أصبح كيلوغرام اللحم أهم من باقة ورد أو علبة شوكولاطة في ظل ارتفاع الأسعار يقول عبد الوهاب محمد، في رائعته التي غنتها كوكب الشرق، "حب إيه اللي نتا جاي تقول عليه، هو نتا عارف قبلا معنى الحب إيه، لما تتكلم عليه؟". وإذا كان هذا السؤال الاستنكاري يهم مجرد الحديث والكلام عن الحب فقط، فماذا يمكن أن نقول عن الذين يتجرؤون على الاحتفال به في عيد خصص له يوم كامل هو 14 فبراير من كل سنة؟ ثم ماذا نقول لمن لا يملكون كسرة خبز يسدون بها رمقهم؟ ومن يجاهدون كل يوم في سبيل أجرة "سميك" حقيرة، أو أقل منه، لا تكفيهم لإطعام الأفواه الجائعة في بيوتهم؟ هل يمكن أن نتحدث اليوم عن الحب ونعيشه ونحتفي به، والأزمة تحيط بنا من كل جانب؟ ما الأولى اليوم، في ظل الارتفاع الفاحش للأسعار، كيلوغرام لحم أم علبة شوكولاطة وباقة ورد؟ ثم هل يجد المغاربة وقتا من أجل الحب في ظل تراجع المداخيل وجمود الأجور وفي ظل الهشاشة والبطالة والفقر والإحساس ب"الحكرة"؟ كيف يمكن لزوجين أن يحتفلا ب"السي" فالانتين، في عشاء رومانسي على ضوء الشموع، وكل تفكيرهما منصب حول مبلغ "الطريطة" ومصاريف تمدرس الأبناء ونفقات البيت والسيارة و"التقدية" و"زيد وزيد" من الاحتياجات اليومية للأزواج؟ وكيف يمكن لشاب عاطل عن العمل، أو مسؤول ماديا عن والديه، أو يتقاضى أجرا هزيلا، أن يفكر في الحب والارتباط، وهو عاجز ماديا عن دعوة الحبيبة إلى سينما أو مقهى أو كأس عصير، فما بالك بقنينة شامبانيا فاخرة أو حتى نبيذ أبيض "رغوي". كم من قصة حب عاصفة انتهت نهاية مأساوية في محاكم الأسرة بسبب "الصير" والنفقة وضغوطات الحياة اليومية، التي قضت على العواطف والمشاعر الرهيفة وحولت العاشقين إلى وحشين يسعى كل واحد منهما إلى القضاء على الآخر؟ ألم يقل المثل "إذا دخل الفقر من الباب خرج الحب من الشباك"؟ فهل يستقيم الاحتفال بعيد الحب في ظل هذه الظروف المؤلمة؟ محاولات الإجابة ضمن الملف الأسبوعي التالي: نورا الفواري