أداة للابتزاز والانتقام

سياسيون ومشاهير وأمنيون اعتقلوا وتوبعوا بناء على مساطر مرجعية أضحت المساطر المرجعية مقصلة تنتظر رقاب أشخاص مطلوبين للعدالة، يؤدون ثمنها من حريتهم وسمعتهم، بعد اعتقالهم ومتابعتهم بجنح أو جنايات، فقط لورود أسمائهم على ألسنة متابعين في ملفات مختلفة، أحيانا بدافع الانتقام وتصفية الحسابات أو دون توفر قرائن قوية. وتبقى قضايا مسك المخدرات والاتجار فيها، أكثر تفريخا للمبحوث عنهم بناء على مساطر مرجعية باعتبارهم مزودين لمحكومين بتهمتي الاستهلاك والترويج. وفي أحايين كثيرة تستعمل ورقة ضغط وابتزاز وانتقام وإسقاط رؤوس سياسية ومشاهير ومسؤولين في أجهزة مختلفة. رحلة البحث عن براءة من تجرهم للمساءلة القانونية اتهامات بارونات ومروجين للمخدرات، تطول فترات متفاوتة يذوقون فيها مرارة الاعتقال والانتظار وفوران الأعصاب و»شوهة» يصعب محوها اجتماعيا وحتى من نفسيتهم، ولو برئوا. في أحد أكبر ملفات المخدرات المعروضة على ابتدائية فاس ذكر متهمون رئيسيون أسماء أبناء أعيان وذوي نفوذ جروا للمحاكمة بمساطر مرجعية، وكثير منهم برئوا بعد محاكمات طالت كما هي حالة أول ملف للاتجار في المخدرات القوية، جر فيه مسؤولون سياسيون وأمنيون للمساءلة. نوفل شباط نجل عمدة فاس الاستقلالي السابق ومسؤول أمني وصاحب فنادق وذوو نفوذ، ذكرهم المتهم الرئيسي وحوكموا في حالة سراح وحكم عليهم ابتدائيا بثلاث سنوات حبسا نافذا، والغرامة لكل واحد منهم قبل تبرئتهم استئنافيا بعد شهور من «حرق» الأعصاب وانتظار الفرج والنجاة. وقس على ذلك حالة 11 أمنيا بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية بفاس، برتب ومسؤوليات مختلفة، أوقعت بهم مساطر مرجعية بعد ذكر أسمائهم على لسان بارونات بداعي تسلمهم مبالغ مختلفة، مقابل غض الطرف عن نشاطهم المشبوه في تجارة المخدرات. وتوبع الأمنيون أمام قسم جرائم الأموال وبعضهم قضى عقوبات حبسية متفاوتة، قبل أن يستعيدوا حريتهم، وشوهت سمعتهم، إذ برئوا بعد تراجع متهميهم عن اعترافاتهم بالتواطؤ، في واحد من أكثر ملفات الارتشاء الذي توبع فيه هذا العدد المتهم، بناء على مساطر استنادية. دركي بوجدة بدوره قضى 6 أشهر رهن الاعتقال في سجن بوركايز، لاتهامه بعلاقته المشبوهة مع بارون من ناحية تاونات توبع وأقاربه في ملفات متعددة للاتجار في المخدرات، قبل تبرئته من قبل القسم نفسه، عكس زميل له كلفته مسطرة مرجعية 5 سنوات من عمره، قضاها وراء القضبان. وأنجز الدركي محاضر ضد متهمه البارون، فانتقم منه بذكر اسمه باعتباره مسهل تهريبه لكميات متفاوتة من المخدرات عبر طرق تابعة لنفوذه. وذاك حال الكثير من المسؤولين الأمنيين الذين سقطوا ضحايا بارونات انتقموا منهم بذكر أسمائهم باعتبارهم متواطئين معهم أو مرتشين. وتحول مروجون للممنوعات خبروا كثيرا في التقاضي والابتزاز، إلى مشاهير في استعمال المساطر المرجعية، سلاحا لتركع أمنيين أو ابتزاز مشاهير وأبناء أعيان وذوي نفوذ، الذين عادة ما يخافون من جرهم للمحاكم ويقبلون بأداء ما يطلب منهم من مبالغ مالية نظير التراجع عن اتهامهم. ولا تلاحق المساطر الاستنادية هؤلاء وحدهم، بل يعتبر الطلبة النشطاء في الجامعة، من ضحاياها أيضا حتى بعد نيلهم الشهادات ومغادرتهم الجامعة، إذ يفاجؤون بإلقاء القبض عليهم أثناء محاولتهم الحصول على وثائق شخصية، بداعي أنهم مبحوث عنهم بموجب تلك المساطر التي تعود أحيانا لسنين. ويشكل الطلبة القاعديون أكثر الموقوفين بموجب مساطر ذات صلة باعترافات زملاء لهم اعتقلوا في أوقات سابقة، إما بداعي التحريض على العصيان أو المشاركة في مواجهات دامية وإدارتها والتجمهر المسلح وإهانة موظفين أثناء قيامهم بعملهم وتعييب أشياء مخصصة للمنفعة العامة. وطالما أنها أصبحت حبل مشنقة لأبرياء، فإن حقوقيين لم يخفوا قلقهم منها ويطالبون بالتعامل بالحكمة اللازمة وإجراء أبحاث سرية قبلية لأي إجراء يسبق تفعيلها، والتثبت عبر وسائل علمية دقيقة وتحقيق ناجع، احتراما لقرينة البراءة ولحماية الأشخاص المستهدفين بها. حميد الأبيض (فاس)

أداة للابتزاز والانتقام

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

حملة ترافع جديدة لإعادة تشغيل "سامير"

الاحتجاج على أزمة العطش يورط نشطاء

مقالات ذات صلة