النـاصـري… الـحـكيم

المحامي الوزير المتصوف المساهم في الورش الهيكلي للإصلاح الشامل لمنظومة العدالة الراحل محمد الطيب الناصري، وزير العدل الأسبق، أو الحاج محمد كما كان يحب أن يناديه المقربون منه، هو بالفعل ذلك الحكيم الذي استطاع على مدار 73 سنة من عمره، أن يهتدي بالحكمة والرزانة والخلق الجميل، والمصداقية التي لا يجادل أحد فيها، اجتمع فيه ما تفرق في غيره، فهو الرجل الفاضل في المواقف الإنسانية والحازم في المواقف والمتصوف والمحسن، الذي ظل ينشر الخير ويبني المساجد والمدارس والمستشفيات. ازداد الحاج محمد في 14 دجنبر 1939 داخل أسرة تمتهن الفلاحة بمنطقة النواصر بضواحي البيضاء، وترعرع في كنف أسرة متدينة وحفظ القرآن في سن مبكرة، قبل أن ينتقل للمدرسة ومنها لثانوية "ليوطي" وعمل مترجما لتأمين نفقات دراسته، ليحصل بعدها على الإجازة في الحقوق. شكل فاتح مارس 1964 منعطفا جديدا في حياة الراحل الناصري، إذ انضاف رقم جديد لسجل المحامين بهيأة البيضاء، وأضحى يحمل عدد 56 لتبدأ رحلته مع مهنة الدفاع، التي كان يؤمن كثيرا برسالتها وقدسيتها، التي لم يكن يقبل أن تخدش. أحب الناصري مهنة المحاماة التي ولجها بعد أن مارس التدريس، وارتبطت مسيرته المهنية بانتخابه مرتين نقيبا للمحامين بالبيضاء، وتميزت تلك الفترة بالصرامة في التعامل مع المهنة وصلت حد اتخاذ قرارات تأديبية مهمة في حق المحامين، فهو لم يكن يقبل أن تمس ودائع الزبناء من قبل المحامين، إذ في حال وجود خلاف من هذا القبيل يستدعي المحامي ويمهله أجلا إما لتسوية الخلاف، وحينها تكون العقوبة مخففة بعض الشيء، أو سيتم التشطيب عليه، وهي المواقف التي مازال الكثير لحد الساعة يستشهد بالصرامة والجدية اللتين كان يدير بهما أعمال النقابة. ابتسامته لا تفارق محياه حتى في أصعب الأوقات، وسعى طيلة حياته للدفاع عن شرف المهنة، إيمانا منه بأن مهنة المحاماة لا يصونها أحد من غير أهلها، بما ينبغي أن يكونوا عليه من أخلاق ومهنية. وفي 1993 عين عضوا بالغرفة الدستورية التابعة للمجلس الأعلى، ثم عضوا بالمجلس الدستوري في الفترة ما بين 1994 و1999. كما اشتغل محاميا مستشارا لدى العديد من الوزارات والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية. حمل رسالة الإصلاح التي بدأها في يناير 2010 عندما عين على رأس وزارة العدل، رسالة كان دائما يؤكد أنه يحاول قدر المستطاع أن يخلص فيها، ولسان حاله في العديد من اللقاءات يقول"وإني وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تأت به الأوائل"، وبالفعل استطاع المحامي والنقيب والوزير أن يحقق العديد من النقاط في مشروع الإصلاح، الذي كان ينوي أن يساهم من خلال اللجنة العليا في إتمام ما شرع في تنفيذه، إذ شاءت الأقدار أن يتوفى في أول اجتماع لها. كفاءته العلمية والقانونية أهلته لأن يكون محامي الدولة المغربية في كل قضاياها الدولية، والتي دافع فيها باستماتة، وفي المقابل رفض الترافع ضد نوبير الأموي، الكاتب العام للمركزية النقابية، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل. وأخلاقه العالية أكدها الملك محمد السادس في برقية عزاء، بالقول " ما كان يتحلى به الفقيد الكبير من غيرة وطنية صادقة وولاء وإخلاص للعرش العلوي المجيد، وتشبث بمقدسات الأمة وثوابتها، ومن إيثار لأعمال البر والإحسان، وحب الخير وللعمل الصالح، وما هو معهود فيه من كفاءة قانونية ونزاهة فكرية٬ وتفان ونكران ذات في مختلف المهام والمسؤوليات التي تقلدها، سواء كمحام ألمعي ونقيب لهيأة المحامين مشهود له بدفاعه المستميت عن الحق، أو كوزير لجلالتنا في العدل، ساهم بفعالية في الورش الهيكلي للإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة، بما يضمن إحقاق الحقوق ورفع المظالم". كريمة مصلي

النـاصـري… الـحـكيم

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة تتمة المقال بعد:

أو مجانا بعد

تأييد عقوبة مختلسي 350 مليونا

افتحاص ملايير استثمارات بالخارج

مقالات ذات صلة