أن سوق الدواء بالمغرب يتحكم فيها 15 مختبرا، بنسبة 70 في المائة من حصص السوق، كما أن بعض الفئات الدوائية تظل ممركزة جدا مع وجود احتكارات ثنائية، أو احتكارات قلة تحتل وضعية شبه هيمنة، بالإضافة إلى أن سوق الدواء بالمغرب "تتميز بضعف الشفافية، مع غياب سياسة عمومية حقيقية للدواء الجنيس، مقرونة بشبكة للتوزيع غير ملائمة، وفي وضعية أزمة تؤدي إلى احتضار المكونات الضعيفة والهشة للسوق". وأوصى المجلس بـوضع سياسة وطنية مندمجة للدواء، كفيلة بالاستجابة لمتطلبات تأمين تزويد المغرب بالأدوية والمستلزمات الطبية، في انسجام مع الأولويات الوبائية الجديدة، والقدرة الشرائية للمواطنين، ومتطلبات احترام مستلزمات القواعد الضامنة لجودة الدواء. كما اقترح ضرورة توفير الشروط الكفيلة بإرساء منظومة للدواء، تعتمد على صناعة وطنية متينة للأدوية، ونظام وطني للابتكار والتكوين ناجع في المجال، في إطار نموذج اقتصادي جديد، يشجع على خلق شبكات مقاولاتية وطنية قوية للدواء، وإرساء إطار مؤسساتي كفيل بالقيام بدور الوساطة والحوار والتشاور حول الرؤية والسياسة الوطنية للدواء، في أفق تعبئة الجهود بين كافة المتدخلين في السوق، من سلطات عمومية مختصة، ومقننين، وهيآت مدبرة، وصناعيين، ومختبرات، وأطباء، وصيادلة، وموزعين بالجملة والتقسيط. وأوصى المجلس بضرورة وضع إطار مؤسساتي للوكالة الوطنية للدواء وتحديد مهامها وإطارها القانوني، على ضوء المعطيات الجديدة، التي تعرفها إشكالية الدواء، مع تكليف الوكالة بمهمة إحداث مرصد وطني للدواء من أجل إنتاج نظام للمعلومات يساعد على معرفة الجوانب الاستراتيجية، المرتبطة بسير وتطور جميع مكونات القطاع. ودعا المجلس إلى إعادة النظر في الوضعية الحالية للوكالة الوطنية للتأمين عن المرض، وتخويلها استقلالا حقيقيا في التدبير، مع إعادة النظر في العلاقات التي تربطها بالسلطة الوصية، انسجاما مع القانون المنظم لمدونة التغطية الصحية الأساسية. كما دعا المجلس إلى إجراء إصلاحات بنيوية لإعادة تحديد طرق تنظيم سوق الدواء، وإعادة النظر العميقة في الإطار القانوني المنظم للسوق، وتطوير رافعات جديدة لتحسين وضعية المنافسة، بواسطة دعم شفافية نظام تدبير وتقنين القطاع، خصوصا على مستوى منح الإذن بالعرض في السوق، والتدبير الشفاف للصفقات العمومية، ومنظومة تحديد الأسعار، ومراقبة جودة الأدوية، وحماية براءات الاختراع، والمراقبة المتحكم فيها للواردات. ب.ب