المشجعون سيحرمون من الشرب والجنس وفنادق ترفض استقبال مثليين قطر في ورطة. والسبب كأس العالم التي تنظم فوق أراضيها في نونبر المقبل. وإذا كان هذا البلد الخليجي المسلم، استطاع تجاوز إشكالية تغيير تاريخ انعقاد هذا الحدث الكروي العالمي، بسبب الحرارة المفرطة التي يعرفها صيفا، والتي تستحيل معها إقامة مباراة في كرة القدم، فهو اليوم، يواجه إشكاليات أخرى أهم وأكبر، تضعه على المحك، أمام "الفيفا" من جهة، وأمام مواطنيه، من جهة أخرى. إن "المونديال" ليس حدثا رياضيا عالميا فحسب. إنه مجموعة طقوس واحتفاليات مقدسة لدى المشجعين الذين يبذلون الغالي والنفيس من أجل حضور فعالياته، من شتى بقاع العالم، حتى لو كان تنظيمه في "الربع الخالي". ولأن نسبة "الأدرينالين" تكون مرتفعة، وحماسة الجمهور جزء لا يتجزأ من اللعبة الأكثر شعبية في الكون، يحتاج هذا الجمهور إلى الرقص والغناء والشرب والجنس، سواء للتعبير عن فرحه في حال فوز منتخبه، أو الحزن والتعاسة، إن خسر. لذلك، فالسؤال الأكثر إلحاحا اليوم، لا يتعلق بالبنيات التحتية أو التجهيزات الرياضية، التي أزهقت آلاف الأرواح من بين العمال والمستخدمين، فقط من أجل أن تكون في مستوى الحدث، بل كيف سيتم تدبير عملية استقبال السياح والمشجعين، المعتادين على الغناء والرقص والشرب في الشوارع؟ كيف سيتقبل المواطن القطري، المحروم من شرب كأس جعة خارج بيته، خوف التعرض للسجن والاعتقال، لأن الخمر حرام في قطر وجريمة يعاقب عليها القانون، أن يرى أمام عينيه "المنكر"، دون أن يغيره، ودون أن تحرك سلطات بلاده ساكنا أمامه؟ كيف ستتعامل قطر مع المثليين الذين سيتقاطرون عليها بالمئات وكيف ستنظم عمليات ممارسة الجنس خارج إطار الزواج؟ لقد وعد المنظمون بتوفير الكحول للمشجعين، مع "ضرورة احترام القوانين المرتبطة بالشريعة الإسلامية"، والالتزام بتقديم تجربة شاملة لكأس العالم رغم أن قطر دولة محافظة. وهو وعد "عرقوب" مثلما يقول الخليجيون، أي لا يمكن الوفاء به، إذ كيف يمكن السماح بالشرب في الشوارع والمدرجات، في الوقت الذي يعاقب القانون القطري على السكر في الساحات العمومية؟ ثم ماذا عن القبل الساخنة بين "الكوبلات" في الشارع العام وفي الملاعب؟ والعري وطقطقة كؤوس الشامبانيا في الساحات؟ كيف يمكن للسلطات القطرية أن تسيطر على هيجان جمهور متعدد وذي ثقافة مختلفة تماما عن الطابع المحافظ والمتشدد لهذا البلد، الذي يملك من المال ما يسمح له بتنظيم تظاهرة كبرى بهذا الحجم، لكنه لا يملك من روح الاحتفال والترفيه شيئا لمواكبتها؟ كيف سيقبل المشجعون القادمون من بلدان الحريات، أن تقدم لهم الراح في كؤوس ملونة، حتى لا يتم التعرف على محتواها؟ وكيف سيكون ممنوعا عليهم الشرب في الشرفات؟ وكيف سيفهمون الأسماء الجديدة التي سيتم إطلاقها على قائمة الخمور، لكي لا ينزعج القطريون وهم يقرؤونها؟ من أين يمكن أن يشتروا كحولهم وهناك متجر واحد يبيعها تحت رقابة السلطات وعلى المشتري أن يكون حاصلا على ترخيص بذلك؟ كيف سيتقبلون هذه القيود التي ستنغص عليهم فرحة المشاركة وحضور تظاهرة عالمية مثل "المونديال"؟ ويبدو أن قطر ستتحول إلى سجن جماعي يضم جميع المشجعين الراغبين في حضور كأس عالمها، إذ كشفت صحف بريطانية أن السلطات ستمنع ممارسة الجنس، إلا بين زوج وزوجته، وإلا تعرض المخالفون للسجن سبع سنوات. والشيء نفسه يتم تطبيقه على المثلية الجنسية، علما أن "فيفا" طمأنت "مجتمع الميم" وأكدت أنه "مرحب به" في قطر، رغم أن تحقيقات صحافية كشفت رفض عدد من الفنادق المرخص لها باستضافة السياح في كأس العالم، حجز واستقبال أزواج من الجنس نفسه. يبدو كذلك أن "الفراجة" ستكون مضمونة خلال هذا العرس الكروي، سواء تعلق الأمر بمباريات كرة القدم، أو بما سيحدث على هامشها من سلوكات ستقف السلطات القطرية حائرة أمامها، ولسان حالها يقول "آش بينا وبين شي مونديال كاع؟". نورا الفواري