خلافات عميقة تفجر مؤتمر “بوليساريو”

سكان المخيمات يعتبرون غالي مهرجا عجوزا لا يتقن سوى الليالي الحمراء بقلم: الفاضل الرقيبي يوحي كم التخبط والتطاحن الحاصل بين أجنحة قيادة "بوليساريو"، في التحضير لمؤتمرها السادس عشر بمخيمات تندوف، بعدم وجود ضابط لتحركات قادة الرابوني. فما يرشح عن جلسات التداول والنقاش في مدرسة "9 يونيو"، يؤكد أن هناك خلافات عميقة ظهرت إلى السطح، لتؤكد غياب أي انسجام بين قيادة هرمة مستعدة للتحالف مع الشيطان، من أجل الاحتفاظ بامتيازاتها الشخصية والقبلية. فبعد أن فرض رجل المخابرات الجزائرية القوي، "القاضي" إبراهيم بيله، الأرضية القانونية على ما يسمى "اللجنة القانونية" التي يرأسها، تم تمريرها، مباشرة ودون نقاش، إلى الأمانة الوطنية، في أفق عرضها على المؤتمر المسرحية، من أجل تعزيز قوة إبراهيم غالي وتحجيم خصومه الذين أذاقوه الويلات خلال عهدته المشرفة على النهاية. إلا أن المثير للانتباه هو غياب ضباط الجيش الجزائري عن النقاشات الحاصلة في مدرسة "9 يونيو"، على غير عادتهم، في المؤتمرات السابقة التي كانت تسجل مواكبة مباشرة من قبلهم، رغم أن خلاصات النقاشات والمقترحات تمر دائما، في النهاية، عبر قيادة الناحية العسكرية الثالثة الجزائرية، التي تناقشها مع قيادة الأركان بالعاصمة الجزائر، قبل إعطاء الضوء الأخضر لعرضها على المؤتمر. تجربة "بوليساريو" السياسية في إعادة تدوير قيادتها داخل مخيمات تندوف، من خلال مسرحيات بهلوانية تطلق عليها مؤتمرات، باتت في خطر حقيقي، وذلك راجع لكمية الاحتقان والغضب الذي يغزو المخيمات منذ زهاء سنتين، لدرجة أن صفوف القيادة بنفسها ليست متراصة، بعدما أصبح أعضاء كثر منها يجاهرون برفضهم هذا الواقع، الذي باتت شخصيات محسوبة على إبراهيم غالي تعبث به، وتتقرب للجزائريين، من خلال التضييق وتجويع اللاجئين الصحراويين تحت شعار الاندماج، في ما يطلق عليه "حرب الاستنزاف"، التي لم ير منها الصحراويون سوى زيادة الأحزمة الرملية من قبل الجيش الجزائري، حول مخيماتهم، ومنعهم من ممارسة أي نشاط اقتصادي، بل ضاعفوا معاناتهم، بعدما حرموهم من التنقل عبر الطائرات العسكرية الجزائرية مجانا إلى الشمال الجزائري، قصد العلاج والدراسة وغيرهما، كما كان ذلك من قبل. لذلك تقر فئة واسعة من قيادة الرابوني أن "بوليساريو" لم تعرف، منذ نشأتها، ذروة الانحطاط الذي يسود التحضير للمؤتمر المقبل، إذ تمنع النقاشات المنتقدة للوضع، ويتم فرض أرضيات بالقوة. وبمجرد ملاحظة بسيطة لمقترحين تقدمت بهما اللجنة القانونية، تجد مدى الشرخ والخلاف الحاصل بين هذه العصابة، فهذه اللجنة تقترح أن يتم تقليص أعضاء الأمانة الوطنية المنتخبين من 30 عضوا إلى 11، تتم تزكيتهم من قبل المؤتمرين، ويخضعون للسلطة المباشرة للأمين العام لـ "بوليساريو"، الذي لديه الحق في تجريد أي عضو لا يلتزم بقائمة الانضباط، التي تمنح لإبراهيم غالي صلاحيات واسعة على حساب باقي أجهزة الحركة. ورغم أن كل هذه الأجهزة، وكل هذه المؤسسات صورية، وليست موجودة على أرض الواقع، إلا أن "بوليساريو" كانت عادة ما تستثمر في مسميات الأجهزة والمؤسسات، من أجل التسويق لنفسها. ويعقد معارضو إبراهيم غالي الأمل على الأجهزة الجزائرية من أجل إلغاء هذا المقترح، الذي سيأتي على عصب الدعاية الجزائرية بخصوص توفر "بوليساريو" على مؤسسات ديمقراطية وشعبية ومزاعم تمثيلها للصحراويين. المقترح الثاني، والذي يبدو أن الجزائر ستعترض عليه أيضا بقوة، هو تجريد قادة النواحي العسكرية من صفاتهم القيادية، أي أن قادة الحركة العسكريين لن يكونوا أعضاء في الأمانة، بل يعينهم الأمين العام، حسب معايير وشروط يختارها هو، دون الرجوع إلى الأمانة الوطنية، وقد برر إبراهيم غالي هذه النقطة بأن القادة العسكريين عندما يكونون أعضاء في الأمانة الوطنية، تصعب عليه محاسبتهم، بل إن أغلبهم، خلال الفترات السابقة، استغل عضويته في الأمانة الوطنية لنسج علاقات غير عملية مع أجهزة حليفة، وهو يقصد هنا تقرب العديد من قادة الجبهة العسكريين من نظرائهم الجزائريين، الذين يستمدون منهم تعليماتهم مباشرة، وهو ما يضرب شرعيته، ويفضح عدم قدرته على التحكم في أجهزة حركته، وهذا ما لم يعد يخفى على سكان المخيمات، الذين باتوا ينظرون لإبراهيم غالي كمجرد مهرج عجوز لا يملك من أمره سوى الليالي الحمراء في رحاب الرابوني. ويفسر المتابعون لشؤون الرابوني ما يحدث حاليا في أروقة التحضيرات المترنحة لمؤتمر "بوليساريو"، وعدم خوض العسكريين الجزائريين حاليا فيها، على أنهم لم تعد عندهم سعة الصدر للمساهمة في مسرحيات عصابة الرابوني، ويفضلون إعطاءهم الفرصة لتفريغ نواياهم، قبل أن تتخذ زمرة شنقريحة قراراتها حول كيفية الخروج بخطة متماسكة لانعقاد المؤتمر المقبل، ومواصلة إدارة الشأن الداخلي لـ "بوليساريو"، خصوصا الخلافات العميقة بين القادة، الذين باتوا يتهافتون للتقرب من تيارات مختلفة داخل الأجهزة الجزائرية، ويشكون تجبر مساندي إبراهيم غالي، وسعيهم لإقصاء غير الدائرين في فلك القيادة الحالية من المشاركة في المؤتمر، مستغلين غياب الرموز الوازنة التي كانت عادة ما تتولى ضبط إيقاع مؤتمرات "بوليساريو"، مع ضباط الناحية العسكرية الجزائرية الثالثة، من أمثال سيد أحمد البطل، وعبد الله الحبيب البلال، وامحمد خداد، وهو ما يؤشر على أن هذه الطبعة من المؤتمر المسرحية ستكون حبلى بالمهازل والمواقف الساخرة.

خلافات عميقة تفجر مؤتمر “بوليساريو”

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

النقض والتأويل الخاطئ لتقادم جنحة خيانة الأمانة

"التريبورتورات" ... "خطافين الرواح"

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات