إضراب عن الطعام حتى الموت

سجين أنهى حياته بطريقة مأساوية لعدم تقبله الإدانة بناء على اعتراف مروج كوكايين تحولت المساطر الاستنادية أو المرجعية، في السنوات الأخيرة بالجهة الشمالية، إلى وسيلة ناجعة في يد متهمين في ملفات مرتبطة بالاتجار وتهريب المخدرات بشتى أصنافها، للإيقاع بخصومهم وجرهم للمساءلة، غالبا ما ينتهي التحقيق فيها إلى المتابعة والإدانة بعقوبات قاسية، رغم أن بعضها يكون عبارة عن مؤامرات ووشايات كاذبة، هدفها الانتقام والابتزاز أو تصفية حسابات شخصية. وتحتل المؤسستان السجنيتان بطنجة، الصدارة على الصعيد الوطني في عدد المدانين الذين وجدوا أنفسهم وراء القضبان بعد أن صدرت في حقهم عقوبات قاسية وصل بعضها إلى عشر سنوات سجنا. واستندت على مساطر مرجعية تضمنت تصريحات سجناء آخرين، اتهموهم فيها بالاتجار في المخدرات أو المشاركة، وانتزعت منهم اعترافات اعتمدتها النيابة العامة وقضاة التحقيق أساسا للمتابعة، قبل أن تتخذها المحكمة حجة كافية في تبني أحكام الإدانة، رغم تشبث المتهمين ببراءتهم وتأكيدهم على أن تصريحاتهم انتزعت منهم تحت تأثير الضغط أو الإكراه المعنوي الذي يصعب إثباته، ما يعتبر‭ ‬خرقا‭ ‬للمبادئ‭ ‬الدستورية‭ ‬والقانونية‭ ‬وضمانات‭ ‬المحاكمة‭ ‬العادلة. ومن بين الحالات التي توبع فيها أشخاص بمنطقة الشمال، بناء على مساطر بحث استنادية جرتهم إلى ردهات السجون، نجد قضية الشاب (ي.أ)، الذي لقي مصرعه بالمستشفى الإقليمي للامريم بالعرائش، نتيجة رفضه الحكم الصادر في حقه ودخوله في إضراب مفتوح عن الطعام إلى حد الموت. واعتقل الهالك، وهو من مواليد 1985 بطنجة، داخل أحد فنادق عاصمة البوغاز، بموجب مذكرة بحث عدد (19284/10309)، التي صدرت في حقه بناء على مسطرة مرجعية تضمنت اعترافات سجين يدعى (ي.ب)، الذي كان يقضي عقوبة سالبة للحرية مدتها سنتان حبسا نافذا من أجل جناية "الحيازة والاتجار في المخدرات الصلبة"، اتهمه فيها بمشاركته وتزويده بالكوكايين والأقراص المهلوسة، التي ضبطت معه عند إيقافه وهو متجه على متن القطار إلى البيضاء لتسليمها إلى زبنائه. ورغم أن الهالك، وهو متزوج وأب لطفلة، أنكر طيلة مراحل التحقيق المنسوب إليه وأكد أن القضية ملفقة ومفبركة، وامتنع عن التوقيع على المحاضر المنجزة من قبل الضابطة القضائية، قررت الغرفة الأولى باستئنافية طنجة إدانته وحكمت عليه بست سنوات سجنا، ليقرر بعدها الدخول في إضراب عن الطعام إلى أجل غير مسمى، احتجاجا على رفض الهيأة مواجهته بالمصرح. ورغم كل المحاولات التي قامت بها أسرته وإدارة السجن المحلي بطنجة لثنيه عن الاستمرار في الإضراب عن الطعام، رفض التراجع عن قراره وأمعن فيه، ليتم ترحيله إلى سجن القصر الكبير، حيث تدهورت هناك صحته نتيجة استمراره في الامتناع عن الأكل لأزيد من 50 يوما، ليدخل بعد ذلك في غيبوبة تامة حتمت نقله إلى المستشفى الإقليمي للامريم بالعرائش، ورغم كل المحاولات والإسعافات التي قدمت له من قبل الطاقم الطبي المعالج فارق الحياة. الخبر نزل كالصاعقة على أسرة الهالك، التي اتهمت إدارة السجن بتعذيب ابنها وعدم تقديم المساعدة والعناية اللازمة له أثناء اعتقاله ووجوده بالمستشفى المذكور، مؤكدة، في رسالة وجهتها لكل الجهات المعنية، أن ظروف الإسعاف لم تكن ملائمة لقواعد الصحة والسلامة البدنية، وطالبت بفتح تحقيق حول ظروف وملابسات الوفاة، ومتابعة كل من ثبت تورطه في تلك القضية. واستجابة لمطالب أسرة الهالك، أمر الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بطنجة، بإخضاع الجثة لتشريح جنائي وإعداد تقرير حول أسباب الوفاة، إلا أن النتائج جاءت صادمة وأكدت أن الوفاة ينعدم فيها العنصر الجرمي، ونتجت عن تعفن أنسجة الجسم جراء تكاثر مركبات كبريتية ونتروجينية ناجمة عن مضاعفات دخول الهالك في إضراب عن الطعام دام مدة طويلة، وهو ما لم تتقبله أسرة الضحية، وتشبثت ببراءة ابنها من الوشاية التي كانت سببا في محاكمته ووفاته، وطالبت بتعميق البحث فيها ومعاقبة المصرح حتى يكون عبرة لأمثاله من الذين يزجون بأبرياء في السجن، من أجل الانتقام. المختار الرمشي (طنجة)

إضراب عن الطعام حتى الموت

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

قرار جديد بشأن الدخول إلى سبتة ومليلية

المساطر الاستنادية... بدعة قضائية

مقالات ذات صلة