مطاردة قاتل في تسجيلات الكاميرات

محققون تابعوها إلى حدود الفجر لفك لغز مقتل فتاة والتخلص من جثتها كانت ليلة رمضانية عصيبة في 2016، على عناصر الشرطة القضائية لعين الشق بالبيضاء، بعد العثور على جثة داخل كيس بلاستيكي متخلى عنها بمطرح النفايات قرب مقر إذاعة عين الشق الشهيرة. كانت الجثة لفتاة في طور التحلل، ضاعت معها ملامح الوجه، ولا وجود لدليل واحد يعجل بتحديد هوية المتهم، لكن بذكاء وإصرار، تم فك لغز الجريمة صباح اليوم الموالي. بمجرد انتشار خبر العثور على جثة الفتاة، تقاطرت اتصالات مسؤولين أمنيين كبار على مقر الشرطة القضائية، تحمل كلها رسالة واحدة، الإسراع بإيقاف المتهم في ظرف قياسي مهما كلف الثمن، فبشاعة الجريمة أربكت الجميع. جثة مجهولة بعد أن كان قاطنو منطقة عين الشق منهمكين في تناول وجبة الإفطار في رمضان 2016، خرق صراخ جامع نفايات الصمت الذي خيم على جميع الأحياء والشوارع، مثيرا حفيظة حراس ليليين، سارعوا إلى المكان، ليكون الجميع أمام صدمة، جثة فتاة داخل كيس بلاستيكي كبير. في دقائق، حضر رجال الشرطة، وعاينوا الجثة، واستفسروا جامع النفايات، الذي أفاد أنه عاين الكيس البلاستيكي وتوهم أنه غنيمة، ولما فتحه صدم بجثة الضحية. تم ضرب طوق أمني على المكان وتكلفت عناصر الشرطة العلمية والتقنية بمسح مسرح الجريمة وجمع أي دليل قد يساعد على فك لغزها، وخلال معاينة الجثة تبين أنها في طور التحلل، وملامح وجهها ضاعت وغطاها السواد، ورغم ذلك أكد المحققون أن الضحية في العشرينات من العمر، وبتعليمات من النيابة العامة تم نقلها إلى مصلحة الطب الشرعي لتشريحها. اللغز والذكاء استنفرت الجريمة مسؤوليين أمنين كبارا بالبيضاء، الذين حضروا إلى مسرح الجريمة ما زاد الضغوط على المحققين باشروا التحريات في المكان للعثور على آثار أقدام أو عجلات، دون نتيجة، ليجد المحققون أنفسهم أمام سؤال/ لغز، كيف أحضرت الجثة إلى الخلاء؟ بعد تفكير طويل صاحبه تدخين سجائر عديدة، تنبه أحد المحققين إلى وجود كاميرات بمحلات تجارية ومنازل مقابلة لمسرح الجريمة، فاهتدى إلى فكرة ستكون المفتاح الذي سيقود لفك اللغز. طالب المسؤولون بجميع تسجيلات كاميرات المراقبة وحتى تلك الموجودة بالأحياء والشوارع المجاورة، وقرروا متابعة تسجيلاتها واحدة بواحدة طيلة الليل وإلى حدود الفجر. في أحد التسجيلات ظهر الفرج، شاب ملثم مع أذان المغرب، يجر عربة يدوية لنقل البضائع وعليها كيس بلاستيكي شبيه بالذي عثر فيه على الجثة. تم تتبع تحركاته في باقي التسجيلات إلى أن وضع الكيس قرب حاوية نفايات بالخلاء المذكور وغادر المكان مسرعا. تأكد المحققون أنه القاتل، فتعقبوا طريق عودته التي امتدت لمسافة كيلومترين، بدأت من حي الأسرة، مرورا بحي عثمان وتجزئة حمزة وحي مربوحة، إلى أن وصل إلى شارع طاح، حيث اختفى عن الأنظار. تزامن ذلك، مع نجاح الشرطة العلمية في تحديد هوية الضحية بناء على بصماتها، إذ تبين أنها تبلغ من العمر 23 سنة، وتتحدر من مديونة. سقوط المتهم انتقلت فرقة أمنية إلى منطقة مديونة للقاء أفراد عائلة الضحية، فتبين أنهم تقدموا بشكاية البحث لفائدة العائلة منذ فترة، وبعد الاستماع إليهم أكدوا أن ابنتهم الضحية كانت مخطوبة لشخص يعمل بمصبنة بشارع طاح بعين الشق، وهنا تأكد المحققون بشكل قاطع أن من ظهر في تسجيلات كاميرات المراقبة هو القاتل الحقيقي. ألهبت هذه التصريحات حماس المحققين، الذين انطلقوا في الحال إلى مصبنة بشارع طاح، وبمجرد دخولها، استقبلهم شاب عليه خدوش. بدا عليه الارتباك والتردد في البداية، لكن دون مقدمات اعترف لهم أنه من قتل الضحية وتخلص من جثتها في الخلاء، ورافقهم إلى مقر الشرطة القضائية دون مقاومة. وبعد تنقيط المتهم، تبين أنه ليس من ذوي السوابق، يتحدر من سوس، حل بالبيضاء للعمل بالمصبنة. حب وقتل كشف التحقيق مع المتهم، أنه وقع في حب الضحية من أول نظرة خلال زيارة قام بها لمديونة، ولتأكيد حسن نيته ورغبته في الزواج منها، تقدم لخطبتها من عائلتها. إلا أن علاقتهما ستشهد مدا وجزرا مع مرور الأيام، إذ أكد المتهم خلال التحقيق، أنه صار يضيق ذرعا بالمطالب المالية للضحية، لدرجة أنه كان يشعر أنه ضحية ابتزازها، إذ يضطر في النهاية للرضوخ لها. يوم الجريمة حلت الضحية بمقر عمله وطالبته بمبلغ مالي كبير، رفض هذه المرة الاستجابة لها، فتبادلا السب والشتم أمام أنظار مستخدمة زميلة له في العمل. وفي لحظة انفعال بسبب "الترمضينة"، أطبق على عنقها محاولا خنقها بكلتا يديه، فخدشت وجهه بأظافرها للتخلص منه، لتقع من أعلى الدرج إلى أسفل القبو، فبدأت تحتضر وفارقت الحياة، نتيجة كسر في الجمجمة. أمام تلك المصيبة، قام المتهم بلف جثة خطيبته في كيس بلاستيكي وركنها في القبو إلى حين إيجاد حل للتخلص منها، في الوقت الذي وعدته المستخدمة بالتزام الصمت ومساعدته. بعد ثلاثة أيام من الجريمة، غزت رائحة كريهة القبو بسبب تحلل جثة الضحية، فاستعار المتهم من صديقه عربة يدوية لنقل السلع وانتظر أذان المغرب، وقاد العربة بعد وضعه لثاما على وجهه، متعمدا المرور من شوارع وأحياء عديدة للتمويه، إلى أن وصل منطقة خلاء بحي الأسرة وهناك تخلص من الجثة. مصطفى لطفي

مطاردة قاتل في تسجيلات الكاميرات

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

المريني : الرقابة والحذر أخرا التلفزيون

المحطة الحرارية بالمحمدية... رجال تحت اللهيب!

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات