اختفاء برنامج إبادة الحشرات والحي المحمدي يتحول إلى نقطة سوداء تعايش سكان البيضاء مع البعوض، أو ما يعرف ب"شنيولة" والصراصير، فأكثر السلع استهلاكا لدى محلات بيع المواد الغذائية أو الأجهزة الكهربائية، تتمثل في المبيدات بمختلف أنواعها، بل إن مشهد الصراصير وهي تطير أو تزحف في المنازل أصبح مألوفا. في زمن الفيروسات والأمراض المعدية أصبحت البيضاء "مصنعا" لإنتاج الصراصير، ولا أحد من المسؤولين، سواء في مجلس المدينة، أو شركة التدبير المفوض المكلفة بالبيئة، سارع إلى إنقاذ صحة البيضاويين، علما أن العمدة السابق سبق أن تعهد بالقضاء على الحشرات، وأثنى، في ندوة صحافية حضرتها "الصباح"، على "جنوده" المتخصصين في الحشرات، فمدحهم كثيرا، وأشاد بأسلحتهم القادرة على الفتك بأشد الحشرات والأفاعي والكلاب شراسة، كما عاين الكمامات والملابس الواقية من كل شيء، والأسلحة الجديدة وأسطول السيارات "المصفحة" ضد المبيدات والدراجات السريعة. خصص مجلس المدينة، في ولايته السابقة، 10 ملايير لبرنامج "محاربة نواقل الأمراض والحيوانات الضالة"، في إطار "تنفيذ البرامج الهادفة إلى تطوير وتحسين الخدمات لفائدة البيضاويين، خاصة ذات الصلة المباشرة بصحتهم وسلامتهم"، لكن يبدو أن العمدة الحالية تتنصل من أي مسؤولية في انتشار هذه الزواحف والحشرات الطائرة، أما باقي المسؤولين في المقاطعات الجماعية، فيرجعون غزو الحشرات للمدينة إلى ترييف ضواحيها، وغياب التحسيس والتوعية. تحدد اتفاقية انتداب بين جماعة البيضاء وشركة التنمية المحلية للبيئة، حول محاربة نواقل الأمراض والمضار وجميع الحيوانات الضالة، برنامج عمل محكم ومندمج لتحقيق عدد من الأهداف، إلا أن البرنامج ليس إلا صورة للاستهلاك الإعلامي، فالكلاب الضالة في سيدي مومن تتجول بحرية، وبحيرة حي الألفة أصبحت "تصدر" الناموس والصراصير الطائرة إلى باقي الأحياء، بعدما أنهكت القاطنين بجوارها بأمراض الربو والحساسية، دون أن يتحرك المسؤولون لإنقاذهم. كشف البرنامج عن التزام شركة التنمية بمعالجة أزيد من 120 ألف بالوعة لمجاري الصرف الصحي لإبادة الفئران والقوارض بتنسيق مع "ليدك"، ومحاربة الحشرات الزاحفة في أكثر من خمسة آلاف كيلومتر من مجاري الصرف الصحي، و50 ألف كيلومتر من الشوارع والأزقة ضد الحشرات الطائرة والزاحفة، إلى جانب جمع أكثر من 30 ألفا من الكلاب الضالة في السنة. ولتحقيق هذه الأحلام تحدث البرنامج عن تعبئة الموارد البشرية الضرورية من أطباء وأعوان تقنيين ومستخدمين، إذ أخضع 92 موظفا ومستخدما لبرامج تكوينية نظرية وتطبيقية في ميادين تتعلق بالسلامة والتواصل، إضافة إلى توفير التجهيزات ووسائل العمل اللازمة، منها خمس مركبات مجهزة بآليات حديثة كبيرة الحجم متعددة الوظائف، و21 سيارة و17 دراجة كهربائية خاصة بوحدات مكافحة نواقل الأمراض، و10 سيارات كبيرة مجهزة لجمع الحيوانات الضالة، ومختبر مجهز بأحدث الآليات. اختفى البرنامج وعادت الحشرات إلى إحكام قبضتها على البيضاء، فيكفي أن الصراصير في الحي المحمدي، أصبحت تحلق مثل الفراشات، وزائر أزقة الفوارات والعنترية والسعادة والكدية يثير انتباهه أطفال يطاردون شيئا ما في الهواء، قبل أن يتأكد أنها صراصير تداعب شغبهم الجميل، وربما تختفي في المجاري المختنقة أو تتجول بين الأطعمة، دون أن يؤذيها الأطفال. خالد العطاوي