يبدو أن بعض المناطق داخل المملكة، ستسجل نقصا في أعداد الشباب، بالنظر إلى الوتيرة التي يموتون بها في طريقهم إلى أوربا، إذ لا يمر شهر دون أن نسمع عن فاجعة جديدة، ضحايا كل واحدة تفوق 20 شخصا، في ظل صمت رهيب من قبل السلطات. وعلمت "الصباح" أن 30 شابا على الأقل، تحركوا قبل ثلاثة أسابيع من قلعة السراغنة، في اتجاه السواحل الجنوبية للمملكة، قصد الهجرة إلى جزر الكناري الإسبانية، وأنهم ركبوا قاربا من سواحل طانطان قبل أسبوعين، غير أن حلمهم لم يكتمل، بل تحول إلى كابوس يصعب تخيل تفاصيله. وفقد المهاجرون الذين بينهم نساء، البوصلة، وزاغوا عن طريق الكناري، وجرفوا مع أحد التيارات، ليجدوا بعدها أنفسهم تائهين وسط المحيط دون أي حماية أو أكل يكفي لما سيعيشونه من معاناة تفوق التخيلات. وظل الشباب الثلاثون تائهين لأسبوعين (15 يوما)، في عرض المحيط، قبل أن تشاء الأقدار العثور على ما تبقى منهم على متن المركب من قبل السلطات المغربية، والغريب أن المركب الذي تحرك من طانطان سترصده السلطات في سواحل آسفي، وتتدخل لإنقاذه، غير أن الوقت كان متأخرا جدا، إذ لم تجد على ظهر المركب سوى 5 أشخاص، نقلوا على وجه السرعة إلى المستشفى الإقليمي بآسفي، لتلقي العلاجات الضرورية، وما تزال وضعيتهم الصحية مبهمة. وتروج بعض المعلومات لدى أسر الضحايا، مفادها أنه عند إنقاذ الخمسة الذين وجدوا على متن المركب، أخبروا السلطات بأن أربعة أشخاص آخرين لم يموتوا وإنما مفقودون، دون أن يدلوا بمعطيات إضافية، توضح سبب نزولهم من المركب، أو ما هي آخر مرة رأوهم فيها، علما أنهم كانوا جميعا على مركب واحد. وأما باقي المهاجرين السرغينيين، والبالغ عددهم 21 شخصا فكلهم فارقوا الحياة حسب المعطيات المتوفرة، لينضافوا إلى مئات الشباب من هذه المناطق، الذين يفارقون الحياة في عرض البحر كل سنة، دون أن تتخذ السلطات أي إجراءات، من شأنها حماية حياة هؤلاء الشباب، الذين "يشترون الموت" بأموال باهظة، ويتم استغلالهم بشكل بشع، من قبل شبكات الاتجار بالبشر. عصام الناصيري