نقابيون وجمعويون مستاؤون من تدبير صفقات المطعمة وحجز مواد فاسدة موجهة للتلاميذ في وقت تسارع فيه الوزارة الزمن لإصلاح التعليم، باتخاذ العديد من الإجراءات، سواء في ما يخص الموارد البشرية، أو الأنظمة البيداغوجية، ما يزال ملف المطعمة المدرسية لم يتطور، بل تراجع حسب مراقبين، سواء تعلق الأمر بكمية وجودة الوجبات، أو تدبير مرافق الداخليات، ما يضع الوزارة في مواجهة تحد كبير، متمثل في صيانة كرامة التلاميذ، من خلال وجبات صحية متوازنة، وظروف الإقامة في الداخليات. عرفت المطاعم المدرسية هذه السنة تدهورا كبيرا، خاصة أن عددا من الفاعلين المهتمين دقوا ناقوس الخطر في أقاليم مختلفة، على رداءة الوجبات الغذائية، وتأخر الوزارة في إبرام الصفقات مع الشركات المسيرة لهذه المطاعم، ما جعل التلاميذ يواجهون مشاكل كثيرة بداية السنة. غياب المراقبة يرى عمر أوزياد، فاعل اجتماعي ومدني بإقليم أزيلال، أن إشكالية التغذية المدرسية تكمن في غياب المراقبة، للشركات التي تسير هذه المرافق في الداخليات والجمعيات الخيرية، مؤكدا أن الشركات تبحث عن الربح، ما يجعل الوجبات المقدمة هزيلة وغير متوازنة. وأوضح أوزياد، أن العالم القروي يجب أن يستفيد أكثر من غيره، من التغذية المدرسية، لأن "هناك تلاميذ يقطعون كيلومترات، من أجل الوصول إلى المدارس، وبالتالي يكونون في حاجة إلى وجبات صحية، لتعويض ساعات المشي الطويلة في ظروف مناخية وجغرافية قاسية، خاصة تلاميذ الابتدائي". وأما بالنسبة إلى الداخليات، وبعض الجمعيات الخيرية التي تستقبل بدورها التلاميذ، يشير أوزياد إلى أن صفقات الإطعام تفوت للخواص، الذين يعبث جزء كبير منهم بتغذية التلاميذ، إذ قبل أيام فقط ضبطت عناصر الدرك في إقليم أزيلال، سيارة كانت تحمل لحوم دواجن، ومتوجهة إلى إحدى الداخليات بأيت امحمد، ولم تكن اللحوم محفوظة في ظروف صحية جيدة، ما أدى إلى حجزها وإتلافها. وما يمكن أن يعاب بشكل عام على التغذية المدرسية، حسب أوزياد، هو "أن الوجبات هزيلة جدا، كما وكيفا، لأن الخواص دائما ما يبحثون عن الربح، في غياب أي نوع من المراقبة، ولا أفهم حقيقة طبيعة هذه المفارقة، ويجعلني أتساءل حول إمكانية وجود تواطؤ الشركات مع لجان المراقبة التابعة للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، وهل هناك مصالح على حساب صحة وتحصيل التلاميذ". وخلص المتحدث ذاته، أن السلطات المحلية، أحد الأطراف التي بإمكانها لعب دور في هذا المجال، خاصة في ما يتعلق بتخصيص لجان دورية لمراقبة الجودة، ويفترض أن تكون طرفا أيضا في توقيع العقود، وإبرام الصفقات من أجل الحرص على تغذية التلاميذ، لأن أطر التربية والتكوين تفتقد مهارة مراقبة الجودة، وتكتفي بالتقرير فقط. تجويع التلاميذ راجت في الأسابيع الماضية صور على مواقع التواصل الاجتماعي، تظهر بؤس ورداءة الوجبات التي تقدمها الشركات للتلاميذ، ما استنفر الكثير من المهتمين بقطاع التعليم من نقابات وجمعيات، طالبت بمحاسبة المسؤولين، الذين يساهمون في تجويع التلاميذ، بالتعاقد مع شركات غير احترافية، وعدم إلزامها بدفاتر التحملات. وخرج عدد من التلاميذ في دمنات قبل أسابيع للتنديد بتجويعهم، إذ طالبوا بوجبات تحترم كرامتهم الإنسانية، الأمر نفسه بخنيفرة، التي قال المكتب الإقليمي لعاملات الطبخ والنظافة التابع للجامعة الوطنية للتعليم بالمدينة، "إن الجشع لا يزال يسري في عروق بعض المشغلين الذين دشنوا عملهم بتجويع التلاميذ بداخليات خنيفرة، وذلك بتقديم وجبات رديئة وغير كافية". وأشار إلى المشكلة ذاتها، المكتب الإقليمي للنقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكنفدرالية الديمقراطية للشغل بأزيلال، الذي قال في بيان له إن "التلاميذ الداخليين يتضورون جوعا بداخليات المؤسسات التعليمية بإقليم أزيلال". وأكدت النقابة ذاتها، إخفاء دفتر التحملات حتى عن إدارات المؤسسات التعليمية، وأن الحائزين على الصفقات يتصرفون كما يحلو لهم بدون حسيب ولا رقيب. وفي السياق نفسه أشارت النقابة إلى أنه تم تفويت الإطعام المدرسي لمقاولين خواص، في إطار أربع صفقات بتكلفة إجمالية تقارب 2 مليار سنتيم. وندد المصدر ذاته، بما وصفه بـ "هزالة الوجبات الغذائية المقدمة كما ونوعا، بالمقارنة مع السنوات السابقة، وهو ما جعل الجوع يخيم على بطون التلاميذ، وتراهم يقصدون المتاجر لسد الرمق أو ينشغلون بإعداد وجبات تكميلية بالمراقد، وعلى من تعوزه الإمكانيات أن يحزم بطنه ويخلد إلى النوم". واتهم النقابيون المقاولين الخواص، باستغلال تجهيزات الداخليات وبنايات وزارة التربية الوطنية لإعداد الوجبات الغذائية داخلها في أوقات العمل، مع ما يعرض تلك التجهيزات والبنايات للإتلاف والتلاشي، مشيرين إلى هزالة الوجبات الغذائية المقدمة للأطر الإدارية والتربوية، المستفيدة من التكوينات واستحواذ المقاول نفسه على صفقات هذه التكوينات. مطالب عاجلة الكثير من الأصوات أصبحت تطالب بتدخل عاجل لإصلاح اختلالات التغذية المدرسية، سواء تعلق الأمر بالتلاميذ أو النقابيين أو الفاعلين الجمعويين، إذ طالبت النقابة سالفة الذكر الجهات المسؤولة بالتدخل العاجل، لإنقاذ التلاميذ من الجوع الذي يفتك بهم، والذي ستكون له لا محالة انعكاسات سلبية على صحتهم وتحصيلهم، حسب تعبير النقابة. وأكدت الهيأة ذاتها، ضرورة تزويد كل الأطراف المعنية بدفتر التحملات، والتحقيق في تاريخ شروع المقاولين في العمل، والكميات المقدمة إلى التلاميذ منذ شروعهم في العمل، إضافة إلى مطالبتها بمراقبة الوجبات الغذائية المقدمة إلى المستفيدين من التكوينات، وبتحسينها، كما ونوعا، وافتحاص طرق إسناد هذه الصفقات، متسائلة عن مدى مشروعية استغلال التجهيزات والبنايات العمومية من قبل الحائزين على هذه الصفقات. وطالبت النقابة ذاتها، بالتراجع عن تفويت الإطعام المدرسي إلى المقاولين الخواص، والاستمرار في إعداد الوجبات الغذائية من قبل طواقم الداخليات والمطاعم المدرسية، حرصا على مصلحة التلاميذ، ولحمايتهم من الجوع، ليتفرغوا للتحصيل والدراسة، مستغربة من تأخر فتح المطاعم المدرسية بالمدارس الابتدائية. عصام الناصيري