السلطان في القمر… “خبر” أذهل المستعمر

استغلال الحب الجارف للملك الراحل محمد الخامس لتحويله إلى أسطورة يتحدث الآباء والأجداد عن رؤيتهم الملك الراحل محمد الخامس في القمر، ويجزمون أنهم رأوا السلطان، حينما تطلعوا إلى السماء، الأمر الذي يبين درجة تعلق المغاربة بمحمد الخامس واشتياقهم له، بعد نفيه إلى جزيرة مدغشقر، من قبل إدارة الحماية الفرنسية. استوطن السلطان قلوب المغاربة ورفعوه إلى رتب عالية، سهل على دهاة الحركة الوطنية ومنظريها الدينيين استغلال هذا الحب الجارف وتحويله إلى أسطورة أذهلت الاستعمار الفرنسي، نظرا لحجم التجاوب معها، علما أن فرنسا كانت تعلم أن الأمر يتعلق بخدعة بصرية، لكنها خدعة تمت بإتقان، وفشلت كل المحاولات لدحضها في الحين. ولضمان نجاح خطة المقاومين، كما يروي عدد من الباحثين، فإنهم جعلوا نقطة دقيقة تتوسط الصورة، إذ كانوا يحثون الناظر للتركيز عليها والإمعان فيها، ثم النظر إلى القمر، حيث تتراءى صورة الملك محمد الخامس على سطح القمر، والتي هي في الواقع ليست سوى انعكاس لما خزنته شبكة العين لحظة التركيز على النقطة الموجودة وسط الصورة. وكتب عدد من المؤرخين والباحثين المغاربة والأجانب عن الظاهرة التي عجلت بإجراءات عودة الملك إلى شعبه، إذ وصف الصحافي الفرنسي جون لاكوتوغ في كتاب له الظاهرة بانفجار الأسطورة، فعندما يكون الشوق للغائب قويا وعندما يكون حضور السلطان أقوى وهو في منفاه في كورسيكا، أو في مدغشقر وبرعت الحركة الوطنية المغربية في تقوية هذه الدعاية الوطنية. أما الباحث والإعلامي والمؤرخ الراحل محمد العربي المساري، فقال في مؤلفه "محمد الخامس: من سلطان إلى ملك" ، متحدثا عن الطريقة التي دخل بها السلطان إلى الأسطورة الشعبية، ف"عندما اشرأبت الأعناق في تطوان وفي غيرها من الحواضر والبوادي في شمال المغرب وجنوبه، في شرقه وغربه لرؤية السلطان المنفي على سطح القمر". وقدم مصطفى شكدالي، الأستاذ والباحث في علم النفس الاجتماعي، في أحد تصريحاته لموقع إلكتروني، تفسيرا علميا للظاهرة، يعتبر الأقرب إلى الواقع، فحسبه أن تفسير وفهم رواية رؤية محمد الخامس على القمر بشكل علمي يقتضي أولا الإشارة إلى المفهوم السيكولوجي الذي يعرف بـ"الإسقاط"، والذي من خلاله يقوم الفرد، أو الجماعة بإسقاط صورة أو رغبة نفسية داخلية ولاشعورية على شيء خارجي. بمعنى، يشرح شكدالي في الموقع نفسه، أن الصورة الداخلية تصبح مجسدة عن طريق ميكانيزم الإسقاط في الشيء الذي يكون موضوعا لها، لذلك فالذي نسميه تخيلا هو في العمق نتاج لهذه العملية. ولتبسيط التفسير الذي قدمه شكدالي، يضيف أنه بالإمكان رؤية صورة الملك الراحل في القمر، ليس على أساس أنها صورة حقيقية، ولكن كصورة إسقاطية. "فعندما ينظر الإنسان إلى القمر، سيرى بقع ضوء كثيرة قابلة لأن تحمل أي صورة يريد، أو بتعبير فلسفي مصادرة على المطلوب". وقال المتحدث "إن نفي الملك محمد الخامس وغيابه جعلاه يتحول في نفسية المقاومين والشعب إلى صورة، ومن ثم رؤيتها عن طريق إسقاطها على القمر، كما أنها اتخذت ربما أسلوبا في الفداء والمقاومة عن طريق تداولها على نطاق واسع، خالقة بذلك تهييئا سيكولوجيا جماعيا". من جهته، كشف أندري أزولاي، مستشار الملك، في أحد حواراته، عن خبايا ليالي تلك الفترة "كنا في الصويرة، نقفز من سطح منزل إلى آخر، فكنا نتلاقى مثل الأطفال الآخرين كلهم، وأتذكر أننا في الأمسيات كلها، كانت ثمة تظاهرات للمطالبة بعودة الملك محمد الخامس رحمه الله، كنا نشارك، وننشد ملكنا واحد… محمد الخامس، ونرى وجهه في القمر". خالد العطاوي

السلطان في القمر… “خبر” أذهل المستعمر

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

مأسـاة أسـرة بسبـب تسـرب الغـاز

النصب على شركات في الملايين

مقالات ذات صلة