fbpx
حوادث

جدوي: التقادم التأديبي لموظفي الأمن

عدم سقوط المتابعة التأديبية بالتقادم حيف محدق بموظفي الأمن الوطني 2/1

بقلم: أشرف منصور جدوي*

التقادم مبدئيا قائم على نوعين، تقادم مرتبط بالمخالفة التأديبية وتقادم مرتبط بالعقوبة التأديبية، ويشترك نظام تقادم المخالفة أو تقادم المتابعة التأديبية وتقادم العقوبة التأديبية في أن الموظف المعني يتخلص من آثار الجريمة التأديبية أو الهفوة المسلكية التي ارتكبها، حيث يمتنع بعد مرور تلك المدة على جهة التسمية والتي لها حق التأديب اتخاذ إجراء ما في حق ذلك الموظف، كما أنه بعد مرور مدة معينة على اتخاذ عقوبة تأديبية في حقه وعدم تنفيذها تكون قد سقطت بالتقادم.

وإذا كنا في المادة الجنائية نتحدث عن تقادم العقوبة، وتقادم الدعوى العمومية، فإن الأمر كذلك في القانون التأديبي، حيث نميز بين تقادم العقوبة التأديبية، وتقادم المتابعة التأديبية.

وعلى هدي هذه المقدمة سنحاول تقفي مؤسسة التقادم بين دفتي الظهير الشريف 1.09.213 المتعلق بالمديرية العامة للأمن الوطني والنظام الأساسي لموظفي الأمن الوطني، مع الاستئناس ببعض القوانين ذات الصلة على سبيل المقارنة والتوضيح.

أولا: التقادم في القانون الأساسي لموظفي الأمن الوطني
بالرجوع إلى الظهير الشريف 1.09.213 المتعلق بالمديرية العامة للأمن الوطني والنظام الأساسي لموظفي الأمن الوطني، فقد جرى التنصيص على التقادم في م 21 منه والتي جاء فيها: ” تصدر عقوبتا الإنذار والتوبيخ بقرار معلل للسلطة المختصة، دون استشارة المجلس التأديبي، بعد استفسار المعني بالأمر حول الأفعال المنسوبة إليه.

تتقادم هاتان العقوبتان بعد مرور فترة ثلاث سنوات من تاريخ إصدارهما، وتنمحي آثارهما القانونية تلقائيا، وينقطع التقادم إذا صدرت أية عقوبة أخرى ضده خلال هذه الفترة.”
هذا هو واقع التقادم في النظام الأساسي المذكور، إذ جرى التنصيص عليه في هذه المادة الفريدة فقط، والملاحظ أن القانون المذكور قد قلص من مدة تقادم العقوبتين المذكورتين مقارنة مع قانون الوظيفة العمومية، إذ حسب الفصل 75 من القانون الأخير فإن تقادم عقوبتي الإنذار والتوبيخ فقد حدد لهما المشرع مدة خمس سنوات، وإذا كان لكل نص قانوني فلسفة وغاية فإن فلسفة جعل التقادم محددا في ثلاث سنوات مردها ومرجعها إلى أن العمل الأمني محفوف بالمخاطر، ومهما بلغت حنكة الموظف وتجربته فإن الخطأ من قبله وارد بشكل قوي بالمقارنة مع باقي أصناف الموظفين، حيث يكفي أن رجل الأمن هو في حالة بمثابة عمل دائم 24 ساعة في اليوم و7 أيام في الأسبوع، وسندنا في ذلك المادة 16 من النظام الأساسي والتي جاء فيها: ” يلزم موظفو الأمن الوطني بالتدخل، من تلقاء أنفسهم، خارج أوقات العمل العادية، لتقديم العون لكل شخص في خطر، ولمنع وزجر أي عمل من شأنه المساس بالنظام العام، ولحماية الأفراد والجماعات من الاعتداءات على الأشخاص والممتلكات.

ويعتبر الموظف الذي يتدخل من تلقاء نفسه أو بناء على طلب أو استنجاد من الغير، بمثابة من يمارس مهام الوظيفة بغض النظر عن الساعة التي تم فيها التدخل ومكانه وظروفه”.

إن المادة المذكورة إن دلت على شيء فإنما تدل على الجاهزية التامة لرجل الأمن للعمل في أي ظرف زمانيا ومكانيا، بل إن المادة التي قبلها أي المادة 15 فإنه بموجبها يمكن دعوة موظف الأمن للعمل خارج أوقات العمل العادية سواء ليلا أو نهارا، ولربما كانت هذه الجاهزية التامة والعمل بهذا الشكل هو الباعث على جعل تقادم عقوبتي الانذار والتوبيخ محددة في ثلاث سنوات عوض خمس سنوات المقررة لباقي الموظفين الذين يسري عليهم قانون الوظيفة العمومية، ولما كانت هناك مسؤوليات جسام ومهام عظام يضطلع بها موظف الأمن فإن حتى تلك ثلاث سنوات المنصوص عليها تبقى طويلة وأدعو المشرع لتقليصها وجعلها محددة في سنتين خاصة إذا علمنا أن تلك العقوبة من شأنها التأثير في مسار الترقي للموظف المذكور.

* محام بهيأة البيضاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى