تأخر المشاريع … تبديد للمال العام

تعطل منشآت «سي دي جي» وراء جر مسؤولين كبار إلى غرف جرائم الأموال طفت على السطح في السنوات الأخيرة، فضائح تدشين مشاريع وعدم إخراجها إلى الوجود، ليتحرك القضاء أو لجن التفتيش التابعة لقطاعات حكومية مختلفة، لنفض الغبار عن أسباب ذلك. هذه التقارير جرت كبار المسؤولين بمؤسسات حيوية على رأسها رؤوس كبيرة بصندوق الإيداع والتدبير "سي دي جي"، بعد التأخر في مجموعة من المشاريع أبرزها المركب السياحي "شيدي" بالفنيدق، ومدينة "باديس بالحسيمة" الذي جر مسؤولين كبارا إلى غرف جرائم الأموال الابتدائية بالرباط وفاس، بتهم التبديد واستغلال النفوذ والمشاركة في ذلك. إنجاز: عبد الحليم لعريبي القاعدة القانونية تقول "لا يعذر أحد بجهله للقانون" هذه العبارة تجر وراءها العديد من الأشخاص إلى القضاء، لمحاكمتهم وفقا لتكييفات النيابة العامة وقضاء التحقيق، كل حسب المنسوب إليه. هذا المثل ينطبق على مشاريع تخص صندوق الإيداع والتدبير بمجموعة من المدن، التي جرت وراءها مسؤولين كبارا بالمؤسسة المالية والفروع التابعة لها ويتعلق الأمر بالشركة العقارية العامة وإليانس دارنا والقطب المالي للمؤسسة ومهندسين بشركات مختلفة تابعة للمجموعة، وأخرى تعاقدت مع "سي دي جي" لإنجاز المشاريع الكبرى. تأخر مشروع سياحي بالفنيدق كان مقررا فتحه في 2017، وراء تحريك الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، البحث في ظروف وملابسات تعطل المشروع، بدأت بإيفاد لجنة تفتيش إلى المشروع، والتي خلصت إلى ارتكاب العديد من الخروقات المتداخلة بين مجموعة من الشركاء، وبعد الاطلاع على التقرير، تبين أن ما يزيد عن 21 خرقا ارتكب بعد إعطاء انطلاقة المشروع، ليتم اتخاذ قرار بإحالة القضية برمتها على النيابة العامة من أجل فتح بحث في الموضوع، وترتيب الآثار القانونية في حق كل من ثبت في حقه ارتكاب تجاوزات ترقى إلى جرائم مالية، فكانت التهمة "تبديد أموال عمومية". قطف الرؤوس الكبيرة تزامنا مع تأخر المشروع السياحي "باديس" بالحسيمة والذي أطاح بالرئيس المدير العام لمؤسسة صندوق الإيداع والتدبير ومدير الشركة العقارية العامة، وأحيل رفقة 25 شخصا على الوكيل العام للملك بفاس، وعرضه على قضاء التحقيق المكلف بجرائم الأموال، وجد المسؤولان نفسيهما مع 11 متابعا أمام غرفة جرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بالرباط، وكيفت قاضية التحقيق بالغرفة الخامسة المكلفة بالتحقيق في قضايا جرائم المال العام، المتابعة للرئيس المدير العام والمدير العام للشركة العقارية إلى تبديد أموال عمومية واستغلال النفوذ، كما توبع الآخرون بجريمة المشاركة في التبديد. مشروع في مهب الريح وجد المسؤولون المتابعون أنفسهم أمام جرائم مالية في مشروع "شيدي" بالفنيدق الذي وضع له الحجر الأساس على مساحة 7.2 هكتارات ضمن إستراتيجية التطوير السياحي بالمنطقة الشمالية عن طريق تهيئة واد نيكرو، وهو مركب يتكون من 45 فيلا و66 غرفة يتم تسييرها من قبل شركة ذات علامة تجارية عالمية في التسيير الفندقي والسياحي، إذ كان مقررا الانتهاء منه في أبريل 2012، غير أن هذه العملية تم تأجيلها إلى غاية صيف 2017، أي بتأخير خمس سنوات، وبعدها توقف المشروع الذي لم تتعد الأشغال الكبرى به 5 بالمائة من الإنجاز. "باديس"... تشييد مجمع مغشوش وبالنسبة إلى المشروع السكني بالحسيمة "باديس" الذي فجره مهاجرون مغاربة بأوربا، بعدما اقتنوا عقارات مباشرة بعد الاطلاع عليها بمعرض ببروكسيل البلجيكية، إذ أثناء عودتهم لأرض الوطن اكتشفوا أن معايير المشروع المقدمة لهم في المعرض لا تتطابق مع ما جرى إنجازه على 54 هكتارا بالمدينة، وأن هناك تأخرا في الإصلاح وإنجاز المرائب الخاصة بالشقق والعمارات والبقع الأرضية، أفضى إلى تدخل ملكي قضى بتشكيل لجنتين من وزارة الداخلية والمالية توجهتا إلى المنطقة، واكتشفتا فعلا وجود اختلالات ب18 شقة، ليحال الأمر على الوكيل العام للملك بفاس، وفقا للتقارير المنجزة، والذي أناط بدوره البحث بضباط المكتب الوطني لمكافحة الجرائم المالية والاقتصادية التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالبيضاء. ووجد المسؤولون أنفسهم أمام اتهامات خطيرة ترتبط بالتبديد والتزوير، ليحالوا على المحاكمة بعد اقتناع قاضي التحقيق المكلف بجرائم الأموال بالاتهامات المنسوبة إلى كل طرف، ومازالت القضية معروضة على غرفة الجنايات الاستئنافية بعد الحكم ابتدائيا على الرئيس المدير العام للمجموعة وأيضا مدير الشركة العقارية العامة بسنة حبسا نافذا، فيما برأت الغرفة الابتدائية المتابعين الآخرين، لكن النيابة العامة استأنفت ضدهم المتابعة. ضرورة احترام الجدولة الزمنية يرى إبراهيم منقار، محام من هيأة الرباط ودكتور في الحقوق، أن عدم احترام الجدولة الزمنية في إنجاز مشروع ما، يعتبر فعلا مخالفا للقانون ويصل إلى حد جريمة تبديد المال العام، لأنه يكلف الدولة مبالغ مالية مرتبطة بزمن آخر، تجاوز الزمن المحدد في إنجاز المشروع، طبقا للصفقة المحددة لذلك. وأوضح منقار أن أغلبية المشاريع الملكية تكون فيها مراقبة جد صارمة، والمشروع الملكي يحظى بتتبع المؤسسة التي تعمل على تدشينه، لكن المشاريع الحكومية هي من تتفشى فيها ظاهرة التأخر في انطلاق المشاريع، ولهذا القانون لم يعذر أحدا، فالمسؤول يجب عليه احترام الحيز الزمني لإخراج المشروع وفقا للجدولة الزمنية لأن ذلك يعتبر تبديدا، وهو في حد ذاته سوء تسيير مرتبط بطرق غير مشروعة لاستغلال المال العام. وتبقى بنظر المتحدث نفسه أن هناك طرقا متعددة مرتبطة بسوء التسيير وأيضا استغلال النفوذ الوظيفي من أجل الثراء غير المشروع، عبر التأخر في إنجاز الصفقات العمومية، كما يبقى الأمر مرتبطا بخيانة الأمانة عبر تلقي الرشاوي وعدم النزاهة في إبرام الصفقات والتلاعب بالمناقصات العمومية وعدم شفافيتها، وهذه الممارسات تعد من الأساليب المعاقب عليها قانونيا، مضيفا أن المشرع المغربي حاول مسايرة الدول الكبرى في المعاقبة على ذلك، كما حاول إيجاد أساليب للوقاية منها، "وهنا نتحدث عن رشوة الموظفين العمومية وتجريم الغدر واستغلال الوظيفة". ويشير المحامي نفسه إلى أن هناك ثغرات مازال أصحاب عديمي الضمير يلجؤون إليها من أجل تحقيق أغراضهم ومصالحهم والثراء بأموال الدولة، وهذه الطرق من بينها "زمن إعداد المشروع" وإيعازه لحوادث فجائية والقوة القاهرة، وهذه مبررات تعتبر من قبيل الثغرات التي يستغلها هؤلاء. محام بهيأة الرباط: عــقــوبــات مــخــفـفــة بعدما أدانت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بفاس، الرئيس المدير العام لصندوق الإيداع والتدبير بسنة حبسا نافذا رفقة مسؤول الذراع العقاري للمؤسسة وبغرامة 5000 درهم لفائدة خزينة الدولة، اعتبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمعلقون ;ن أن العقوبة كانت مخففة ولم تتلاءم مع حجم الضرر الذي لحق المهاجرين المغاربة سيما ببلجيكا. وعلقت فتاة اسمها كريمة "سنة حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 5 آلاف درهم لكل واحد منهما، وذلك في ملف ما بات يعرف بـ"فضيحة مدينة باديس" بالحسيمة. بدون تعليق العدالة غائبة في الدول المتخلفة"، وهي ضمن التعليقات التي اعتبرت أن ملف باديس تضمن عقوبة لم تكن في محلها. أما المعلق الذي يقدم نفسه باسم محمد كتب أنها أحكام غير عادلة «6 سنوات من التحقيقات والجلسات..كلفت الدولة ميزانية هامة. ونال أغلب المتهمين البراءة باستثناء الرئيس والمدير العام الذي حكم كل منهما بسنة حبسا نافذة و غرامة ليست في مستوى هذا الملف الضخم الذي قدر بحوالي1000مليار . في انتظار مرحلة الاستئناف ثم النقض قد يمكنهما من الحصول على البراءة" يقول الكاتب نفسه. أما المعلق الذي قدم نفسه باسم مواطن باللغة الفرنسية كتب "كلمة حق في السيد العلمي أنه رجل نزيه وجد محترم فكيف لكم أن ترموه وتقذفوه بغير علم".

تأخر المشاريع … تبديد للمال العام

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

جريدة الصباح

يمكنكم مطالعة المقال بعد:

أو مجانا بعد

رئيس شباب الحي الحسني يستقيل

مصرع طفل في صهريج بصفرو

مقالات ذات صلة

انت تستخدم إضافة تمنع الإعلانات