سيدي مومن القديم…مشتل الجريمة

غياب وسائل الإدماج والترفيه وطغيان العشوائي حولا المنطقة إلى فضاء للمنحرفين "ندمنا حتى شرينا وسكنا فسيدي مومن كيصحاب لينا مع هاد البني غاتزيان الوقت الساعة تكفسات"، "اللي بغا يعرف كيفاش كتعايش البرارك مع العمارات إجي لسيدي مومن القديم"، "خاص المنتخبين اتحركو باش إديرو حلول جدية ماشي ترقيعية والبوليس انظم دوريات لبلايص ولاو خطار على السكان قبل البراني"...جملة من عبارات الشجب والامتعاض التي عبر عنها عدد من سكان إقامات بالسكن الاقتصادي وجدوا أنفسهم في مواجهة واقع سيئ ظل مغلفا بوعود وردية لاستدراجهم لاقتناء شقق اقتصادية بهدف إنعاش جيوب مقاولين ورجال أعمال ومنتخبين استغلوا مخطط إعادة تأهيل المنطقة بعد أحداث 16 ماي 2003. العشوائي مفتاح الإجرام يكفي رئيس مقاطعة سيدي مومن بالبيضاء ورئيسة مجلس المدينة وعدد من المنتخبين الذين تم التصويت عليهم لخدمة المواطنين، القيام بجولة سريعة بسيدي مومن القديم، للوقوف على مشاهد فوضى التعمير التي تجعل سكان هذه المنطقة سواء بشقق السكن الاقتصادي التي أصبحت منتشرة كالفطر أو سكان دور الصفيح غارقين في أوحال الفقر وضنك العيش ومنغصات التهميش ومضايقات المنحرفين. "المزوق من برا أش خبارك من لداخل؟"...مثل مغربي يصلح إسقاطه على حال سيدي مومن القديم، الذي يتضمن مساحات كبيرة لعمارات السكن الاقتصادي، ما يجعل الزائر يعتقد أن حال سيدي مومن تغير من سيئ إلى أحسن، وأن المنطقة أصبحت تنتمي إلى مناطق التحضر، قبل أن يصدم بوجود عمارات عصرية تحيط بها دور الصفيح والقصدير، وهو ما يجعله يتأكد أن هذه الأحياء الإسمنتية التي أريد لها أن تكون عصرية لم تستطع مقاومة مظاهر الفوضى والتخلف التي بنيت على أنقاض العشوائي. "الظلام والخلا"...عشق المنحرفين "غير كطيح الظلام كنخافو على ولادنا وبناتنا من الكريساج والاغتصاب وصحاب البلية"..."واخا ناس البرارك الله اعمرها دار ولكن راه البراني كثر والقضية تخلطات"..."الخلا والقفار والظلام أكبر هوتة لصحاب البلية والشفارة"...صرخة عدد من مستجوبي "الصباح" الذين تحدثوا بقلب مفتوح للتعبير عن معاناتهم جراء سوء البنية التحتية للمنطقة التي يقطنونها، التي تستقطب المنحرفين لممارسة هوايتهم في تدخين المخدرات واحتساء الخمور بعيدا عن أعين المصالح الأمنية. وهي الحقائق التي اتفق عدد من سكان دور الصفيح معها، إذ اعتبروا أن التزايد العمراني لسيدي مومن القديم ببناء عمارات السكن الاقتصادي، كانا خطأ كارثيا حول حياة سكان "البراريك" والأسر التي اختارت المنطقة لامتلاك سكن بعيدا عن مصاريف الكراء (حولها) إلى جيحم لا يُطاق، فعوض أن تؤدي ثورة البناء والعمران التي شهدها سيدي مومن إلى تطور المنطقة تحولت إلى نقطة سوداء لا يمكن إخفاؤها بمساحيق التجميل البالية. وصف سيدي مومن القديم بالنقطة السوداء، لم يكن افتراء أو تحاملا أو حكم قيمة، بل جاء نتيجة المشاهد الصادمة التي عاينتها "الصباح"، والتي أكدت السمعة السيئة التي يحظى بها، كيف لا والمنطقة تحتضن فضاءات للمنحرفين والمدمنين على استهلاك المخدرات والخمور، كما أن بعض البنايات المهجورة والعشوائية ومناطق الخلاء اتخذت مرتعا لتجمع المشتبه فيهم وفضاء لترويج المخدرات وحيازة أسلحة بيضاء والسرقة. سوء البنية التحتية للمنطقة جعلها تصير مستوطنة لعشاق التجمعات المشبوهة التي تعتبر مسرحا لوقوع أحداث إجرامية، يستغل فيها الجانحون والجناة الظلام الدامس الناتج عن ضعف الإنارة العمومية بسبب الأعطاب التي تعانيها بعض الأعمدة الكهربائية وانعدام أخرى، في مشهد يجعل الزائر يعتقد أن سيدي مومن القديم قرية صغيرة أو ينتمي إلى المناطق النائية وليس ضمن المجال الحضري كما يروج له المنتخبون والمسؤولون بالعاصمة الاقتصادية. غياب وسائل الإدماج والترفيه "العام اللي جاك يقولو لينا غايتحيد هاد العشوائي وغاتزيان الوقت الساعة والو"، "الصورة أبلغ من أي تعليق تا حاجة ما تحمر الوجه فيناهي المرافق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لإدماج الشباب وتأهيلهم وحمايتهم من براثن التخلف والإدمان والضياع؟"...هي صرخات مواطنين سئموا من العيش وسط منطقة توقف فيها الزمن، إذ ما تزال عمارات السكن الاقتصادي بسيدي مومن القديم، تترنح وسط مظاهر البداوة من بينها إنشاء زرائب ومراع للمواشي وانتشار العربات المجرورة بالدواب التي سخرها أصحابها لنقل المواطنين نحو الأحياء السكنية، وهو ما يساهم في إغراق الإقامات السكنية في مظاهر البداوة. ولعل مشاهد العشوائي ومظاهر البؤس التي تغلب على منطقة سيدي مومن القديم، تكشف بما لا يمكن تكذيبه الواقع المزري، الذي يساعد على تفريخ الجريمة، ففي ظل غياب شركات ومصانع لتوفير فرص شغل لانتشال الشباب وأرباب الأسر من العطالة، وكذا غياب مرافق رياضية وثقافية وفضاءات للترفيه كالتي توجد بباقي مقاطعات العاصمة الاقتصادية، يجعل من "البلية" حلا مؤقتا لنسيان واقع مر لشباب أغلبه وجد نفسه بعد التخرج يعاني الملل وخيبة الأمل، ليدخل مضطرا إلى نادي "البطاليين" وأصحاب قلة مايدار" في محاولة لنسيان وضع لا يسر عدوا ولا صديقا. الاستهتار بالقانون لا تتوقف المظاهر السلبية التي تصنف منطقة سيدي مومن القديم ضمن النقط السوداء، عند سوء البنية التحتية والعشوائي وتجمعات المنحرفين والمشتبه فيهم، بل هناك سلوكات أخرى أضحت شبحا يقض مضجع سكان العمارات السكنية وكذا دور الصفيح، نتيجة ممارسات باعة متجولين استوطنوا الأزقة والشوارع، ومنحرفين اختاروا سياقة "التريبورتورات" والعربات المجرورة بالدواب، لإعالة ذويهم، لكنهم يمارسون أنشطتهم باستهتار بالقانون وعدم احترام الآخرين، ما يجعل النساء خاصة الشابات والفتيات ضحية لتحرشات فتوات تزداد حدة ممارساتهم اللا أخلاقية يوما بعد آخر. أما من قدر عليها العودة من العمل في ساعة متأخرة من الليل، فما عليها سوى استعطاف زملائها في العمل أو الإلحاح على زوجها أو أحد أفراد عائلتها، من أجل انتظارها بمجرد نزولها من سيارة الأجرة، لأن مغامرة عودتها بمفردها يمكن أن تنتهي بتحرش أو حادث سرقة، من قبل اللصوص المتربصين بالعائدين إلى بيوتهم تحت جنح الظلام وخلو الشارع من الحركة الدؤوبة، وهو الوضع نفسه الذي لا يستثنى منه الرجال والشباب الذين يواجهون مخاطر عنوانها "العصا والجزرة" فإما الارتماء في أحضان البلية واكتساب أصدقاء السوء ضمانا لحمايتهم واتقاء شرهم أو تفادي الوقوع في مظاهر الانحراف بعدم مخالطة "المشبوهين" والعيش على وقع الخوف من بطشهم. دوريات الشرطة...مطالب مستعجلة أمام هذا الوضع المقلق، طالب عدد من سكان سيدي مومن القديم، السلطات الترابية والأمنية بوضع حد لفوضى الباعة الجائلين وسائقي العربات المجرورة بالدواب والدراجات الثلاثية العجلات وأنشطة تجار المخدرات وتجمعات المنحرفين، ملتمسين تخصيص دوريات للشرطة تقوم بجولات داخل دور الصفيح وكذا الإقامات السكنية لعمارات السكن الاقتصادي ومناطق الخلاء المظلمة لما تشكله فضاءاتها من خطر يهدد سلامة وأمن المارة والسكان والضيوف. إنجاز : محمد بها

سيدي مومن القديم…مشتل الجريمة

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مكاسب الجولات الملكية الإفريقية

كرونولوجيا نجاحات

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات