مرصد إفريقي بالرباط لجمع وتحليل المعلومات وشراكة ملزمة مع الاتحاد الأوربي توج إنشاء المرصد الإفريقي للهجرة باقتراح من الملك محمد السادس، في يناير 2018، لمناسبة القمة الثلاثين للاتحاد الإفريقي، ريادة المغرب الإفريقية في موضوع الهجرة. وسيوفر هذا المرصد للقارة الإفريقية أداة فعالة تسمح لها بالاستجابة لحاجاتها الحقيقية والملحة وفهم وإتقان أفضل لظاهرة الهجرة، وكذا لتطوير عملية جمع وتحليل وتبادل المعلومات بين البلدان الإفريقية، ويسعى إلى مشاركة البيانات التي تم جمعها بهدف تحسين حالة المهاجرين وتعزيز العلاقة بين الهجرة والتنمية، من خلال نظام مترابط يشمل مختلف المناطق الفرعية والبلدان الإفريقية. وفي كلمة له خلال ندوة صحافية عقب مراسم تدشين المرصد، أكد ناصر بوريطة، وزير الخارجية، أن المرصد الإفريقي للهجرة الذي يقوم على "مهمة ثلاثية" تتجلى في الفهم والاستشراف والاقتراح، يعد "ثمرة سنتين من العمل الدؤوب والتعاون المثمر للمملكة مع مفوضية الاتحاد الإفريقي"، مشددا على أن افتتاحه جاء في "الوقت المناسب"، على اعتبار تزامنه مع اليوم العالمي للمهاجرين، كما يوجه "رسالة قوية" للمجتمع الدولي بشأن عزم المغرب وإفريقيا على إرساء حكامة أفضل للهجرة على المستوى القاري. وبخصوص استضافة الرباط لمقر المرصد الإفريقي للهجرة، قال بوريطة إن افتتاح المرصد يعد حدثا هاما على اعتبار "أنها أول مؤسسة تابعة للاتحاد الإفريقي يحتضنها المغرب منذ عودته إلى الاتحاد"، مسجلا "إنه يمكن للقارة الإفريقية الآن أن تفتخر بالتوفر على مرصد للهجرة خاص بها بغية تعزيز الحوكمة في مجال الهجرة". من جانبها، أعربت أميرة الفاضل، مفوضة الشؤون الاجتماعية في الاتحاد الأفريقي، نيابة عن جميع الأفارقة في القارة عن "امتنانها العميق" للملك محمد السادس، وللمملكة على الدعم والموارد المتاحة للمرصد، مشددة على أنه " لولا هذا الدعم، لما تم افتتاح هذا المرصد الذي سيصبح مركز امتياز على الصعيد الدولي"، موضحة أن المرصد يمثل بداية الجهود نحو إعداد بيانات متوازنة وذات صلة باحتياجات إفريقيا في مجال الهجرة، مشيرة إلى أن الهجرة المُدارة بشكل جيد يمكن أن تعود بالنفع على التنمية الاجتماعية والاقتصادية للدول سواء المرسلة أو المستقبلة للمهاجرين. وينتظر أن تحدث مفوضية الاتحاد الإفريقي هيأتين أخريين مخصصتين للهجرة وهما مركز للدراسات والأبحاث في باماكو بمالي ومركز عملياتي قاري في الخرطوم بالسودان. وفي الجانب المتعلق بوجهة الهجرة قالت متحدثة باسم المفوضية الأوروبية، إن الاحترام الكامل للحقوق الأساسية في إطار إدارة الهجرة والحدود، والشرطة والإجراءات القضائية، يعد قيمة مشتركة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، مؤكدة أن "المغرب شريك إستراتيجي وملتزم بالنسبة للاتحاد الأوربي، الذي يتعاون معه بشأن قضايا الهجرة منذ عدة سنوات. فإستراتيجيته الوطنية للهجرة واللجوء تعتبر واحدة من بين أكثر منظومات تدبير الهجرة تطورا اليوم، إن على المستويين التشريعي أو المؤسساتي، حيث مكنت من تسوية الوضعية الإدارية لآلاف المهاجرين وإدماجهم في المجتمع المغربي"، مع الإشارة إلى أن الجهود الملموسة المبذولة من قبل المغرب أتاحت، خلال النصف الأول من العام الجاري، منع آلاف حالات الهجرة غير الشرعية، وتم إنقاذ الكثير منها في عرض البحر، مضيفة أن المغرب قام أيضا بتفكيك عدد كبير من الشبكات الإجرامية للمهربين. وبعد تسليطها الضوء على المكانة التي يحتلها المغرب في المبادرات الجاري مناقشتها والمستقبلية للمفوضية، سواء في ما يتعلق بالهجرة الشرعية أو مكافحة الهجرة غير الشرعية، أكدت المتحدثة أن المفوضية "ستواصل عن كثب تتبع الجهود المبذولة من قبل المغرب لتدبير حدوده، وإنقاذ الأشخاص ومحاربة تهريب المهاجرين". وقالت المتحدثة "إن تعاوننا يركز في المقام الأول على تعزيز الحقوق وحماية المهاجرين واللاجئين في وضعية هشة، وعلى الدعم المؤسساتي لإدارة الهجرات، وإحداث آفاق اقتصادية، ودعم برامج الحركية القانونية بدائل للهجرة غير الشرعية". محاربة شبكات الاتجار بالبشر اعتبرت المتحدثة باسم المفوضية الأوربية، أن الميثاق الجديد للهجرة واللجوء يركز بقوة على هجرة اليد العاملة، مذكرة بأن المغرب تم تحديده واحدا من البلدان ذات الأولوية، إلى جانب كل من مصر وتونس، لإطلاق شراكة للمواهب، في إطار تعاون أوسع نطاقا يشمل جميع جوانب الهجرة، مذكرة بإطلاق شراكة متجددة بين المغرب والاتحاد الأوربي، في 8 يوليوز الجاري بالرباط، حول الهجرة ومحاربة شبكات الاتجار بالبشر، خلال لقاء جمع بين وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، والمفوضة الأوربية للشؤون الداخلية، إيلفا يوهانسون، ووزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي-مارلاسكا. وهي الشراكة المبرمة بعد أيام قليلة من الهجوم العنيف والمخطط له والمتعمد من قبل مهاجرين بالناظور، سعيا منهم إلى العبور بالقوة نحو مليلية، والذي جاء ليذكر بظهور أنماط عملياتية جديدة شديدة العنف، تعتمدها الشبكات الإجرامية للمهربين وبتعقيد ظاهرة الهجرة غير الشرعية. الحوار الأورو-إفريقي تعتبر المفوضية الأوربية أن "الشراكة العملياتية الجديدة لمكافحة تهريب المهاجرين بين المفوضية والمغرب، من أجل محاربة الاتجار بالبشر ستشمل، على الخصوص، دعم إدارة الحدود، وتعزيز التعاون الشرطي (بما في ذلك التحقيقات المشتركة)، والتحسيس بمخاطر الهجرة غير الشرعية وتعزيز التعاون مع وكالات الاتحاد الأوربي المكلفة بالشؤون الداخلية"، موضحة أن الشراكة العملياتية ستسعى، أيضا، إلى بلوغ أوجه تضافر مع الحوار الأورو-إفريقي حول الهجرة والتنمية (مسلسل الرباط)، الذي يشارك في رئاسته المغرب، ومع مجموعة الاستخبارات إفريقيا-فرونتكس (الوكالة الأوربية لحرس الحدود وخفر السواحل)، سعيا إلى تعزيز تبادل المعلومات بين الوكالات والمناطق، وتحسين القدرات العملياتية لتحليل المخاطر. ياسين قُطيب