الفريق حصل على درع البطولة الوطنية في 1973 وبلغ نصف نهاية كأس العرش يرتبط اسم بني ملال بفريقها الرجاء، الذي كان يجمع أبناء المدينة ويوحد اهتماماتهم، سيما الذين كانوا يستقرون في مدن أخرى، حيث يلتقون في موعد المباريات، التي يجريها الفريق بمدينتهم، ويحتفلون بلقائهم وذكرياتهم مع اللاعبين الذين بصموا تاريخ كرة القدم بإنجازات رياضية، لم تتحقق للفريق بعد، وتحولت إلى حلم يراود المسيرين الذين كانوا يدبرون أزماته، قبل أن يفكروا في إيجاد السبل لنهضته الكروية. كلما تحدثنا عن فريق رجاء بني ملال، يقفز إلى أذهاننا إنجازه التاريخي الوحيد، بحصوله على درع البطولة الوطنية سنة 1973 /1974، وبلوغه نصف نهاية كأس العرش، في أكثر من مناسبة، قبل تتوالى النكسات والمآسي، التي توجت بنزوله إلى قسم الهواة، وكان الفريق يسير بخطى حثيثة نحو نهايته التاريخية، بعد أن تخلى عنه الجميع في جمع عام لم يحضره إلا بعض محبيه، وانبرى عبد الله العلمي لاحتضان الفريق وإنقاذه من السكتة القلبية. حقق رجاء بني ملال حلم الصعود من القسم الشرفي في 1957 إلى القسم الوطني الثاني، وقضى بهذا القسم تسع سنوات (1957 – 1966)، بعدها صعد الفريق إلى القسم الوطني الأول لأول مرة في تاريخه. حظي لاعبو ومسيرو والرجاء الملالي باستقبال ملكي من قبل المرحوم الحسن الثاني بمنتجع عين أسردون، ولم يمكث الفريق الملالي بهذا القسم سوى موسمين (66 - 68)، ليعود الفريق من حيث أتى إلى القسم الوطني الثاني، الذي قضى فيه سنة واحدة، ثم عاد من جديد إلى القسم الوطني الأول موسم (68 - 69). ظل الفريق وفيا لنهجه في غياب رؤية واضحة لمسيريه الذين يتعاقبون عليه في ظل غياب الدعم المالي، إذ لا يمكث في القسم الوطني أكثر من سنة، ليعود إلى القسم الوطني الثاني وظل وفيا لنهجه أكثر من عقد من الزمن وفقد الفريق بذلك هويته بعد أن فشل في الاعتماد على لاعبيه المحليين، الذين يعتبرون الركائز الكبرى لضمان الاستمرارية وتحقيق الإنجازات المنتظرة. أنعش الفريق الملالي آماله وتمسك بمكانته في القسم الأول لمدة سبع سنوات، أحرز فيها إنجازات غير مسبوقة، في مقدمتها حصوله على بطولة المغرب لموسم (73-74)، التي أهلته للمشاركة في كأس محمد الخامس في نسختها الحادية عشرة، وأنجب رجاء بني ملال لاعبين كبارا، ضمنوا مكانتهم في الفريق الوطني، (أحمد نجاح، محمد مازي، المرحوم الحاج كبور الودغيري)، فضلا عن لاعبين بلغوا العالمية مثل حسن فاضل الذي لعب في صفوف فريق مايوركا الإسباني. نجح الفريق في فرض لعبه واسمه ضمن قائمة الفرق الوطنية الكبرى التي كانت تخشى مواجهته لتوفره على لاعبين محليين أنجبتهم ملاعب الأحياء بالمدينة، وكانوا يقدمون لفريقهم كل ما يملكونه دون إصرار على المقابل، وكانوا يكتفون بالقليل من المنح التي تقدم لهم، قبل أن ينتدب رجاء بني ملال لاعبين لم يقدموا الشيء الكثير للفريق الذي أصابه العقم ولم ينجب لاعبين من أبناء المدينة، الذين كانوا لا يثقلون كاهل ميزانية الفريق، التي كانت سببا في نزوله إلى الدرجات السفلى. رفض مسيرون الإشراف على فريق مثقل بالديون والمشاكل، قبل أن تتدخل الولاية والمجالس المنتخبة (المجلس الجهوي، المجلس البلدي، المجلس الإقليمي) فضلا عن بعض الجهات المانحة، في أكثر من موسم لإنقاذ الفريق من أزماته المالية الخانقة، والتي ساهمت في تراجع مستوى فريق كان مهاب الجانب. سحر كرة القدم يرغم محبي فريق رجاء بني ملال على التعلق بناديهم، رغم مشاكله المتعددة، وهو انتماء تكشفه مباريات فريق رجاء بني ملال، التي يحج إليها آلاف المعجبين الذين يساهمون في انتعاش مالية فريقهم، الذي أنهكته التدابير الاحترازية لوباء "كوفيد 19"، ونجم عن حرمان عشاق الفريق من متابعة مبارياته تذمر كبير مدة موسمين كرويين، افتقدت فيها مدرجات الملعب الشرفي لبني ملال، حماس جمهور متميز، كان يمنح الدفء والفرجة للملعب الشرفي الذي يعم مدرجاته صمت رهيب. وتخلو مبارياته من سحر الكرة التي تفتقد إلى المعنى، في ظل غياب حماس وتشجيعات المتفرجين الذين يحجون بالآلاف، فضلا عن فترة التداريب. رجاء بني ملال يشبه عنقاء الرماد، كلما أحرقته ينبعث من جديد من رماده، ليعلن التحدي، ويفرض وجوده في لعبة لا تضمن التكافؤ أحيانا، بسبب تدخل عدد من العوامل تحولت في نهاية الأمر إلى بنية قائمة الذات لا فكاك عنها. الصعود إلى القسم الأول قبل ثلاثة مواسم، حقق فريق رجاء بني ملال الصعود إلى القسم الوطني الأول بعد قضائه سنوات عجاف في القسم الوطني الثاني، ولم يصمد إلا موسما واحدا في قسم الصفوة، لينزل بعدها إلى القسم الوطني الثاني مثقلا بالمشاكل والديون، وقضى موسما كارثيا كاد يكلفه الاندحار إلى قسم الهواة، وتمكن في آخر مباراة له من ضمان البقاء، وإعلانه منافسا على لقب البطولة في القسم الوطني الثاني، بعد أن تحرر من بعض مشاكله، وسدد ديونه بدعم من والي الجهة، الذي لم يدخر جهدا في حفز شركائه لتوفير الدعم المالي للفريق الذي تمكن بفضل شركائه من المجالس المنتخبة (الجهوي والحضري والإقليمي)، فضلا عن مسيريه الجدد، واستقرار إدارته التقنية، من تجاوز مشاكل عديدة وأدائه أجور ومستحقات كل مكونات الفريق، متفوقا على فرق رياضية على الصعيد الوطني، ونجاحه في تدبير حكامة مالية ناجعة جنبته مشاكل كان في غنى عنها. رتبة متقدمة يحتل فريق رجاء بني ملال حاليا، رتبة متقدمة في البطولة الاحترافية للقسم الوطني الثاني، وينافس كلا من فريقي المغرب التطواني واتحاد تواركة على إحدى ورقتي الصعود إلى القسم الوطني، بعد أن ضمن استقراره المادي والتقني وتجانس مكونات مكتبه المديري، الذي لا يدخر جهدا في توفير متطلبات لاعبيه الذين يتوصلون بأجورهم الشهرية، ولم تتبق في ذمة الفريق سوى أربع منح ينتظر تسويتها مع اللاعبين في الأسابيع المقبلة. لن يتخلص فريق رجاء بني ملال من مشاكله التي ورثها من الماضي، فضلا عن تسيير فاشل خلق مشاكل عدة للفريق، حالت دون بناء فريق قوي يصارع من أجل العودة إلى قسم النخبة، إلا باعتماد سياسة التكوين والاعتناء بالفئات الصغرى، وتعيين مدربين أكفاء ينقبون عن المواهب الصاعدة، ويتعهدهم بالرعاية الشاملة، وبرمجة تظاهرات رياضية على صعيد الجهة لاكتشاف اللاعبين الموهوبين، بعد تبين فشل سياسة انتداب رجاء بني ملال للاعبين، لا هم لهم إلا كسب المنح، إضافة إلى اختيار مسيرين يملكون رؤى ثاقبة ويضعون برامج عمل محددة الأهداف وفق ميزانية تراعي خصوصيات الفريق الذي مازال يعتمد في تدبير موارده المالية على دعم المجالس المنتخبة، مع البحث عن بناء مشاريع للفريق تضمن موارد موالية قارة. منشآت رياضية ومركز للتكوين تعد الأيام المقبلة بانطلاقة قوية لفريق رجاء بني ملال، بعد إطلاق أشغال العديد من المنشآت الرياضية بالأقاليم الخمسة للجهة، من بينها ملاعب للقرب، وعلى وجه الخصوص بناء المركز الجامعي للتكوين في كرة القدم ببني ملال، الذي تقدر تكلفته الاستثمارية الإجمالية بـ80 مليون درهم. وسيضمن المشروع الجديد للفريق ممارسة كروية محترفة تعتمد على تكوين اللاعبين، الذين يستنزفون إمكانيات مالية هامة، سيما أن المعهد سيضمن لهم تكوينا محترفا، وسيستفيد الرجاء من خدماتهم من خلال توقيع النادي شراكة مع المعهد الجديد. إعداد: سعيد فالق (بني ملال) - تصوير: (عبد اللطيف مفيق)