برامج بسرعة السلحفاة

مواطنون في المغرب المنسي لا يستفيدون منها ومناطق وسط المدن الكبرى تشبه فيلم "بلاتفورم" من حسن الحظ أن هناك مجتمعا مدنيا يقظا ومحسنين وجالية مقيمة في الخارج وفاعلي خير، وإلا دفنت مناطق بأكملها وسط الجبال والمرتفعات ومداشر نائية تسير إليها "التنمية" على ظهر سلحفاة. بفضل هؤلاء، تشق الطرق والمسالك وتشيد مؤسسات التعليم على حافة الجبال، ويصبح للتلاميذ كراسات وأقلام رصاص، وتملأ خزانات المستوصفات بالأدوية، وتتمكن الفتاة من الذهاب إلى "الفيلاج" لمتابعة دراستها، وتتحول شهادة جامعية إلى فرصة عمل، أو عقدا للهجرة الشرعية إلى أوربا. في هذا المغرب المنسي، يصبح التضامن قيمة إنسانية، وتنشط وكالات تسلم الأموال الآتية من كل مكان لحل مشاكل لا تحتمل أي تأخير، مثل العلاج والأكل وشراء الملابس والأحذية ووسائل العمل في الحقول، وحطب التدفئة وتوفير الكلأ إلى الماشية في عز البرد القارس ومواسم القحط والجفاف. في كثير من المناطق، لا تصل التنمية كما يجب، بسبب تصنيف ظالم، يجعل جزءا من المغرب نافعا مدرا للثروة والرفاه والقيمة المضافة، وآخر يغوص في التهميش والنسيان، بدعوى ألا نفعا يرجى منه، ويستطيع سكانه أن يعيشوا ويقضوا "باش ما عطا الله". وحتى إذا ابتعدنا عن هذا المغرب الآخر بكل المبررات التي يمكن أن تقنع بعض المسؤولين، فلا مبرر لهم أن يحرم سكان في المدن الكبرى من عائدات التنمية، وهنا يكون الوضع أصعب، ويشبه إلى حد كبير الفيلم الإيطالي الرهيب "المنصة/بلاتفورم"، الذي يحكي قصة معتقلين في سجن عمودي تنزل لهم مائدة أكل من فوق، يستفيد منها القاطنون في الطبقات العليا، بينما يحصل أصحاب الطبقات الدنيا على الفتات، وحين يشتد بهم الجوع يشرعون في أكل بعضهم. فيلم خيالي بشع لا يمكن ان تشاهده مرتين، لكن يتكرر يوميا، بأقل حدة، في أجزاء من بعض المدن، حيث ينعم البعض برفاه التنمية، بينما يقتات آخرون من خطابات الوعود، ويأكلون أوراق المخططات والنماذج وخرائط الطريق وكلاما كثيرا للاستهلاك، لا ينير شمعة، ولا يوفر ماء في صنبور، ولا عكازة لمعاق، أو معاشا لأرملة مرمية على قارعة الطريق. فالمغاربة الذين ما زالوا يقطنون في أحياء القصدير ويتناوبون على دورات المياه غير المرتبطة بشبكة الصرف الصحي، ويجلبون الماء من السقايات بواسطة "بيدونات" وبراميل، لا تعني لهم أي شيء اجتماعات الوزراء والولاة والعمال وتقارير المصالح الخارجية، بل يحتاجون إلى مساكن تحفظ الكرامة وإطار عيش يتنفسون فيه هواء الحياة. والمرضى الذي ينتظمون في طوابير انتظار تصل إلى سنة ونصف السنة من أجل الاستفادة من سكانير من نوع "إ.ر.م"، لا يريدون سماع أي شيء على الإطلاق، غير الإسراع بتوفير العدد الكافي من هذه الأجهزة في جميع المستشفيات ومراكز الصحة للقرب، إنقاذا لهم من موت محقق. وتلاميذ الجبال والمرتفعات الذين يقطعون مسافات من أجل الوصول إلى مؤسسة تعليمية بلا أستاذ في بعض الأحيان، يطلبون من الدولة أن تهتم بوضعهم، وتعتبرهم مواطنين كاملي المواطنة، لا كائنات ثلجية تتذكرهم وقت الصقيع. بهذه الطريقة، سنهدم أسوار "بلاتفورم"، وتأخذ موائد الأكل الفاره والأطباق الشهية شكلا دائريا، متساويا وعادلا، يتحلق حولها الجميع، دون تمييز أو إقصاء أو تهميش. يوسف الساكت

برامج بسرعة السلحفاة

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

إبقاء الإرشاء للعلبة السوداء لبنك إفريقيا

جبهة لإنقاذ "البام"

مقالات ذات صلة