زجرية البيضاء… سوق عكاظ

الاكتظاظ وكثرة الملفات يتطلبان إعادة تقسيمها لتحقيق المحاكمة العادلة بمجرد أن تقترب من المحكمة الزجرية بالبيضاء، وبالضبط قرب خط «الطرامواي»، يستوقفك منظر نسوة ورجال يصطفون بجنبات المحطة، وتتبادر إلى ذهنك أسئلة عديدة من قبيل، هل هناك عطب بخط الطرامواي؟ أم إضراب أم وقفة احتجاجية؟ أو ما شابه ذلك، ليأتي الجواب من خلال الحديث الدائر بين نسوة، حول مآل قاصر قدم صباح ذلك اليوم أمام النيابة العامة، أو تساؤل من امرأة عن الهيأة التي ستبت في ملف أخيها المعتقل. التجمهر الكبير قرب المحكمة وبجنباتها أو حتى بالباب الرئيسي، الذي يدلف منه المتقاضون إلى المحكمة، وحتى في ساحتها، يؤكد دون شك الأزمة التي تعيشها المحكمة بسبب الاكتظاظ وكثرة القضايا المحالة عليها، فهي المحكمة الزجرية الوحيدة التي تنظر في قضايا سكان العاصمة الاقتصادية. وضع لا يمكن معه تحقيق المحاكمة العادلة في جميع أوجهها، ليس فقط بالنسبة للمتقاضين، بل حتى بالنسبة لقضاة النيابة العامة ومساطر التقديم، التي قد تستمر ساعات طويلة خلال اليوم نفسه وارتباطها بجلسات التلبس، التي قد لا تنعقد في انتظار مآل ملفات التقديم، ليس فقط تلك التي تخص الملفات المقدمة أمام النيابة العامة بالمحكمة ذاتها، بل حتى تلك التي تحال من النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالبيضاء، في إطار عدم الاختصاص. المحاكمة العادلة تتطلب توفير جميع شروط العمل، بدءا برجل الأمن الذي يقف أمام مداخل المحكمة ويقضي يومه في التدقيق في هوية والجيها والغاية من ذلك، مرورا بأعوان المحكمة الواقفين في بابها الرئيسي ويمنعون غير المتقاضين من دخولها، ما يتطلب جهدا مضاعفا، أضف إلى ذلك نقص في الموارد البشرية خاصة الموظفين والقضاة، فعدد من الموظفين يقومون بأعمال مضاعفة، كما القضاة الذين يشتكون كثرة الملفات المحالة عليهم، الشيء الذي يتطلب من المسؤولين، التفكير مليا في تقسيم المحكمة إلى محكمتين على الأقل، في إطار توفير محاكمة عادلة للمتقاضين، التي هي رهان الإصلاح الحقيقي. العدد الذي يتسمر أمام جنبات المحكمة يشكل فقط ثلث والجيها، والأمر لم يعد يحيل على محكمة، بل على سوق عكاظ، أمام كثرة المتقاضين وعدم القدرة على تصريف الملفات بشكل معقول، وهو الشيء الذي طالما تم التحذير منه خلال توحيد المحاكم، بسبب الكثافة السكانية للبيضاء، إذ لا يعقل تجميع مهام وسلطات ثماني عمالات معروفة بالاكتظاظ، خاصة في القضايا الزجرية، في يد وكيل ملك واحد، ورئيس محكمة واحد، نظرا لتشعب هذه الاختصاصات، وكثرة الملفات المحالة وتنوعها، ما يتطلب عملا مضاعفا قد يؤثر على الجودة، ويكون الكم على حساب الكيف في الدراسة والمناقشة، ما يضرب في الصميم الإصلاح، ويلغي جميع المؤشرات المساعدة في اتخاذ القرار للرفع من جودة العمل القضائي، انسجاما مع المبدأ الدستوري، المتمثل في البت داخل أجل معقول، ومن ثم فالحل السليم إعادة النظر في المحكمة الزجرية، من خلال التفكير في تقسيمها، ضمانا لمحاكمة عادلة. كريمة مصلي

زجرية البيضاء… سوق عكاظ

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تحت الدف

الغافولي في "شعبانة"

مقالات ذات صلة